صاحبة مؤسسة «الوجهة للاستدامة»: المسؤولية المجتمعية إسهام في التنمية وليسـت «تبرعات»

بلادنا الثلاثاء ١٧/يوليو/٢٠١٨ ٠٣:٣٩ ص
صاحبة مؤسسة «الوجهة للاستدامة»:

المسؤولية المجتمعية إسهام في التنمية وليسـت «تبرعات»

مسقط - محمد سليمان

شيماء بنت مرتضى اللواتية، فتاة عمانية شابة، بادرت إلى تأسيس وإنشاء أول مؤسسة استشارية بحثية متخصصة في استدامة المؤسسات والتنمية المجتمعية باسم «الوجهة للاستدامة»، وجاء ذلك في توقيت تواجه فيه المسؤولية المجتمعية العديد من التحديات، بدءاً من المفهوم، ومروراً بالتنفيذ وانتهاء بأثرها على المجتمع.

«الشبيبة» التقت اللواتية، حيث أكدت في حوارها أن العديد يعتبرون المسؤولية المجتمعية «تبرعات» وحقا مفروضا على المؤسسات والشركات، وهذا ما أدى إلى إيجاد أشخاص «متواكلين» يعتمدون على ما يتحصلون عليه من المسؤولية المجتمعية، رافضين الأخذ بزمام المبادرة. وأضافت اللواتية أن السلطنة قطعت شوطاً كبيرا في هذا المجال لكن أمامها العديد من التحديات..
تفاصيل الحوار في السطور الآتية:

كثيراً ما يردد مصطلح المسؤولية المجتمعية، هل يمكنك وضع تعريف لها؟

المسؤولية المجتمعية، هي مسؤولية المؤسسات في معرفة وتحمل آثار أنشطتها على البيئة والمجتمع من خلال ممارسات أخلاقية شفافة تسهم في التنمية المستدامة، بما في ذلك الصحة ورفاهية المجتمع، وكذلك أخذ توقعات أصحاب الشأن في عين الاعتبار، وأصحاب الشأن هم كل فئات المجتمع من أفراد وجمعيات ومؤسسات مجتمعية، وأيضا الامتثال للقوانين المعمول بها في الدولة وبما يتفق مع المعايير العالمية الطبيعية وأن تكون هذه الشركات هي أول من يطبق القوانين ويحرص على الامتثال لها. كما أن مشاريع المسؤولية المجتمعية هي مشاريع مخطط لها جيدا، ويجري البدء بالتواصل فيها مع المجتمع قبل فترة كافية من الشروع فيها (أي قبل ظهور التحديات) وذلك بهدف بناء الثقة والمصداقية بين الشركة والمجتمع من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وليس من أجل إيجاد «حلول سريعة» للتحديات التي تواجهها الشركة.

كما أن المسؤولية المجتمعية للشركات بمفهومها في المواصفات القياسية الدولية أيزو 26000 هي لإفادة جميع المتأثرين والمؤثرين، وليست ممارسة نظام «التبرعات» ومعاملة متلقيها كعالة على المجتمع.

هل لدى المسؤولية المجتمعية القدرة على خلق فرص مجتمعية؟

المسؤولية المجتمعية قادرة على خلق فرص لإفادة أفراد المجتمع، بحيث تكون الاستفادة بقدر عملهم وإنتاجهم والتزامهم بالمنفعة المتوفرة، وهذه المسؤولية تكون متمخضة من حاجة المجتمع وتهدف إلى توفير حلول جذرية للتحديات التي يواجهها المجتمع، كما أنها تساهم في إيجاد أفراد مبادرين.

ويجب أن يخطط لمشاريع المسؤولية المجتمعية مسبقا بوقت كاف ومن خلال التواصل مع جميع أطراف المجتمع (بحيث لا تكون خطوة عشوائية لتغطية أزمة طارئة) قبل أن تتم بلورة الفكرة وتطويرها ومن ثم الإعلان عنها، وأن جميع الأطراف لها حقوق وعليها التزامات واضحة ومعروفة، كما أن هذه المشاريع تكون طويلة الأمد، وأهدافها ونتائجها واضحة، حتى يكون لها أثر عميق وطويل الأمد، ويستشعر المستفيد منها بقيمة الدعم.

حدثينا عن المؤسسة؟

«الوجهة للاستدامة» هي مؤسسة استشارية بحثية متخصصة في استدامة المؤسسات والتنمية المجتمعية، وهي المؤسسة العمانية الأولى من نوعها والمتخصصة في مجال تطوير المسؤولية المجتمعية للمؤسسات واستشارات الاستدامة الخاصة بالمؤسسات في السلطنة. وتجمع «الوجهة للاستدامة» بين أفضل الممارسات العالمية والبحث والابتكار؛ إلى جانب الخبرة المحلية العميقة والوعي الثقافي الإقليمي في مجال الاستثمار الاجتماعي للشركات والمسؤولية المجتمعية وقياس الأثر الاجتماعي ومفهوم الاستدامة لدى المؤسسات.

ما هي أبرز الجهات التي تقدم لها الاستشارات وسبق وتعاملتم معها؟

لقد نجح فريق «الوجهة للاستدامة» في تقديم المشورة والخدمات الاستشارية المهنية إلى العديد من المؤسسات الكبيرة الناجحة في السلطنة ومنها الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «ريادة»، وشركة صلالة للميثانول، وشركة عمران، وشركة تنمية نفط عمان، وإنجاز عمان، وشركة فولتامب للطاقة، وجلاس بوينت، والطيران العماني، وشركة النفط العمانية، ومركز عمان للحوكمة والاستدامة.

