«حقوق الإنسان».. أداة لممارسة الضغوط السياسية

الحدث الأربعاء ١٦/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٠ ص

عواصم –

دعا مرزوقي داروسمان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، لمحاكمة الزعيم كيم جونج أون وكبار المسؤولين في البلاد لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في الدولة المعزولة عن العالم. وقال لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جلسة قاطعتها كوريا الشمالية إن الدولة توجه موارد ضخمة لتطوير أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل في حين لا يحصل العديد من سكانها على كفايته من الغذاء.

وقال داروسمان مشيرا إلى تقريره الصادر الشهر الفائت للمجلس الذي يضم 47 عضوا في جنيف «أريد أن أؤكد مجددا مناشدتي للمجتمع الدولي للمضي قدما لضمان محاسبة القيادة العليا في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بمن فيهم السيد كيم جونج أون».

يذكر أن وزير الخارجية الكوري الشمالي ري سو- يونج عاد إلى بلاده، بعد مقاطعته اجتماع لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة المنعقد في جنيف والذي انطلق الأسبوع الفائت.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية عن سو-يونج، قوله في كلمة ألقاها في جنيف إنه نظرا لامتلاك بيونج يانج رادعا نوويا وعسكريا قويا، لا تملك الولايات المتحدة وغيرها من الدول خيارا آخر سوى تحويل القضية إلى قضايا سجل حقوق الإنسان في البلاد مؤكدا أن بلاده سترد بحزم على أي شخص أو دولة تستغل حقوق الإنسان كأداة سياسية.
وكان وزيـــر الخارجيــة ري سو يونج قد غادر بيونج يانج وتوجه إلى جنيف للمشاركة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان الدولي، المقرر أن يستمر حتى 24 مارس، ولكنه قاطع الجلسة في وقت سابق.. قائلا إنها ملوثة سياسيا.

حرب كلامية

من جهة أخرى ردت الصين على هجوم شنته الولايات المتحدة على سجلها لحقوق الإنسان واستعانت بأكاديميين موالين للحكومة وجهوا لواشنطن سيلا من الاتهامات بدءا من دعمها لتنظيم داعش وحتى كونها دولة عنصرية يحكمها الأثرياء. وثار غضب الصين الأسبوع الفائت حين انتقدت الولايات المتحدة و11 دولة أخرى في الأمم المتحدة سجلها في حقوق الإنسان واحتجازها الناشطين والمحامين.

وخلال مؤتمر صحفي نظمته إدارة الإعلام في حكومة بكين لصحفيين غالبيتهم صينيون انبرى أربعة أساتذة جامعيون لمهاجمة الولايات المتحدة لانتقادها للصين وآخرين الذي دمغوه بالنفاق.
وألقى ليو هاينان مدير معهد حقوق الإنسان التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية مسؤولية «موجة الهجرة» التي تعاني منها أوروبا على التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط وهو ما أجبر الناس على ترك «بيوتهم الجميلة».
وقال ليو «فكروا في الأمر: بعض الجماعات المتطرفة الموجودة الآن ومنها تنظيم داعش لم تكن لتوجد لو لم يدعمها الأمريكيون من البداية من الخلف».
وأضاف أنه في الداخل تعيش الولايات المتحدة نفسها مشكلة مروعة مع العنصرية حيث قتلت الشرطة العام 2015 نحو ألف شخص «غالبيتهم كانوا ملونين».
كما هاجم تشانج جيان نائب مدير مركز أبحاث حقوق الإنسان التابع لجامعة نانكاي النظام الانتخابي الأمريكي وكيف تتحكم فيه لجان سياسية تمولها شركات كبرى ذات مصالح. وقال «الفرص تتقلص أكثر وأكثر أمام مشاركة أناس عاديين في الانتخابات».

أداة سياسية

في أكتوبر من العام 2014 قال أمين لجنة حقوق الإنسان الإيراني محمد جواد لاريجاني إن حقوق الإنسان تحولت إلى أداة بيد الغرب لممارسة الضغوطات السياسية على إيران ومواجهة إنجازات البلاد وتطورها.

