ربانة بحرية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٥٥ ص

جيثو أبراهام

تعتقد السعودية وجدان السحيباني، رئيسة رابطة المرأة العربية في القطاع البحري، حقا أنه ليس هناك شيء لا تستطيع النساء فعله، حتى وإن تطلب الأمر الإبحار في البحار الهائجة.

كانت فرصة الالتقاء بأحد الزبائن في مجال الشحن البحري في أثناء عملها بإحدى الوكالات الإبداعية سببا في إثارة اهتمام وجدان السحيباني بالقطاع البحري.

وقالت وجدان: «كانت الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري (بحري) من زبائننا بالوكالة وسنحت لي فرصة العمل معهم عن قرب لأشهرٍ عدةٍ ومن خلال تعاملاتي معهم، أصبحت مهتمة للغاية بهذه الصناعة. تأثرت كثيرا بصناعة الشحن وكيف كانت بمثابة العمود الفقري لأي اقتصاد وما لاحظته آنذاك هو أنها كانت صناعة غير مستغلّة من النساء عمليا».
وحضرت وجدان، التي تُقيم في المملكة العربية السعودية، مقابلة عمل في شركة بحري وحصلت على وظيفة جديدة في قسم العلامة التجارية والاتصالات بشركة الشحن العملاقة.
وأضافت وجدان قائلةً: «قدّمت شركة بحري لي فرصا تدريبية متنوّعة، من خلال خبراتها في مجال نقل النفط والمواد الجافة والكيماويات بالإضافة إلى الشحن العام وإدارة الشحن. وكنت حريصة على تعريف عامة المجتمع بآليات صناعة الشحن، فلا أحد يعلم حقا ما يحدث في هذه الصناعة، أو كيف تحرك الاقتصاد، أو التشريعات والمبادئ التي تقف وراءها، رغم كونها صناعة بالغة الأهمية بالنسبة لأي دولة».

قيادة الطريق

في العام 2017، أرسلت وزارة النقل بالمملكة دعوةً إلى شركة بحري تطلب منها اختيار ممثل لرئاسة الوفد السعودي إلى المؤتمر الإقليمي للمرأة العربية في القطاع البحري الذي كان من المقرر أن يُعقد في مدينة الإسكندرية بمصر. ونُظِّم المؤتمر بواسطة المنظّمة البحرية الدولية وعُقِد في مقر الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري. واختيرت السحيباني لرئاسة الوفد الذي يمثّل البلاد في المؤتمر.
وقالت وجدان عن المنظمة التي تأسست حديثا لتعزيز الوعي وزيادة مشاركة المرأة في القطاع البحري: «في نهاية الأسبوع، أُسِست رابطة المرأة العربية في القطاع البحري، ثم جرى انتخاب مجلس لها وانتُخِبت لأكون أول رئيسة لها».
وفي السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، قامت العديد من المنظمات بمحاولات لزيادة عدد البحّارة من النساء في القطاع البحري، لكن الإحصاءات الفعلية لا تُظهر أي تحسّن ملحوظ، إذ قدّر تقرير نُشر بواسطة المنظمة البحرية الدولية العام 1992 نسبة النساء في عدد البحّارة في العالم الذي يبلغ 1.25 مليون بحّار بـ1 أو 2%. وفي الوقت ذاته، أشار تقرير للقوى العاملة نُشر العام 2016 بواسطة المجلس الملاحي البلطيقي الدولي والغرفة الدولية للنقل البحري إلى أن نسبة المتدرّبين والملاحين من النساء في أقسام المحرّكات البحرية بلغت 1% فقط.
وتوضح السحيباني قائلةً: «إذا كنا بحاجة إلى فهم التحديات التي تواجهها المرأة، فنحن بحاجة أولا إلى أن تشارك النساء في العمل. إنهن لسن هناك حرفيا في الوقت الحالي. ومع وجود نحو 2 % فقط من النساء في جميع أنحاء العالم اللاتي يعملن في مجال الملاحة البحرية، ليست هناك أي نساء يمكننا التحدث عنهن»، مضيفةً أن النساء لا يتقدّمن لشغل هذه الوظيفة لأنهن أيضا لا يدركن الفرص المتاحة في هذا القطاع.
وتدرك السحيباني التحديات المتمثلة في البقاء خارج البلاد، لكنها تعتقد أنها فرصة جذابة للغاية لا يمكن التفريط فيها بالنسبة للنساء، وتحرص على بذل المزيد من الجهد لنشر الوعي عن هذا القطاع.
وقالت السحيباني: «تتكوّن صناعة النقل البحري من مجتمع متنوّع ومتشابك وتقدّم العديد من الفرص المثيرة للاهتمام للنساء للعمل داخل وخارج البلاد».

وضع حجر الأساس

وتتضمن المهمة الأساسية لرابطة المرأة العربية في القطاع البحري أيضا تنظيم وتعزيز الآليات لتنفيذ الشراكات العالمية للتنمية المستدامة، ولا سيما جدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
وقالت السحيباني: «خلال عامنا الأول، عقدنا شراكات مع منظمات مثل الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في مصر والمديرية العامة لحرس الحدود السعودية، بالإضافة إلى هيئة النقل العام في السعودية للترويج لقضيتنا».
وتشير السحيباني أيضا إلى أن العامين الأخيرين كانا مهمين، إذ أصبح القطاع البحري أكثر وضوحا لعامة الناس من حيث الوعي بالصناعة وعملياتها.
وتضيف وجدان قائلةً بنبرة يكسوها الأمل: «ازداد الوعي بصناعة الشحن البحري كثيرا خلال العامين الأخيرين في جميع أنحاء العالم. ما زالت هناك حاجة إلى القيام بالمزيد في هذا الصدد، لكن الجهود تسير في الاتجاه الصحيح بالتأكيد».
ومن المقرر أن يوفر مشروع ميناء رأس الخير -مجمع الصناعات البحرية العملاق المنتظر الذي يجري بناؤه في السعودية من خلال شراكة بين شركات أرامكو وبحري وهيونداي للصناعات الثقيلة ولامبريل- أكثر من 80 ألف فرصة عمل بحلول العام 2030.
وتضيف السحيباني قائلةً: «تجري الخطط أيضا لتطوير معهد للدراسات والأبحاث والتنمية البحرية داخل المجمع، مع تركيز خاص على المهن المرتبطة بصناعة النقل البحري، لكل من الرجال والنساء. سيحسّن ذلك فرص النساء بالمنطقة وسيكون أيضا بمثابة متابعة لمفهوم المساواة للمرأة في السعودية بشكل عام. ومثل أي صناعة أخرى، من المهم أن يكون لديك تمثيل مناسب إن لم يكن مساويا من النساء في القطاع البحري، ولا سيما خارج البلاد. ينبغي أن تكون الصناعة استباقية وأكثر ترحيبا تجاه النساء، ولا ينبغي أن تستبعد النساء الطموحات هذه الصناعة عند اتخاذ خيارات مهنية».
كاتبة صحفية في منطقة الخليج

مهتمة بالقصص والقضايا الإنسانية