مسقط - يوسف البلوشي - محمد سليمان
أكد خبراء ومختصون أن قياس مؤشرات الأداء الاقتصادية الكمية والنوعية، ضرورة يفرضها الوضع الراهن، معتبرين أن توازن السوق والحركة التجارية هي المؤشر الحقيقي لقياس الأداء.
وبيّن الخبراء أن قياس مؤشرات الأداء يساهم في تسريع وتيرة النمو وتعزيزها في الاتجاه الإيجابي.
نمو اقتصادي
في البداية أكدت عضوة اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة، المكرمة بدرية بنت إبراهيم الشحية أن المؤشرات الشاملة للأداء الاقتصادي هي مجموعة تحليلات تهدف لمعرفة دور التخطيط والسياسات في رفع مستوى التنمية الاقتصادية في البلاد، وكذلك إن استخدمت بطريقة فعالة قد تؤدي لتغيير السياسات المثبطة للنمو الاقتصادي.
وتولي الكثير من الدول أهمية خاصة لهذه المؤشرات ومدى قدرتها على التنبؤ بنجاح جهود التنمية ورفع مستوى المعيشة، ففي العام 2008 مثلاً، شكّل رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي لجنة لبحث طرق قياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، ورأستها مجموعة من ألمع الاقتصاديين، منهم اقتصاديون حاصلون على جائزة نوبل وقد أصدرت اللجنة تقريراً يوضح خطورة الاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر منفرد لتقييم النمو الاقتصادي ومعدلات الرفاه الوطني، كما أن النمو الكمي للاقتصاد لا يعبّر بالضرورة عن حالة الرخاء ومستوى المعيشة، أي أن زيادة الإنفاق على السلع والخدمات لا يعني بالضرورة ارتفاعاً في معدلات الرخاء بنفس النسبة، فعلى سبيل المثال، ستؤدي زيادة الإنفاق على منظومة الصحة والأمن إلى زيادة الناتج المحلي ولكن ليس بالضرورة أن يرتفع مستوى المعيشة نتيجة لتلك الزيادة.
وقد أشاد صندوق النقد الدولي في فترة ما، مستدلاً ببعض معدلات النمو الاقتصادي، بالإصلاحات الاقتصادية في بعض دول ما يسمى بالربيع العربي وتوقع نتيجة ذلك ارتفاعاً في مستويات الرخاء، ولكن ذلك لم يحصل نتيجة انعدام المساواة وارتفاع الفساد.
وعليه فإن استخدام مؤشرات محدودة ومعينة وغير شاملة لا يعطي بالضرورة انطباعاً عن تحسن جهود التنمية، فارتفاع مؤشر البورصة أو انخفاضه، على سبيل المثال، ليس دليلاً كافياً على تحسن الاقتصاد الكلي أو تدهوره، إذ إن ارتفاع مؤشر البورصة أو انخفاضه، يمثل ربحاً أو خسارة في القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المطروحة في البورصة، ولا يمثل تغيراً فعلياً في جيوب المستثمرين. كذلك فإن مؤشر زيادة الاحتياطي النقدي ليس بالضرورة مؤشراً على تحسن الأداء الاقتصادي، في حالة ما إذا كان مصدر تلك الزيادة هو الاستدانة.
وأضافت: أن قراءة وتحليل المؤشرات الاقتصادية بشكل سليم ومتكامل يتم بدون الاعتماد على المؤشرات التقليدية فقط، وإنما على مجموعة المؤشرات الجديدة أيضاً ما يساعد على تخطيط أفضل وأكثر فعالية.
وعندما أتكلم عن المؤشرات الجديدة فهي بدائل تشمل فئات مختلفة من المؤشرات مثل: معدلات المساواة والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، وجودة الصحة والتعليم ومدى صلاحية البنى الأساسية، بالإضافة إلى مجموعة المؤشرات التقليدية مثل: متوسط دخل الفرد، الدين الداخلي والخارجي، معدل التضخم والبطالة ومؤشرات سوق العمل وغيرها. وكل ما يسهم في تحليل تلك المؤشرات المختلفة بشكل شامل ومؤثر في الاقتصاد، ومدى تأثير تلك المتغيرات على المواطن ورفاهيته.
تفاصيل فنية
من جانبها أكدت المديرة العامة للمديرية العامة للمعلومات بالمركز الوطني للإحصاء والمعلومات سوسن بنت داود اللواتية أن المركز يعمل على بناء مؤشرات لقياس الأداء التنموي في السلطنة كاختصاص أصيل له، وفقاً للمرسوم السلطاني رقم 40/ 2014 القاضي بإصدار نظام المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وأضافت اللواتية أن قياس مؤشرات الأداء بات مطلباً للتأكد من مستوى تحقيق الأهداف التنموية، مشيرة إلى أن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يقوم حالياً بنشر بعض المؤشرات التنموية المرتبطة بالإستراتيجية طويلة المدى الثانية عبر بوابته الإلكترونية العامة، ويبقى على الجهات ذات الاختصاص معرفة الأسباب التي أدت إلى تحقيق تلك المؤشرات دون غيرها.
وبيّنت اللواتية أن الإحصائيات والمعلومات التي يتوصل إليها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يقوم بإرسالها إلى الوحدات المعنية لمتابعة تنفيذ الخطط التنموية المعتمدة، كما يقوم المركز بنشر بعض تلك الإحصائيات في نشراته المختلفة للاطلاع العام، لإيمانه بضرورة مشاركة المجتمع بتلك المعلومات، وإمكانية استخدامها في البحوث والدراسات المختلفة.
وأكدت اللواتية على أن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات سيواصل دوره في تلبية احتياجات ومتطلبات الدولة من الإحصاءات الرسمية والمعلومات الموثقة في مختلف المجالات التنموية بما يمكّن المؤسسات المعنية من استخدامها لأغراض التخطيط ووضع السياسات وإعداد البرامج الوطنية المختلفة، مضيفة أن المركز أصبح يتمتع بكفاءات بشرية وإدارية وفنية عالية يمكن أن تساهم في قياس مختلف المؤشرات المحلية والعالمية.
وتطرقت اللواتية إلى وجود مشاريع عدة يعمل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات على إنجازها، منها: رصد ومتابعة مؤشرات أهداف التنمية المستدامة 2030 والتي صادقت عليها دول العالم في القمة الأممية المنعقدة في سبتمبر 2015 وبدأ تنفيذها عام 2016، وبرنامج العنونة وغيرها من البرامج التي ستساعد في دفع مسيرة التنمية في السلطنة.
أبعاد أخرى
الخبير الاقتصادي عبدالقادر عسقلان، أكد أن الحكومة تكشف بوضوح عن إحصائيات الأداء بصورة دائمة فيما يتعلق بالميزانيات، والصادرات، والواردات، وفي الغالب يجري الإفصاح عن هذه الأرقام للجمهور، لكن بشكل عام فإن الأداء الاقتصادي تتجلى ملامحه في نشاط الأسواق ورضا التجار ورجال الأعمال عن السوق والحركة والاقتصادية.
وبيّن عسقلان أن ما يؤثر على ذلك هو القوانين والأنظمة التي تسهّل عملية الاستيراد والتصدير وتخفيف الأعباء عن أصحاب الأعمال، ومتابعة القوانين التي تصدر بين الحين والآخر والتي من شأنها أن تؤثر على سير حركة الأعمال.
وأضاف أن الأرباح هي الفاصل في مؤشرات الأداء، كما أن النشاط الاقتصادي، وعدم خروج رؤوس الأموال للخارج هي المؤشر الحقيقي للأداء.