واعتبر محمد جواد لاريجاني خلال الاجتماع السادس لحقوق الانسان اقيم تحت عنوان «المنظمات غير الحكومية وسمو حقوق الإنسان» اعتبر أن حق اختيار نهج الحياة وحق التنمية بانهما حقان هامان للغاية للشعوب في قضية حقوق الإنسان.
واضاف أن إحدى المهام الرئيسية للجنة حقوق الإنسان هي الدفاع عن هذين الحقين للشعب الإيراني وان من حق الشعب الإيراني بشكل مؤكد بان يتمتع بنمط حياته الخاصة به وحقه في التنمية في أعلى المستويات في حين أن الغرب قد انتهك هذا الحق بطرق مختلفة وتجاهله.
واعتبر تثبيت هذين الحقين واستيفائهما لإيران في الأوساط الدولية بانه إحدى مهمات لجنة حقوق الإنسان قائلا إن الغربيين يعتقدون بان التنمية والتقنيات الحديثة ملك للمجتمعات المتقدمة وانه لا يحق للآخرين امتلاك تقنيات مثل التقنيات النووية لذلك فان حق التنمية يعتبر قضية يجب أن ندافع عنها في الأوساط الدولية.
واشار الى تحريف قضية حقوق الإنسان واستغلالها قائلا إنه ليس هناك مصطلح مدافعي حقوق الإنسان في أي وثقية تتعلق بحقوق الإنسان لكن الغربيين استطاعوا تثبيت هذا المصطلح عن طريق تكراره حيث من المؤسف انهم يقدمون بعض الأشخاص الذين شاركوا في الممارسات الإرهابية ولهم صلات بالإرهابيين البارزين على انهم مدافعو حقوق الإنسان وقد حولوا هذا المصطلح إلى مصطلح رائج حيث يعرفون كل معارضي الجمهورية الإسلامية في إطاره.
على الجانب الآخر قالت الأمم المتحدة، منذ يومين إن هناك قمعا لحقوق الإنسان في إيران ويجب الضغط عليها، كما أن هناك إعدامات لبعض الأشخاص، ولم يتم التجاوب مع الشكاوى الخاصة بها، لافته إلى أنه يجب تقييم القضاة في إيران قبل السماح لهم بإصدار أحكام وذلك وفق ما أفادت قناة «سكاي نيوز عربية».

مصالح

طالب الكاتب الإيراني الألماني بهمان نيروماند، في كتابه «ذريعة حقوق الإنسان» الدول الغربية بعدم ربط سياستها تجاه الشرق الأوسط بأهداف اقتصادية وسياسات عملية بالدرجة الأولى، بل بالمبادئ الديمقراطية الأساسية التي كان الغرب نفسه مهداً لها.

يصف بهمان نيروماند حقوق الإنسان بأنها «أروع ما أنجزته الإنسانية طوال تاريخها الممتد لآلاف السنين». لكن ما هي قيمة هذا الإنجاز إذا لم يبنِ الغرب – مهد الديمقراطية وحقوق الإنسان – تصرفاته عليها؟ أو، وهو الأسوأ، أن يتستر بها من أجل تحقيق مصالحه الاقتصادية أو الجيوسياسية؟
يركز نيروماند في كتابه على علاقة الدول الغربية بالشرق الأوسط، وينتقد من خلال سرد مفصل وناقد وغني بالحقائق سياسة الولايات المتحدة وأوروبا في المنطقة، ومن خلال ذلك يطفو إلى السطح سؤال حول ما إذا كان الغرب قد تخطى بالفعل تفكيره الاستعماري تجاه المنطقة.
وعلى سبيل المثال، يقتبس بهمان نيروماند الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، الذي تحدث عن «حرب صليبية على البربرية»، في إطار إعلان «الحرب على الإرهاب»، الذي جاء رداً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بالإضافة إلى حديث رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك، سيلفيو برلسكوني، عن «سيادة حضارتنا الغربية وتفوقها»، والتي يجب على أساسها فرض النموذج الغربي على المجتمعات الإسلامية. وهذا جسَّد الإسلام بصورة عدائية كبيرة.

أكثر من مكيال

إن الحروب المثيرة للجدل في أفغانستان والعراق، وتصوير إيران كالشيطان وكعدوة للعالم بأسره، إضافة إلى التحيز المطلق لإسرائيل والجهل بمصير الفلسطينيين، كل هذه المواقف سببها الأنانية الغربية، بحسب ما يكتب بهمان نيروماند. أما فرضية تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، فلا تلعب في حقيقة الأمر سوى دوراً ضئيلاً، هذا إذا لم يتم تجاهلها بالمطلق.

وإلى ذلك، فقد ارتكب الغرب انتهاكات أخلاقية ومعنوية، مثل تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن «أبو غريب». ويضيف نيروماند في كتابه: «إن الخرق الواضح للمبادئ الأخلاقية وجّه ضربة قاصمة لسمعة الغرب، ولاسيما للولايات المتحدة، التي كانت تعـــــتبر حاضنة للحرية والديمقراطية. فأي الحكام سيتعامل اليوم بجدية مع اتهامات الغرب له بالمساس بحقوق الإنسان؟».
كما أن تجارة السلاح، التي تقوم بها حكومات غربية على مستوى واسع في مناطق الحرب بالشرق الأوسط، تتناقض بكل تأكيد مع المبادئ المعلنة لهذه الحكومات والتي تركز على دعم الاستقرار في الدول العربية.