«الأثر الاجتماعي» في الأعمال

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:١٢ ص
«الأثر الاجتماعي» في الأعمال

أليشا بولر

«لا أخفيكم سرًا أن العالم يعيش الآن تحوُّلاً كبيرًا في طريقة إدارة الاقتصادات وكيفية تحقيق المجتمعات للازدهار وهذا هو السبب وراء قيام الشركات حول العالم بإعادة صياغة علاقاتها الاقتصادية والاجتماعية مع المجتمعات بهدف تبنّي نماذج أعمال مبتكرة تعتمد على تحقيق الأثر» هكذا تحدّثت المؤسسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة «كامن Kaamen»، ريم خوري، عن استغلال قوة «إعادة تصميم نماذج تحقيق الأثر» لتعزيز فعالية الشركات والمكاسب المجتمعية.

في سبيل مواجهة التحديات العالمية الضخمة، مثل زيادة انتشار الظلم وعدم المساواة وتغيّر المناخ، يدرك قادة الأعمال اليوم أن المشاكل الاجتماعية يمكن أن تؤثر سلبًا على الأعمال التجارية، وبشكل أعم أن بإمكان القطاع الخاص التخفيف من حدة المشاكل المجتمعية مع تعزيز الأرباح في الوقت ذاته.

ورغم إحراز تقدم كبير في السعي العالمي إلى نشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، ما تزال الشركات تتحسس طريقها عند إعادة تصميم نماذج أعمالها، وغالبًا ما تجد صعوبة في التخطيط لأي نشاط اجتماعي خاص بها وكذلك في قياس أثره. وهذا هو السبب الذي جعل ريم خوري، رائدة الأعمال فلسطينية المولد، تأخذ على عاتقها مهمة تثقيف الشركات في الشرق الأوسط حول «الفرصة غير المستغلة لتحقيق أثر اجتماعي مربح بما يتفق مع مصالح المساهمين».
وتعمل مؤسستها الاجتماعية، كامن، على دعم الشركات في إعادة تصميم أعمالها من خلال «تبنّي نماذج الأعمال والأدوات والعمليات التي تعتمد على تحقيق الأثر لتحقيق الكفاءة العالية وزيادة الإيرادات».
تقول خوري، وهي أيضًا عضو في مجلس إدارة مؤسسة رواد للتنمية: وهي مؤسسة إقليمية لتمكين المجتمع المحلي بقيادة القطاع الخاص، إنها أدركت منذ صغرها ضرورة «تكاتف أفراد المجتمع معًا» لتسهيل بلوغ الاستقلال الاقتصادي، حيث صرَّحت لمبادرة «حوار الشرق الأوسط» قائلة: «إن الاعتماد على الجهات المانحة يعني أنك لن تستطيع تحقيق الأثر الاجتماعي الخاص بك».
وحتى ديسمبر 2013، كانت خوري تشغل وظيفة رفيعة المستوى في شركة الخدمات اللوجستية العملاقة أرامكس. وتقول خوري إنها، أثناء عملها مع مؤسس شركة أرامكس ورئيسها التنفيذي فادي غندور، اكتشفت في نفسها شغفًا لدعم رواد الأعمال. وعلى خطى غندور، تحلم خوري بتحقيق أهداف عظيمة. وهي تدير حاليًا عددًا من البرامج في المملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين، ولديها خطط للانتقال إلى آسيا وربما إلى الولايات المتحدة كذلك.
تقول خوري، التي تم ترشيحها ضمن القيادات العالمية الشابة في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2018: «عندما ننظر إلى منطقتنا والعالم أجمع، تبدو الصورة معقدة جدًا، فنحن نرى أن هناك الكثير من الأموال التي تُنفق والمساعدات التي تُقدّم (لمعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة) ولكننا لا نرى التغييرات والآثار الناتجة عنها. إن المؤسسات تعمل بمعزل عن بعضها ودون الوصول إلى البيانات اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأعمال الخيرية لا تكون بالضرورة أعمالاً استراتيجية. ونحن نعلم أنه من خلال تصاميم نماذج الأعمال المبتكرة، بإمكاننا تحقيق مصالح الجميع بشكل مختلف وأكثر فعالية».
