واشنطن - طهران - أنقرة - برلين - وكالات
أعلنت الخارجية الإيرانية، أمس الثلاثاء، أنها سترد بإجراءات مماثلة إذا ما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وقف صادراتها (أي إيران) النفطية.
أضاف قاسمي أن الظروف التي تمرّ بها أمريكا كدولة معزولة أدّت بالإدارة الحاكمة للشعور بالغضب الشديد.
وتابع أن أمريكا كانت تتوقع غضبا وتصرفات منفعلة من إيران عقب خروجها من الاتفاق النووي، ما يسمح لها باتخاذ سلسلة من إجراءات عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلا أن «حكمة ويقظة إيران أدّت إلى إفشال المخطط الأمريكي»، حسب وكالة أنباء إرنا الإيرانية.
ورفضت إيران تحذيرا غاضبا وجّهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إليها بقوله إن طهران تغامر بمواجهة عواقب وخيمة «لم يشهد مثيلها من قبل عبر التاريخ سوى قلة» إذا وجهت الجمهورية الإسلامية المزيد من التهديدات للولايات المتحدة.
ظريف يرد
وردّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تهديد ترامب الذي جاء في تغريدة كتبها بحروف كبيرة على تويتر في وقت متأخر من مساء الأحد.
وكتب ظريف على تويتر «لم نتأثر (بحروف كبيرة).. سمع العالم قبل عدة شهور تهديدا ربما كان أقوى. ودأب الإيرانيون على سماع تهديدات، لكن أكثر تحضرا، على مدى 40 عاما. نحن موجودون منذ آلاف السنين وشهدنا سقوط امبراطوريات بما فيها إمبراطوريتنا التي امتدت على مدى أطول من عمر بعض الدول». وأضاف ظريف بحروف كبيرة مثلما كتب ترامب «احترسوا!» وهو أيضا نفس التعبير الذي استخدمه ترامب في تغريدته. وجاء تهديد ترامب بعد ساعات من تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن السياسات العدائية تجاه طهران قد تؤدي إلى «أم الحروب كلها».
ورغم تزايد حدة التصريحات إلا أن لدى كل من الجانبين أسبابا تدفعه إلى تفادي نشوب صراع يمكن أن يتصاعد بسهولة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن تعليقات ترامب جاءت في إطار وابل من الخطابات فضلا عن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف إثارة القلاقل والضغط على إيران لإنهاء برنامجها النووي ودعمها لجماعات متشددة.
لهجة قوية
وواجهت إيران ضغوطا أمريكية متزايدة وعقوبات محتملة منذ قرار ترامب في مايو الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم العام 2015. وكتب ترامب في رسالته الموجهة لروحاني «إياك أن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ».
وأضاف: «لم نعد دولة تقبل كلماتكم الجنونية عن العنف والموت.. احترسوا!».
لكن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي قال يوم السبت إن التفاوض مع الولايات المتحدة سيكون «خطأ واضحا».
وسخر الرئيس الإيراني حسن روحاني من تهديد ترامب بإيقاف صادرات النفط الإيرانية قائلا إن إيران تتمتع بموقع مهيمن في الخليج ومضيق هرمز، الممر الرئيسي لشحن النفط.
تصريح ثوري
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن غلام حسين غيب برور القائد الكبير بالحرس الثوري الإيراني رده على تهديدات ترامب قائلا إن طهران ستستمر في مقاومة أعدائها. وقال: «لن نتخلى أبدا عن معتقداتنا الثورية.. سنقاوم ضغوط الأعداء.. أمريكا لا ترغب في ما هو أقل من تدمير إيران.. (لكن) ترامب لا يمكنه أن يمس إيران بشيء».
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي سبق أن دعا إلى شنّ هجمات جوية على المنشآت النووية الإيرانية «الرئيس ترامب أبلغني بأنه إذا فعلت إيران أي شيء سلبي فستدفع ثمنا لم تدفع مثله من قبل على الإطلاق سوى قلة من الدول».
ملاسنات تويتر
جاء تحذير ترامب بعد ساعات من كلمة ألقاها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو شجب خلالها الزعماء الإيرانيين وشبههم «بالمافيا» وتعهّد بدعم لم يحدده للإيرانيين غير الراضين عن حكومتهم.
وقالت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء إن تصريح بومبيو تدخل في شؤون طهران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي: «مثل هذه السياسات ستوحّد الإيرانيين الذين سيتغلّبون على المؤامرات التي تُحاك ضد بلدهم». وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بالموقف القوي» لترامب ضد إيران. وفي الوقت ذاته قالت ألمانيا إن تهديدات الحرب «لا تفيد أبدا».
تجنب الحرب
وليست هناك نية تذكر في واشنطن لخوض صراع مع إيران بسبب المصاعب التي واجهها الجيش الأمريكي بعد غزوه العراق العام 2003 وأيضا بسبب الأثر على الاقتصاد العالمي إذا تسبب الصراع في ارتفاع أسعار النفط.
ويخشى كثير من الإيرانيين العاديين من أن تؤدي حرب الكلمات إلى مواجهة عسكرية ولكن مطلعين على بواطن الأمور في طهران قالوا لرويترز إن الإدارة الأمريكية لن تجر البلاد إلى مستنقع آخر في الشرق الأوسط.
ومع الاستياء الشعبي بسبب الاقتصاد الإيراني المتعثر وتراجع العملة واحتمال فرض عقوبات أمريكية جديدة صارمة يدعو زعماء إيران إلى الوحدة.
ويشك كثير من الإيرانيين إلى حد بعيد في دعم إدارة ترامب للمواطنين الإيرانيين بسبب العقوبات الأمريكية القاسية على البلاد وفرض حظر على التأشيرات مما يحول دون دخول الإيرانيين الولايات المتحدة.
تراجع الموقف
وكانت واشنطن تعتزم في البداية منع إيران من دخول أسواق النفط العالمية بالكامل بعد أن تخلى ترامب عن الاتفاق الذي يهدف لتقليص طموحات طهران النووية. غير أن الولايات المتحدة خففت من حدة موقفها وقالت إنها قد تمنح استثناءات لبعض الحلفاء الذين يعتمدون على الإمدادات الإيرانية.
وفي رد على تهديدات إيران جدد الجيش الأمريكي تعهده بتأمين حرية تدفق النفط من مضيق هرمز. ولكن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قالت الأسبوع الفائت إن تلك التهديدات الإيرانية لم تدفع الجيش الأمريكي إلى تغيير وضعه أو زيادة القوات في الشرق الأوسط.
وقال وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة، جون رود، في منتدى أمني بولاية كولورادو يوم الجمعة «لم نغيّر وضعنا المتعلق بالقوات ردا على أي من هذه التصريحات. ولا أعتقد أن هناك ما يبرر ذلك. لن أوصي بذلك».