مسقط – لورا نصره
تعرف على صديقك الوفي، وكم سيطول زواجك، وما هو عمرك الافتراضي، وأي الحيوانات تشبه، وأي الوظائف هي الأفضل لك و غيرها الكثير من الاختبارات الافتراضية التي تصلني دعوات للمشاركة بها يومياً عبر حسابي على الفيسبوك، أصدقاء كثر قاموا بهذه الاختبارات بهدف التسلية ربما و آخرون في محاولة لاكتشاف الجزء الخفي من ذواتهم أو معرفة ما يحمله المستقبل لهم.
والسؤال هنا هل نحن فعلاً بحاجة إلى ذلك؟ هل نحن جاهلون فعلاً بحقيقتنا وبحاجة لمن يدلنا عليها؟ أليس باستطاعتي أن أكتشف أصدقائي الأوفياء بنفسي أم أنا بحاجة لتطبيق هاتفي لمساعدتي على ذلك؟ وبالمثل، ألا أعرف تماماً ما أنا بارع فيه وبالتالي أستطيع أن أحدد المجال المهني الذي يجب أن أسلكه في حياتي، ماذا لو جاءت نتائج الاختبارات أنني يجب أن أعمل كرئيس تنفيذي لشركة كبرى أو مدير عام لمؤسسة عالمية -وهي غالباً ما تكون كذلك- فهل يجب أن أنتظر هذه الفرصة وأرفض القيام بأعمال أخرى لا تناسب مؤهلاتي كما يقول الفيسبوك.
وبالمقابل، ماذا لو قال لي الفيسبوك أنني أبرع في عمل جامع القمامة مثلاُ مع احترامي للمهنة بطبيعة الحال –قد حدث ذلك لبعض الأصدقاء- فهل يستعدي مني الأمر أن أستسلم لهذا المستقبل وأقتنع أن حظوظي في هذه الحياة محدودة ولا يمكن لي أن أغيرها.
قرأت قبل أيام عن بعض الشخصيات المشهورة التي بدأت حياتها المهنية برفض تام من محيطها الاجتماعي وتشكيك كبير في مقدراتها على الاستمرار إلا أنها استطاعت أن تشق طريقها إلى عالم الشهرة لتصل إلى أعلى مراتبه، ماذا كان سيكون حال هؤلاء فيما لو استسلموا لرأي المحيطين بهم.
باختصار.. اختبارات الفيسبوك ومثيلاتها تستهدف إيقاع أكبر عدد من المتابعين في شبكاتها لأهداف تتعلق بتعزيز الإدمان على متابعة هذه المواقع، وهي مصالح خاصة لأصحابها لها أهداف مالية في الأغلب، وفي سبيل ذلك تستثمر النزعة الإنسانية الدائمة لاكتشاف المجهول دون أي اهتمام بانعكاس ذلك على المستخدم، وعليه لا ينبغي لنا أن نستسلم لهذا الإغراء باكتشاف ما الذي يخبئه المستقبل لنا، فالمستقبل ليس شيئاً افتراضياً سيحدث بعد فترة من الزمن، بل هو بناء نشيده بأيدينا لبنة لبنة، وما نفعله اليوم هو الأساس لما سيحدث في الغد، ولذلك تصالحوا مع أنفسكم وكونوا صادقين معها واعملوا من أجل مستقبلكم فلن يفيدكم شيئاً غير عملكم.. دمتم ودامت عُمان.