وأما بنعمة ربك فحدث!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠١/أغسطس/٢٠١٨ ٠٢:١٨ ص
وأما بنعمة ربك فحدث!

علي بن راشد المطاعني

دشن مغردون في دولة خليجية هشتاق أصبح الأوسع انتشارا بعنوان (تدهور القبول في الجامعات) أعربوا فيه عن استيائهم من صعوبة الالتحاق بالجامعات والكليات حتى بالنسبة للطلبة الذين أحرزوا نسبا عالية.

وفي المقابل وفي السلطنة فإن العكس هو الصحيح، فالقبول متاح داخليا وخارجيا حتى أصحاب النسب المتدنية فإنهم يجدون فرصة لينالوا تعليما عاليا، هي بالقطع معطيات وحقائق ترغمنا على الوقوف احتراما وتقديرا وإعزازا للجهود التي تبذلها الحكومة في إتاحة التعليم العالي لأغلب الطلبة والطالبات، فالتعليم العالي يحتل اهتماما كبيرا من القيادة الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- ولعل أعداد القبول في الجامعات والكليات في داخل السلطنة وخارجها تستوعب كل أعداد المتخرجين من الدبلوم العام، وربما وهو خير دليل على شمولية التعليم العالي في البلاد، فسنويا يتم التنافس عبر مركز القبول الموحد على ما يقارب الـ30.000 فرصة في مؤسسات التعليم العالي في السلطنة وخارجها، في حين أن 41.575 طالبا وطالبة تقدموا لامتحانات الدبلوم العام نجح منهم 32.000 وبنسبة نجاح 83.9%، وبالمقارنة بين إعداد الناجحين في الدبلوم والفرص التي تتاح سنويا يظهر لنا بجلاء توافر فرص الدراسة الجامعية لكل الناجحين، وأكثر إذا أخذنا في الاعتبار هناك من لا يرغب يواصل دراسته وهناك من يتزوج، وآخرين يدرسون على نفقة الأهل وإلى غير ذلك من الحالات بمعنى أن النسبة بين الناجحين بالدبلوم والمقبولين في الدراسات الجامعية متساويتان، وهذا في حد ذاته يعد إنجازا ضخما مقارنة مع ماهو واقع في المجتمعات الخليجية التي تعاني من ضآلة الفرص التعليم العالي كما هو يطرح في وسائل التواصل الاجتماعية آخرها الهاشتاق الذي اطلق خلال الأيام القليلة الفائتة.

وفي إطار هذه الحقائق الرائعة وباعتبار أن الحكومة قد وعدت ووفت لقناعتها أن أي تطور أو تقدم ورقي لن يحدث ما لم يغدو التعليم العالي متاحا للجميع بغير استثناء، ليبقى التحدي معقودا على الطلبة ليظهروا امتنانهم وتقديرهم للحكومة من خلال المثابرة والجد والاجتهاد في التحصيل، وذاتها المسؤولية ملقاة على عاتق أولياء الأمور لمتابعة أبناءهم والحرص على تهيئة الأجواء المناسبة لهم للتركيز على الدراسة دون غيرها.
نقولها بوضوح أنه بالرغم من الظروف الاقتصادية المعروفة التي تمر بها المنطقة فإن الحكومة كانت ولا زالت حريصة على المحافظة على توفير كل متطلبات التعليم العالي عبر رصد الميزانيات الكافية وحتى يحافظ على مستواه النوعي المميز.
ومن الجوانب المشرقة في التعليم العالي والتي تستحق أن يشار إليها بالبنان هي حقيقة أن مركز القبول الموحد الذي عمل على إيجاد نظام إلكتروني موحد للقبول أسهم في تساوي الفرص وتأكيد عدالة التوزيع ‏بين الناجحين في الدبلوم العام وبدون أدنى تدخل بشري يذكر، هذا النظام يعد الأفضل عالميا وفق تقييمات منظمات دولية متخصصة في هذا الشأن وأنهى مرحلة التذمر والشكوى من عدم استتباب أركان العدالة في القبول.
بالطبع الجهود المبذولة في مجالات التعليم عبر كافة مراحلها ومستوياتها تتحدث عن نفسها بنفسها، ولن نستطيع أن نوفيها حقها من الإشادة فهي أكبر من كل الكلمات ويبقى الطرف الآخر يتحمل مسؤوليته في الاجتهاد والتحصيل العلمي.
نأمل صادقين أن يقدر الجميع هذه الجهود العظيمة في هذا الشأن العظيم وهو التعليم فهو رهاننا الأوحد في أن نوجد دولة الرفاهية والتقدم والرقي، وبالتالي فإن المسؤولية هي بالقطع تضامنية يشارك فيها كل أبناء الوطن عبر الإيمان المطلق بأن التعليم ولا غيره هو العنوان الأثير لعُمان الحاضر والمستقبل.. ولا نجد في هذا الصدد إلا الاستعانة بقول الله عزوجل في محكم كتابه الكريم {وأما بنعمة ربك فحدث} صدق الله العظيم.