صوت للنهضة نادى

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/يوليو/٢٠١٨ ١٢:٥١ م
صوت للنهضة نادى

علي بن راشد المطاعني
إذا شئنا أن نتحدث وبلسان عربي مبين عمَّا تحقق في هذا الوطن العزيز طيلة سنين النهضة المباركة التي بزغ نورها وعم ضياؤها في الثالث والعشرين من يوليو المجيد عام 1970، فإننا في الواقع سنحتاج لمجلدات وكتب تنوء أكتافنا بحملها، ومع هذا الحمل الثقيل فإننا لن نوفي هذا اليوم حقه من التدوين، وعندما نتحدث عن نهضة شاملة سمقت انطلاقاً من لا شيء رغماً عن أن الوطن في الأصل موغل في الوجود والقدم وضارب بجذوره في أعماق الأصالة، فإننا وعملياً نتحدث عن الكيفية التي جرى بها ربط الحاضر بالماضي ليغدو المشهد متسقاً مع المنطق والحقيقة، فالحاضر الزاهر هو إرهاص على حقيقة أن الماضي التليد كان حقيقة ساطعة كالشمس مثلاً يقف لها الناس في كل فج من فجاج الأرض عميق بالاحترام والتقدير والإشادة.
الآباء والأجداد هم الذين يمكنهم التعبير عن واقع الحال فيما قبل النهضة، وعن واقع الحال فيما بعد النهضة، هؤلاء هم الذين يحق لنا الاستماع إلى إفاداتهم عن حجم الإنجاز والمنجز الذي حدث، وما علينا في مطلق الأحوال غير حسن الاستماع، فجيل النهضة الذين ولدوا في أو بعد الثالث والعشرين من يوليو 1970 هم الجيل الأوفر حظاً، وهم الجيل الذي يتعين عليه حسن الاستماع لإفادات الآباء والأجداد ليوقنوا بحجم الجهد ومقدار العرق والضنى الذي بذل.
الوحدة الوطنية كانت إحدى أهم المنجزات الكبيرة التي تجسدت في ربوع عُمان كواقع معاش بفضل الرعاية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي رسخ مبادئ ومعاني ومدلولات الوحدة الوطنية عبر العديد من القيم الناطقة والتي جعلت أبناء هذا الوطن يلتفون حول قيادة جلالته، ميممين وجوههم شطر التعمير والبناء، مخلفين وراءهم كل ما يفرق ويشتت جهودهم ويمزق أوصالهم، ضاربين أروع الأمثلة في إعلاء مصالح الوطن.
ولكي نقترب قليلاً من هذه النقطة الوهاجة والمضيئة ونحاول إماطة اللثام عن الكيفية التي تحققت بها وعبرها وحدتنا الوطنية، لابد من أن نمر مرور الكرام على التحديات التي كانت ماثلة أمامنا كعاتيات الجبال قبل العام 1970 باعتبارها من معيقات وحدتنا الوطنية، كانت هناك الفئويات بأشكالها، وكانت هناك المذهبيات بأنواعها، ولكي يصح البناء ويقوم على أرضية صلدة كان لابد من تحريم كل تلك المعيقات عبر القوانين والتشريعات وعبر التبصير إعلامياً بخطرها على الوطن حاضره ومستقبله، لقد حضّت كل تلك الجهود على حقيقة أن المواطنة هي الأساس وهي القاعدة التي سينطلق منها قطار الوحدة الوطنية، فكان النجاح الذي تحقق مردّه لهذه النقطة الجوهرية.
نأمل أن يعي شبابنا وهم يضطلعون بمسؤولية الحفاظ على هذه المنجزات الكبيرة بأن الوحدة الوطنية العُمانية هي الآن تجربة يحتذى بها في الكثير من الأصقاع والبلدان، وأن يوقنوا من حقيقة أن البناء عليها هو الضمانة الوحيدة لاستمرار الزخم النهضوي العُماني ليعانق المستقبل ولتنعم الأجيال العُمانية القادمة بحياة أفضل وبمستقبل أرغد بحول الله وقوته.