مغامرات مبرمجي الألعاب

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:١٣ ص
مغامرات مبرمجي الألعاب

مات سميث

هذا العام، أصبحـت شركـــة طماطم الأردنيـــة أحدث شركـــة ناشرة لألعــاب الهـــاتف النقــّال فـــي منطقة الشرق الأوسط تنجح فـــي جـــذب استثمـــارات ضخمـــة، إذ جمعـــت تمويلا إضافيـــا بقيمـــة 2.5 مليون دولار أمريكي في ظل سعي المستثمرين المغامرين لدعم مبرمجي المنطقة ليصبحوا جزءا من ظاهرة الألعاب العالمية القادمة.

من بيروت إلى عمّان إلى دبي، يساعد المبرمجون الشبان الموهوبون الشركات المحلية في الحصول على حصة أكبر من عائدات صناعة الألعاب بالمنطقة، مما يوفر فرص عمل ويساعد في بناء مجتمعات المعرفة.

يقول الشريك ومدير الاستثمار بشركة ومضة كابيتال وليد فزع، والتي تتخذ من مدينة دبي مقرا لها وتقود الاستثمار الأخير في شركة طماطم وكانت أيضا أحد الممولين الأوائل للشركة: «هناك استهلاك هائل بالمنطقة لجميع أشكال المحتوى ولا يُنتج محتوى كافيا لتلبية تلك الحاجة، لكن يجب أن يكون هناك نموذج أعمال يوضح أن هناك شركة قادرة على توسيع نطاق نشاطاتها لتستحق أموال رأس المال المغامر التي تتدفق إليها».
وتتوقع شركة إستراتيجي آند للاستشارات الإدارية أن حجم قطاع الألعاب في الشرق الأوسط سيزداد ثلاثة أضعاف، إذ ستتضاعف قيمته من 1.6 بليون دولار أمريكي العام 2014 إلى 4.4 بليون دولار أمريكي العام 2022، في ظل امتلاك المنطقة كافة المقومات التي تؤهلها للانضمام إلى قائمة أفضل أسواق صناعة الألعاب في العالم: قطاع عريض من الشباب ذوي الخبرة بالأمور التقنية، وكفاءة إنترنت سريع ومتطور ومعدل مرتفع لاستخدام الهواتف الذكية.
وبعد تطوير ألعاب الحواسيب في بادئ الأمر، تُركز الشركات الناشرة للألعاب في المنطقة الآن بقوة على تطوير الألعاب للهواتف النقّالة.
وتستخدم شركة طماطم نموذج الأعمال (فريميوم)، إذ يمكن للاعبين تحميل الألعاب واستخدامها مجانا لكن يتوجب عليهم دفع أموال للحصول على مزايا إضافية أو التقدم في اللعبة بشكل أسرع.
وأوضحت غنا الشريف، رئيسة قسم المنتجات في شركة طماطم التي اتجهت إلى تعريب الألعاب الأجنبية للسوق الناطقة باللغة العربية، قائلةً: «عندما بدأنا نشاطنا كنا نطوّر ألعابا خاصة بنا، لكن ذلك لم يكن نموذج أعمال مستداما وقابلا للتطوير».
وأضافت قائلةً: «نحن نعرّب كل شيء من الموسيقى إلى الأسلوب والنصوص والمقاطع الصوتية والمراجع الثقافية والنكات».
ونشرت شركة طماطم، التي تضم قائمة أكبر شركائها كل من شركة جيم إنسايت الليتوانية وشركة إيزي فن الصينية، 45 لعبةً حققت مجتمعة أكثر من 50 مليون تنزيل، وتمت 80 % من هذه التنزيلات بواسطة لاعبين من منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. وتولد عمليات الشراء داخل التطبيق 90 % من عائدات شركة طماطم، في حين تأتي بقية العائدات من الإعلانات.
