اتسمت الميزانية العامة للدولة 2016 بالواقعية والشفافية التامة، والتخطيط للمستقبل بشكل متزن ومرن ودون تأثير على حياة المواطنين، وبما يحقق الاستمرار في عمليات التنمية الشاملة، وبخاصة في القطاعات ذات الأهمية والأولوية كالتعليم والقطاع الصحي والقطاعات المرتبطة بشكل مباشر باحتياج المواطنين وخدماتهم.
الميزانية التي تم الإعلان عنها في بداية يناير الجاري جاءت في ظروف وتحديات وتغيرات في أسواق النفط العالمية، ومتسقة مع الخطة الخمسية التاسعة ( 2016 - 2020 )، وجاءت محققة للكثير من الآمال والتطلعات المستقبلية، ومؤكدة توجه الحكومة لمواصلة الخطط والبرامج التنموية الملحة والضرورية في جميع المجالات.
وأظهرت أرقام الميزانية قدرة السياسة الاقتصادية في مواجهة الأزمة، التي يواجهها العالم بسبب بطء نمو الاقتصاد العالمي وتراجع أسعار النفط، والحرص على تنويع مصادر الدخل ودعم القطاع الخاص وتمكينه من أداء دوره في التنمية، والذي نأمله أن يتحقق على أرض الوقع.
إن إجراءات ترشيد الإنفاق، التي صاحبت الميزانية والمتمثلة في خفض الإنفاق الحكومي وتنمية الإيرادات غير النفطية، من خلال رفع معدلات الضريبة على أرباح الشركات، ومراجعة ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية، وتعديل أسعار المنتجات النفطية بما يتوافق مع الأسعار العالمية، أمر مقبول، وسيكون لها أثر إيجابي على تقليل العجز في الموازنة حتى ولو أن العجز المقدر بـ 3.3 بليون ريال عماني إلا أننا على يقين وبتفاؤل كبير بأن القائمين في وزارة المالية والجهات الأخرى قادرون على تخطي هذه الأزمة، وقد أثبتت الأزمات السابقة ذلك.
إن المسؤولية الوطنية تكمن في المحافظة على ما تنعم به بلادنا من أمن واستقرار لمواصلة مسيرة النماء والازدهار، حيث إن أرقام الميزانية تعكس ضبط الإنفاق لمواصلة تنفيذ المشروعات، كما أنها تؤكد استراتيجية الدولة الاقتصادية لجعلها متوازنة على الرغم من هبوط أسعار النفط.
وتزامنت الميزانية العام الجاري إعلان الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) التي احتوت على ما يزيد عن 500 برنامج وسياسة، ستسعى إلى تنويع الاقتصاد العماني إلى قطاعات مثل الصناعات التحويلية والتعدين والنقل والسياحة، وتهدف إلى خفض مساهمة صناعة النفط في الناتج المحلي الإجمالي إلى 22 بالمئة من 44 بالمئة حاليا وخفض مساهمة الغاز الطبيعي إلى 2.4 من 3.6 بالمئة حاليا، وبالتالي من الأهمية بمكان تعزيز دور الشراكة بين القطاع العام والخاص في هذا الشأن، وتطوير منظومة القوانين الاستثمارية والضريبية بخاصة ما يتعلق برؤوس الأموال الأجنبية، إذا ما علمنا أن متوسط الاستثمارات السنوية سيبلغ نحو 28 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ومن المتوقع أن تبلغ الاستثمارات المجمعة على سنوات الخطة الخمسية الحالية إلى نحو 106 بلايين دولار، مقابل 99 بليون دولار في الخطة الخمسية السابقة.
ونأمل من الأرقام التقديرية بالموازنة أن تكون داعمة في تحقيق الأهداف المتوخاة في الخطة الخمسية التاسعة، من أجل المضي بمسيرة البناء والعطاء المباركة قدمًا بكل ثقة واقتدار لتحقيق أهدافها وبرامجها وسياساتها البناءة بقيادة مولاي جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي ينظر إلى المواطن على أنه أساس التنمية الحقيقية ومحورها.