وتقول خوري، المؤسِّسة والمديرة التنفيذية لمؤسسة كامن، إن مؤسستها تستخدم أحدث أدوات تخطيط وتصميم نماذج تحقيق الأثر التي تستند إلى «منهجية العائد الاجتماعي» لتوجيه استراتيجيات الابتكار المخصصة لزبائنها.
تضيف خوري: «لقد استعنّا بخدمات شركة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات للحصول على برمجيات خاصة لتتبع الأثر، وستسمح تلك البرمجيات للمؤسسات بوضع تصميم أفضل لاستثماراتها واستراتيجياتها، مدعومة في ذلك بالبيانات المتماشية مع أطر العمل الدولية».
وفي واحد من أكبر إنجازاتها حتى الآن، صمّمت مؤسسة كامن كلاً من المفهوم ونموذج الأثر الاجتماعي والنموذج المالي والمنهج الخاص ببرنامج «ألف درب»، وهو عبارة عن برنامج اجتماعي أطلقته صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بندر آل سعود بهدف توفير إمكانية الوصول إلى الفرص المتاحة لتقديم إسهامات أكبر للمجتمع السعودي. وقد انطلق برنامج «ألف درب» في العام 2017، وذلك قبل عام واحد من الموعد المقرر لانطلاقه، حيث وقَّع عقودًا مع زبائن كبار مثل كارفور ومجموعة لويس فيتون في المملكة العربية السعودية.
تقدم مؤسسة كامن أيضًا الخدمات الاستشارية بشأن الأثر الاجتماعي إلى مؤسسة أركان الاجتماعية، وهي عبارة عن شركة تعليمية تقوم على أساس مجموعة من القيم ومقرها في الأردن. وتدير مؤسسة أركان حاليًا مشروعها التجريبي الأول في خلال مدرسة تضم 400 تلميذ في الأردن. وقد درَّبت مؤسسة ريم أكثر من 150 رائدًا من رواد الأعمال الاجتماعية في مختلف أنحاء المنطقة، مثل الرياض وجدة والخبر، في إطار «المبادرة الوطنية السعودية للإبداع».
تقول خوري إنها تبدأ عملية إعادة تصميم نماذج الأعمال بسؤال زبائنها عن الأثر الذي يريدون تحقيقه، حيث تسأل الزبون: «كيف تريد أن يتذكرك الناس؟». وتضيف: إن الشركات تحتاج إلى التوقف عن التصدي للتحديات «بالنيابة عن الناس، ومطالبتهم بدلاً من ذلك بابتكار تصميمات مبتكرة وفقًا لرؤيتهم الخاصة».
وتستطرد قائلة: «إننا نبدأ بالعمل مع الناس، فإذا لم يتم التوفيق بين احتياجات الناس ومسار المؤسسة، فلن تصل أبدًا حيث تريد الوصول. ومن ثم، نقوم بتعيين جميع الجهات المعنية وجميع مجموعات البيانات ذات الصلة. وبهذه الطريقة تكون لدينا الفرصة لبناء نماذج أعمال جديدة للمستقبل. إننا نختار التفاؤل بالمستقبل».
كما تضيف خوري قائلة: «إنها طريقة جديدة لممارسة بالأعمال التجارية، وهذه كلها أنظمة عالمية. ونحن نتمتع بالكثير من الإمكانات والمواهب غير المُستغلة في هذه المنطقة، حيث يمكن أن تساعد هذه النماذج على استغلالها، فالجميع يريد تغيير واقعه، وهناك تعطش إلى التقدم الاجتماعي واستغلال الفرص السانحة».

متخصصة في موضوعات الأعمال والتكنولوجيا