تهديد الأسواق المغمورة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٥/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٣٠ ص
تهديد الأسواق المغمورة

أندرس أسلوند

لقد حان الوقت لوضع صعود الاقتصادات الناشئة في المنظور الصحيح. فقد كان النمو الاقتصادي السريع في قسم كبير من العالم النامي منذ بداية القرن مدفوعاً بطفرة السلع الأساسية وفرط التوسع الائتماني. بيد أن طفرة الأسواق الناشئة كانت غير مستدامة لأنها لم تكن مصحوبة بالقدر الكافي من الإصلاحات البنيوية.

واليوم، تشهد أغلب الاقتصادات الناشئة الكبرى تراجعاً حادا. فقد انغمست روسيا والبرازيل في أزمات حادة، حيث صاحب التضخم الذي تجاوزت معدلاته 10% انكماشاً بلغ 4% في الناتج المحلي الإجمالي العام الفائت. ولا تكاد جنوب أفريقيا تسجل أي نمو يُذكَر. وفي الصين، تباطأ معدل التوسع الهائل إلى أقل من 7%. ومن غير المستغرب أن يغلق بنك جولدمان ساكس صندوق الاستثمار الخاسر في مجموعة البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين).
الواقع أن مستقبل مجموعة البريكس (بما في ذلك جنوب أفريقيا) ــ ومستقبل الأسواق الناشئة الأخرى ــ يبدو قاتما. فخارج آسيا، كانت أغلب الاقتصادات النامية من البلدان المصدرة للسلع الأساسية في المقام الأول، وهي بالتالي شديدة التعرض لصدمات الأسعار. كما تسببت أسعار النفط المتدهورة في خفض قيمة الروبل الروسي بأكثر من النصف في مقابل الدولار الأمريكي، ويبدو أن المزيد من الانحدار منتظر ــ وخاصة إذا استمر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة.
ومن المرجح أن تظل أسعار السلع الأساسية منخفضة لعقد أو عقدين من الزمن، كما حدث في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين. فعندما يتعلق الأمر بالنفط على سبيل المثال، كانت مصادر مثل الغاز الصخري، والنفط المحكَم، والغاز الطبيعي المسال، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تكتسب قدرة تنافسية متزايدة، سبباً في تعزيز إمدادات الطاقة، حتى مع تسبب عشر سنوات من الأسعار المرتفعة في تحفيز الاستخدام الحكيم وانخفاض الطلب.
ومن المرجح أن تكون ضائقة السلع الأساسية شديدة الإيلام لشعوب الأسواق الناشئة، والتي كثيراً ما تقيس دخلها بالدولار الأمريكي، وسرعان ما ستشعر بأنها أصبحت أفقر كثيراً مع انخفاض أسعار الصرف. وسوف تعاني الحكومات أيضا، بعد أن تصبح ديونها الأجنبية ــ التي تفاقمت بفِعل التوسع المالي والنقدي الذي حقق قدراً ضئيلاً من النمو ــ أشد وطأة، في حين سيكون تحفيز التصدير نتيجة لانخفاض أسعار الصرف بسيطا، وذلك نظراً لغياب القدرة الجديدة خارج قطاعات السلع الأساسية. ومع خضوع البلدان للضغوط لسداد ديونها، سوف تنشأ أزمات ديون متعددة في الأسواق الناشئة.
وتثير البرازيل القدر الأكبر من القلق في الأمد القريب، وذلك نظراً لدينها العام والعجز الضخم في ميزانيتها. ولكن في الأمد المتوسط، تبدو الصين أكثر إثارة للتخوفات. كقاعدة عامة، لا ينبغي لمجموع ديون القطاعين الخاص والعام في أي اقتصاد ناشئي أن تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي. والآن تجاوز إجمالي الدين في الصين 250% من الناتج المحلي الإجمالي.
يُعَد سوء الإدارة أحد أكثر أوجه القصور أهمية في بلدان مجموعة البريكس. فعلى مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية الذي يتألف من 175 دولة، تحتل دولة جنوب أفريقيا المرتبة الحادية والستين، وتأتي البرازيل والهند في المرتبة السادسة والسبعين، في حين تحتل الصين المرتبة الثالثة والثمانين، وروسيا المرتبة التاسعة عشرة بعد المئة. والواقع أن سوء الإدارة يحد من قدرة أي بلد على خلق الثروة والقدرة الإنتاجية الدائمة ــ حتى وإن كانت أوجه القصور لا تصبح واضحة ومدمرة إلا عندما يتحول الرواج إلى كساد. وعلى حد تعبير وارين بافت: «لن تكتشف من يسبح عارياً إلا عندما ينحسر المد».

كبير زملاء المجلس الأطلسي في واشنطن