مسقط - يوسف بن محمد البلوشي
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الفائتة قضية التزوير في شهادات المعادلة للشهادات الدراسية الصادرة من إحدى الدول الشقيقة.
وفي هذا السياق صرّح المدير المساعد لدائرة معادلة المؤهلات والاعتراف بوزارة التعليم العالي النصر بن ناصر الرقيشي بأنه بعد متابعة الدائرة للخبر عن كثب فقد اتضح عدم صحة الإحصائية التي زعمت وجود (1247) عمانيا يحملون شهادات مزورة، حيث تم التواصل مع جهات الاختصاص بالدولة الشقيقة وأفادت بأن الموضوع قيد التحقيق لدى الجهات المختصة ولا توجد حتى الآن إحصائية رسمية لعدد الشهادات المزورة.
وأكد الرقيشي وجود إجراءات رقابية صارمة كفيلة بالتأكد من صحة جميع المؤهلات الدراسية الصادرة من خارج السلطنة عن طريق التأكد من صحة صدور أي مؤهل دراسي من المؤسسة التعليمية المانحة، من خلال وجود ربط إلكتروني مباشر مع الملحقيات الثقافية بدول الابتعاث والمسؤولين الثقافيين بسفارات السلطنة بالدول الأخرى ما أسهم في معرفة الشهادات المزورة من الصحيحة بكل دقة.
وأشار الرقيشي إلى أنه في حال اكتشاف حالات تزوير مؤهلات دراسية أو صادرة من جامعات وهمية، تقوم الدائرة بعرض الحالة على «لجنة الاعتراف بمؤسسات التعليم العالي غير العمانية ومعادلة المؤهلات الدراسية التي تمنحها» لإصدار قرار بعدم معادلتها، ثم تنفيذ الآلية الصادرة وفقا لقرار مجلس الوزراء في جلسته رقم (20/2006) المنعقد بتاريخ 7/11/2006 بشأن التعامل مع الشهادات الدراسية المزورة، وذلك حسب الآتي: مخاطبة الجهة الطالبة لمعادلة المؤهل الدراسي وإفادتها بحالة التزوير، ومخاطبة كل من وزارة الخدمة المدنية ووزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة لإخطارهم بحالة التزوير، ومخاطبة الادعاء العام لإخطاره بحالة التزوير لتحريك الدعوى العمومية ضد مرتكبيها، وفقا لما تقضي به القوانين والأنظمة والتشريعات السارية في هذا الخصوص.
وأضاف الرقيشي أن دائرة معادلة المؤهلات والاعتراف تواصلت كذلك مع الملحقية الثقافية بالقاهرة حول هذا الخبر وأفادت بأن الإجراءات المتبعة في الملحقية في التعامل مع الشهادات الدراسية الصادرة من مؤسسات التعليم العالي المصرية تتمثل، أولا: في إلغاء العمل بالأختام السابقة واعتماد نظام التصديق الإلكتروني للتأكد من صحة المؤهل الدراسي، وثانيا: تنظيم مواعيد التسجيل لمواصلة الدراسة بالجامعات المصرية بعد التأكد من كافة الوثائق والمستندات التي يتقدم بها الطالب للملحقية عبر النظام الإلكتروني لوزارة التعليم العالي، وثالثا: تدشين قاعدة بيانات بأسماء خريجي مؤسسات التعليم العالي المصرية في الموقع الإلكتروني الخاص بها منذ العام 2015م حيث بلغ عدد الخريجين العمانيين (500) خريج لمختلف المراحل الدراسية بمختلف مؤسسات التعليم العالي المصرية.
وتنوه وزارة التعليم العالي لجميع المؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص التأكيد على موظفيها بضرورة معادلة مؤهلاتهم الدراسية الصادرة من المؤسسات التعليمية خارج السلطنة للحد من عمليات التزوير بشتى السبل.
من جانبه أكد نائب رئيس لجنة التعليم بمجلس الشورى سعادة د.سالم بن ناصر الكحالي أن مسألة تزوير الشهادات العلمية يجب أن تشهد وقفة حازمة في حال ثبوتها؛ لما لها من آثار كبيرة على قطاع العمل بشقيه العام والخاص وكفاءات الموظفين وترقياتهم وجودة العمل وعلى المجتمع بشكل عام.
وأضاف أن جهود وزارة التعليم العالي في موضوع التأكد من صحة الشهادات العلمية تعدّ جيّدة، وخاصة بعد إنشاء دائرة معادلة المؤهلات الأكاديمية التي تعمل على التدقيق على صحة الشهادات العلمية قبل الاعتراف بها، وذلك من خلال عدة معايير قياس مرتبطة بسمعة الجامعة والنظام الدراسي بها وعدد مرات تردد الطلاب على بلد الدراسة والمدة التي يقضونها بها وغيرها من المعايير التي تتيح نوعا ما لوزارة التعليم العالي التحري عن صحة المؤهلات العلمية.
وأوضح الكحالي أن وزارة التعليم العالي والجهات الحكومية الأخرى المعنية بالتعليم في السلطنة عليها أن تراجع أنظمتها باستمرار وخاصة مع تطوّر أساليب التزوير المرتبطة بالتقدم التكنولوجي الحاصل والذي ينبغي مجاراته والوصول إلى أفضل الممارسات في التكنولوجيا من قبل الجهات الحكومية المعنية.
وبيّن الكحالي ضرورة وجود تشريعات رادعة لحالات التزوير العلمي أسوة بباقي حالات التزوير، موضحا أن ضرر التزوير العلمي قد يكون أكثر خطورة على المجتمع. وأضاف أن على الادعاء العام والجهات الرقابية أن تقوم بدورها في قضايا التزوير العلمي، مؤكدا ضرورة نشر الوعي لدى الراغبين في الحصول على مؤهلات علمية حول الشبهات التي قد يقعون فيها والعقوبات التي سيلاقونها في حال لجوئهم إلى التزوير للحصول على الشهادة العلمية.
وأفاد الكحالي أن لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي في مجلس الشورى، سبق لها، خلال لقاء شامل مع المسؤولين في التعليم العالي للحديث عن التحديات، أن اطّلعت على الجهود التي تقوم بها الوزارة فيما يخص التثبت من صحة المؤهلات العلمية، مطالبا ببذل مزيد من الجهود، والبحث كذلك عن أسباب توجه كثير من الطلبة نحو جامعة بعينها في بلد بعينه، ما يثير كثيرا من الشكوك التي يجب الوقوف عليها بصفة دورية، حتى يتم التيقن من جودة التعليم الذي يحصل عليه طلبة التعليم محليا وخارجيا. من جانبه أكد عميد كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس د.راشد بن حمد البلوشي أن تزوير الشهادات الدراسية يأتي ضمن الجرائم المخلة بالثقة العامة وفقا للباب الرابع من قانون الجزاء في السلطنة، مشيرا إلى أن «الاصطناع» يعتبر واحدا من طرق التزوير المادي وهو، إنشاء محرر بكامل أجزائه على غرار أصل موجود، حيث يأتي تزوير أو إنشاء الشهادات الدراسية الوهمية في هذا السياق.
وأوضح البلوشي أن عقوبة التزوير أو «الاصطناع» لهذه الشهادات في القانون العُماني تصل إلى السجن لعشر سنوات كما يستتبع ذلك تطبيق العقوبات التبعية والتكميلية المنصوص عليها في المادتين 57 و59 من قانون الجزاء.