ما مدى تقييمك للمسؤولية المجتمعية بالسلطنة؟

في ورقة بحثية أعدتها جامعة كيرتين الأسترالية، قاموا ببحث في المسؤولية المجتمعية للشركات في عمان، أبلغت هذه النتائج عن أن العمانيين الشباب، وأولئك الذين حصلوا على تعليم ثانوي أو تعليم أدنى من ذلك، أشاروا إلى قلة الوعي بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات. كما أشارت الدراسة أن المجتمع العماني يتوقع من شركات القطاع الخاص تقديم «منتجات وخدمات آمنة وموثوق بها» و«تعامل موظفيها بطريقة ملائمة» وأن «تتصرف أخلاقيا»، وتكون ملتزمة «بالمسؤولية المجتمعية».

ما هو الفارق بين التبرعات والمسؤولية المجتمعية؟

من خلال الدراسات التي أجريناها لتقييم برامج التنمية المجتمعية بالسلطنة، وباستخدام المنهجيات المختلفة ومنها منهجية العائد على الاستثمار الاجتماعي، أصبح لدينا الفهم العميق للفارق بين التبرعات ومشاريع المسؤولية المجتمعية. أستطيع القول بأننا شهدنا من خلال التواصل المجتمعي أن التبرعات تخلق أفرادا معتمدين على غيرهم «متواكلين» ويكونون أفرادا غير مبادرين ويعتبرون النفع جزءا من حقهم، وساخطين إن لم يتم تكرار توفير المنفعة، كما أن التبرعات تأخذ شكل فعاليات وأنشطة قصيرة المدى وعشوائية (متمخضة من حاجة عاجلة أو أزمة طارئة). علاوة على أنها لا توفر حلولا جذرية للتحدي وإنما حلول وقتية (ليس لها نمط الاستدامة). ومثلما أن النشاط قصير المدى فإن الأثر يكون قصير المدى أيضا، وفي كثير من الأحيان لا يتذكره المستفيد.

وإلى جانب العوامل السابقة لا يستشعر المستفيد برغبة المؤسسة الصادقة في المساعدة وإنما يشعر بأنه تم استغلال حاجته بغرض التشهير به أو التسويق للمؤسسة الأمر الذي قد يكون سببا في الدعاية السلبية للمؤسسة.

هذا بالنسبة للتبرعات، وماذا عن المسؤولية المجتمعية؟

المسؤولية المجتمعية تخلق فرصا لاستفادة أفراد المجتمع والاستفادة تكون بقدر عملهم وإنتاجهم والتزامهم بالمنفعة المتوفرة المتمخضة عن حاجة المجتمع وتهدف إلى توفير حلول جذرية للتحدي، كما أنهــــا علـــى عكس التبرعات التي تنشئ أفراداً متواكلين، فهي تصنع جيلاً من المبادرين، خاصة وان جميع الأطراف في المسؤولية المجتمعية لها حقوق وعليها التزامات واضحة ومعروفة يتم التخطيط للمشروع مسبقا بوقت كاف، ومن خلال التواصل مع جميع أطراف المجتمع (لا تكون خطوة عشوائية لتغطية أزمة طارئة) قبل أن تتم بلورة الفكرة وتطويرها ومن ثم الإعلان عنها.

كما أن المسؤولية المجتمعية مشروع طويل الأمد مع أهداف ونتائج واضحة، يكون له أثر عميق وطويل الأمد يستشعر فيه المستفيد بقيمة الدعم والاستفادة الصادقة المخلصة والحقيقية من المؤسسة.

من خلال قراءتك للوضع كيف يمكنك وصف المسؤولية المجتمعية بالسلطنة؟

العديد من المؤسسات تقوم بتقديم «تبرعات مالية» تأخذ طابع «العمل الخيري» ولكنها تروج لهـــا كـ«مشاريع مســؤولية مجتمعية» ينقصها الفهم العميق لكيفية تنفيذ وإدارة مشاريع مسؤولية مجتمعية طويلة المدى ينقصها التقييم ودراسة أثرها.

لا يوجد تقييم فعلي محايد لبرامج المؤسسات، ويكون التواصل المجتمعي بين المؤسسة والمجتمع مباشرة، ومن الأفضل وجود طرف محايد ثالـــث يقوم بالتواصل المباشر للوقوف على احتياجات المجتمع الفعلية وربطها بإستراتيجية المؤسسة.
كما أن المشاركة الفعالة للمجتمع أكثرها قصيرة الأمد ولا تقدم حلولا لتحديات جذرية وبالتالي لا تحقق الاستدامة، وينبغي أن نشير إلى أن للسلطنة جهودا مشجعة لتتوجه نحو تحقيق الاستدامة، لكن يكمن التحدي في تدريب وتطوير المهارات الصحيحة للعاملين في مختلف القطاعات لقيادة دفة الاستدامة بالسلطنة بتشريع القوانين والنظم لتنظيم الممارسات المتعلقة بالاستدامة، كما ينبغي معرفة أهمية التقييم المستمر لبرامج المسؤولية المجتمعية، وكذلك تكاتف وتوحيد جهود جميع القطاعات لتحقيق الاستدامة.