وكان حسام حمو، مؤسس شركة طماطم، مؤسسا أيضا لشركة سابقة في مجال تطوير الألعاب لم يُكتب لها النجاح. وقال فزع: «نحب فكرة التغلب على الخوف من الفشل. أصبح عمل (حسام) أصغر بكثير وأصبح يفهم السوق أكثر. في الشركة الأولى كان الأمر يتعلق بالمنتج أكثر من المستخدم، أما الآن يعتمد نجاح الشركة الثانية على فهم المستخدم حقا ومن ثم تلبية احتياجات السوق».
تُعد اللغة العربية هي خامس أكثر لغة انتشارا في العالم، ولكن ربما يعتمد أقل من 1 % من محتوى متاجر التطبيقات على اللغة العربية.
ويقول المؤسس والمدير التنفيذي لشركة ميس الورد الأردنية لتطوير ألعاب الهواتف النقّالة نور خريس، والتي بدأت نشاطها العام 2003: «الفرصة هائلة واستخدام تقنيات الهاتف النقّال ما زال ينمو. لدينا فرصة رائعة، سواء بالنسبة للشركات المحلية أو الدولية، لتزدهر في هذه السوق».
وقال خريس، الذي حصلت شركته على نحو مليون دولار أمريكي من مستثمرين: «عندما بدأنا نشاطنا، كان أعضاء فريقي يخبرون آباءهم أنهم كانوا يعملون في شركة خدمات تقنية للبنوك أو شركات الاتصالات. والآن، يدفع الآباء أبناءهم للعمل في صناعة الألعاب. لقد تغيّرت الطريقة التي ينظر بها الناس إلى هذه الصناعة بشكل كبير، لكن ما زال من الصعب إيجاد مستثمرين لمساعدة الشركات على النمو».
وعلى عكس شركة طماطم، تعتمد معظم أعمال شركة ميس الورد على تطوير ألعابها الخاصة.
وقال خريس: «لإشباع شغفنا بالألعاب، علينا ابتكار ملكيتنا الفكرية الخاصة، فهذه المنطقة لديها الموهبة والقدرة على تطوير ألعاب أصلية. يُعد التعريب أمرا جيّدا على المدى القصير، لكن دون ملكيات فكرية أو ملكية المنتج يكون نموذج أعمالك هشا. نحن بحاجة إلى المزيد من الألعاب الأصلية للمساعدة في دفع عجلة النمو».
وفي الشرق الأوسط، تُعد السعودية هي أكبر سوق للألعاب وصُنِّفَت في المركز التاسع عشر عالميا، إذ حققت عائدات بقيمة 645 مليون دولار العام 2017، وفقا لإحصاءات شركة نيوزو المتخصصة في صناعة الألعاب، بينما احتلت الإمارات المركز الخامس والثلاثين بعائدات بلغت 276 مليون دولار.
ورغم أن انخفاض معدل استخدام بطاقات الائتمان كان يعيق نمو عائدات الألعاب، فإن نظم الدفع الجديدة -مثل السداد المباشر لمزود خدمة الهاتف النقّال الخاص بالمستخدم- أزالت هذه الصعوبات وساهمت في زيادة العائدات.
وتشمل أكبر شركات الألعاب الأخرى بالمنطقة شركة فلافل جميز في لبنان، التي تضم قائمة المستثمرين بها كل من شبكة إم بي سي التلفزيونية السعودية وهيئة المنطقة الإعلامية (تو فور فيفتي فور) التابعة لحكومة أبوظبي وشركة شركاء المبادرات في الشرق الأوسط، وحصلت على تمويل بقيمة 2.6 مليون دولار العام 2016، في حين بيعت شركة بابل جيمز -التي يقع مقرها في دبي- لشركة ستيلفرونت السويدية مقابل 17 مليون دولار في العام ذاته.
وأضاف فزع قائلا: «سيكون هناك المزيد من الملكية الفكرية التي تُبتكر في المنطقة، والمزيد من إنشاء المحتوى. لم نسمع عن قيمة الاستثمارات التي نراها في الوقت الحالي إلا منذ عامين أو ثلاثة، وأصبحت هناك سبل للاستثمار أكثر من ذي قبل».

كاتب وصحفي