موسكو تتحرّك لإعادة «إعمار سوريا» مع واشنطن

الحدث الأحد ٠٥/أغسطس/٢٠١٨ ٠٣:٠٣ ص

واشنطن - رويترز

كشفت مذكرة للحكومة الأمريكية أن روسيا استخدمت قناة اتصال مع أكبر جنرال أمريكي لتقترح تعاون خصمي الحرب الباردة السابقين في إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين إلى البلاد.
وتشير المذكرة التي أطلعت عليها رويترز إلى أن الاقتراح أرسله في 19 يوليو رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري جيراسيموف إلى رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال الأمريكي جوزيف دنفورد.
ولقيت الخطة الروسية، التي لم يتم الكشف عنها من قبل، استقبالا فاترا في واشنطن. وقالت المذكرة إن السياسة الأمريكية يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويكشف الاقتراح كيف أن روسيا، التي ساعدت في تحوّل دفة الحرب لصالح الرئيس بشار الأسد، تضغط الآن على واشنطن وآخرين للمساعدة في إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرته. ومثل هذا الجهد من شأنه أن يعزز على الأرجح سيطرة الحكومة السورية على الوضع.
وجاء في المذكرة "يقول الاقتراح إن النظام السوري يفتقر إلى المعدات والوقود والمواد الأخرى والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل استيعاب عودة اللاجئين". وأشارت المذكرة إلى أن الاقتراح يتعلّق بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية فحسب.
وتبنّت الولايات المتحدة في 2011 سياسة تقوم على ضرورة أن يترك الرئيس السوري بشار الأسد السلطة لكنها تابعت بعد ذلك قواته وهي تستعيد، بدعم من إيران ثم من روسيا، السيطرة على الأراضي وتعزز وضع الأسد.
ورسمت الولايات المتحدة خطا بشأن مساعدات إعادة الإعمار، قائلة إنها يجب أن تكون مرتبطة بعملية شاملة تتضمن إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة إضافة إلى انتقال سياسي في سوريا. وتلقي الولايات المتحدة باللوم على الأسد فيما حلّ بسوريا من دمار.
وامتنع مكتب دنفورد عن التعليق على الاتصالات مع جيراسيموف.
وقالت المتحدثة الكابتن باولا دون "وفقا للقواعد المتبعة وافق الجنرالان على إبقاء تفاصيل محادثاتهما سرية".
ولم يرد الكرملين ولا وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق.
وقتلت الحرب في سوريا نحو نصف مليون شخص وأدّت إلى فرار نحو 5.6 مليون شخص خارج البلاد ونزوح نحو 6.6 مليون شخص داخلها.
وقالت المذكرة التي ركّزت بالأساس على الخطة الروسية بشأن سوريا "الولايات المتحدة لن تساند عودة اللاجئين إلا إذا كانت آمنة وطوعية وبكرامة".
ووفقا لأحد تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار سوريا ستتطلب جهودا هائلة تتكلف 250 بليون دولار على الأقل.
ويعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين أن اعتماد سوريا على المجتمع الدولي من أجل إعادة البناء إضافة إلى وجود قوات أمريكية وقوات تدعمها الولايات المتحدة في منطقة في سوريا يعطي واشنطن موقف أفضلية فيما يسعى دبلوماسيون لإنهاء الحرب من خلال التفاوض.

قناة اتصال عسكرية
قدّم هذا التطوّر لمحة نادرة لقناة الاتصال العسكرية بين موسكو وواشنطن وهي قناة حاول دنفورد نفسه بكل السبل أن يبقيها أمرا خاصا.
وأكد دنفورد، الذي يتحدّث دوريا مع جيراسيموف، على أن الجيشين بحاجة إلى التواصل بشكل سري وخاص لتجنّب أي سوء فهم يمكن أن يؤدي لمواجهة مسلحة بينهما.
لكن لم يتضح ما هو موقع إعادة البناء واللاجئين من سياق التواصل بين الجيشين. ويشير خطاب جيراسيموف إلى أن موسكو تستخدم القناة أيضا لطرح موضوعات غير عسكرية.
وناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ملف سوريا وموضوع اللاجئين في قمة جمعتهما في 16 يوليو في هلسنكي. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن المحادثات ركّزت على "كيف يمكننا إعادة اللاجئين".
لكن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس قال الأسبوع الفائت إن القمة لم تسفر عن تغييرات في السياسات المتبعة. وقالت مذكرة الحكومة الأمريكية بوضوح إن الاقتراح الروسي ليس "نتيجة" لمحادثات بوتين وترامب لكنها حذّرت من أن مسؤولين روسا يحاولون عرض الأمر بشكل مختلف.
وقالت المذكرة "شارك دبلوماسيون روس ومسؤولون آخرون في حملة شرسة لوصف المبادرة في عواصم أخرى بطريقة توحي بأنها نتيجة القمة الأمريكية الروسية في هلسنكي. وهو ليس صحيحا... نكرر ليس صحيحا".
وأضافت المذكرة أن خطابا ملحقا من روسيا بالمقترح أرسل إلى دنفورد يوصي بأن تغيّر الولايات المتحدة وروسيا والأردن الغرض من مركز أقيم لمراقبة اتفاق لوقف إطلاق النار في 2017 ليصبح غرضه "تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذ خطة إعادة البناء وعودة اللاجئين".
ويستضيف الأردن أكثر من 650 ألف لاجئ سوري.
وأضافت المذكرة الأمريكية أن الخطاب الروسي يقترح أيضا أن تشكّل الولايات المتحدة وروسيا مجموعة مشتركة لتمويل تجديد البنية الأساسية في سوريا.