رصد أخاديد الفــــرح

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٥/مارس/٢٠١٦ ٠١:١٠ ص
رصد أخاديد الفــــرح

موسى البلوشي

أكثر الصور انتشارا هي صور الفرح.. والمطر هو طائر الفرح ونغمة الغناء، ومنذ بدايات الحضارات وثب الإنسان من الخوف والتحفظ من المطر إلى التوق للقائه والتقافز في بركه وتجمعاته واستغلال موسمه للزراعة حتى اللعب بطينه، وبناء حضاراته على ضفاف الأنهار والبحار، وبناء السدود وحجز المياه، وعلى مدار التاريخ ارتبط هطول المطر وحبسه بقوى ظاهرة وخفية مع طقوس صنعها الإنسان الأول فتداولتها الشعوب، فرسمت بعض الحضارات آلهة للمطر وقدمت لها من القرابين والصلوات ما طويت به الكتب والمجلدات وكتبت فيه القصائد والمعلقات، وفي معظم الروايات والأفلام السينمائية كان المطر يشكل عنصرا يضيف الحياة للمشاهد، ويغسل المأساة، ويمنح جبين الأبطال في المعارك عرق المجد لتسيل بطولاتهم عبر التاريخ، ومن التأمل والبحث فسر الإنسان ظواهر ترافق المطر كقوس قزح والرعد والبرق ليعلن اكتشافاته ويطرح قوانينه المتجددة.

في «أخدود الهمائل» نشط هواة الطقس بموازاة جهود الخبراء العاملين في الأرصاد الجوية مبشرين ومنذرين. حامد البراشدي وهو شخصية عمانية لها حضورها في مجال الطقس كان يقود فريق المبشرين وبلغة تطمين مزجت الفكاهة والمرح مع المعلومة لتتجاوز تغريداته حدود تويتر، وتصبح حديث المجموعات في تطبيق المحادثة (واتس آب).
صور أخرى كانت ترمق جهود الدفاع المدني والشرطة بعين الفخر وبعثوا تحياتهم ودعواتهم لأفراد هذه القطاعات، وأعين كانت تلوم المتهورين الباحثين عن لحظة مجد وهم الذين غامروا بأرواحهم وأرواح هي ودائع وأمانات لكن لم يصونوها فحدث ما لم يكن في الحسبان لتعكّر صفو أيام المطر.
وفي «أخدود الهمائل» لم يترك الشاعر إبراهيم سعيد -وهو الشاعر الذي يكتب عن الشمس كل صباح حتى أصبحت تغريداته تجري مجرى الحكمة لما تحمله من فخامة اللغة وعمق المعنى-
لم يترك مشهد انفلاق جذع النخلة كاشفا عن اللحاء يمر دون توثيق، فنقل صور اللحاء وعنون تغريدته بـ: من هدايا العاصفة.
إنها العين الأخرى التي ترى الجمال والعطاء حتى في قلب العاصفة.
كل أخدود وقلوب الجميع نقية وصافية كقطرات المطر.