ما قبل النهضة المباركة وما بعدها.. بركاء.. من ثلاث مهن إلى أكبر المراكز التجارية

بلادنا الأحد ١٥/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:٣٧ ص
ما قبل النهضة المباركة وما بعدها..

بركاء.. من ثلاث مهن إلى

أكبر المراكز التجارية

مسقط - عزان الحوسني

«كانت الحياة في بركاء قبل النهضة المباركة بدائية جداً، فالمهن الموجودة فيها محصورة في ثلاث مهن رئيسية، هي: الزراعة والرعي وصيد الأسماك، ولم يكن هناك كهرباء ولا تمديدات للماء»..

هكذا يصف عضو مجلس الشورى السابق الشيخ علي بن سلطان بن علي المبيحسي الحياة في ولاية بركاء قبل الـ 23 من يوليو المجيد 1970.

ويتابع في وصف تلك الحياة البدائية قائلا: مهنة الزراعة تعد المورد الرئيسي لمعيشة المواطنين رغم صعوبتها، حيث لا تتوافر لها معدات الضخ أو ما يسمى بالري الحديث، فيقضي المزارعون أوقاتاً طويلةً في ري مزارعهم ذات المساحات البسيطة.
أما بالنسبة لمهنة الرعي فكان الرعاة ينهضون باكراً مع بزوغ الفجر لرعي ماشيتهم في المناطق الخصبة في الأودية والشعاب والسيوح المفتوحة ويعودون بها قبيل غروب الشمس.
ويتحدث المبيحسي عن الرعاة في الوقت الحالي قائلا: الآن اختفت هذه العادة وذلك بسبب فقدان مناطق الرعي واستبدالها بمخططات زراعية وسكنية وإقامة أسواق للمواشي تتميز بها ولاية بركاء عن باقي ولايات السلطنة، حيث إن أسواق المواشي بالولاية تفي بالغرض ليس على مستوى الولاية فقط أنما لكل المستهلكين الذين يتوافدون على أسواقها.

الصيد

وعن مهنة الصيد يقول: تعتبر هذه المهنة من المهن الصعبة والشاقة رغم الحاجة لها خصوصاً في منطقة الباطنة قديماً، فالمعدات والآلات كانت بالأخشاب أو ما يسمى بـ (الهوري) قديماً، حيث يقضي الصيادون أيامهم في البحر بحثاً عن الأسماك ويواجهون المشاق في وسط البحار، ويتغلبون على الأمواج العاتية ويصارعونها بالمجاديف والشراع، وكانت حياتهم مهددة بالكثير من المخاطر إلا أنهم كانوا صامدين أقوياء يغامرون من أجل كسب قوت الحياة.
ويمتدح الشيخ علي ما آل إليه الوضع مع بزوغ النهضة ويقول: أما بعد بزوغ فجر النهضة المباركة فقد وفرت الحكومة السفن والقوارب المتطورة والمعدات اللازمة للصيد ما ساعد في انتعاش حرفة الصيد وإقبال الكثيرين على امتهانها.

النقل

ويخبرنا المبيحسي عن وسائل التنقل قديماً فيقول: كانت هناك ثلاث وسائل: الإبل والحمير والمشي على الأقدام، وبإمكان المرء اليوم أن يتخيّل صعوبة التنقل بهذه الوسائل حيث وعورة الطرق وارتفاع درجات الحرارة وصعوبة التزود بالمؤونة خاصة عند القيام بمشاوير بعيدة.
ويقارن الشيخ علي الأمر بالوضع الحالي في الولاية قائلا: لا وجه للمقارنة إطلاقاً بين الماضي والحاضر، فقد توفرت الوسائل وتنوعت ولم تبق حاجة للوسائل القديمة، فشقت الطرقات وبمواصفات عالمية وتزايدت المركبات المتنوعة والتي بدورها اختصرت الجـــــهد الوقت وأصبح المواطنون يتنقلون في كل أنحاء السلطنة بكل أريحية دون أي عوائق تذكر ويسكنهم الهدوء والطمأنينة.

الصحة

وعن قطاع الصحة في الولاية يذكر الشيخ علي: كان هناك مركز صحي واحد فقط في ولاية بركاء ويقع في مركز الولاية بالقرب من حصن بركاء تحديداً، وكانت خدماته قليلة ولا يستوعب كل المرضى، أما في وقتنا الحالي فانتشرت مراكز عديدة في أغلب المناطق بالولاية مع وجود مجمع صحي به أقسام متعددة وتحال إليه بعض الحالات من المراكز الصحية متى ما استدعت الحاجة.

التعليم

وعن التعليم يقول المبيحسي: لكون العلم والتعلم المحرك الأساسي لنمو وتطور الأمم والشعوب فقد وضع مولانا جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- التعليم نصب عينيه، ونتذكر هنا مقولته المشهورة: «سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة» ونحن نشهد أن التعليم كان تحت ظل الشجر نعم أو ما يسمى بالعرشان ولا وجود إلا لمدارس متواضعة لتعليم القرآن الكريم وهذا ينطبق على أغلب مناطق السلطنة، أما في نهضتنا الحديثة فقد نفذت الحكومة الرشيدة النهج السامي خير تنفيذ فقد أنشئت المدارس الضخمة في أغلب القرى والمناطق بالولاية ولله الحمد، فلا تمر في طريق معين إلا وترى المدارس شاهقة بمبانيها الراقية وهذا يدل على الاهتمام البالغ بالتعليم.

وقد ألقى هذا الاهتمام بظلاله على الشعب العماني بأكمله فقد تخرج المهندس والطبيب والمعلم وتخصصات أخرى كثيرة ومتعددة من أبناء الوطن وكل ذلك بفضل التعليم الجيد بشتى مراحله ابتداء من التعليم الابتدائي وانتهاء بالدراسات الجامعية.

وأخيراً أقول إن الولاية كسائر الولايات انتقلت نقلة نوعية في شتى مجالات الحــــــياة وأصبحت تضاهي الدول المتطورة بالخدمات التي تقدمها لمواطنيها بفضل جلالة السلطان والمخلصين من أبناء هذا الوطن.

الحركة الاقتصادية

أما مدير مساعد بدائرة التدقيق الداخلي بمجلس الشورى الشيخ ياسر بن علي بن سلطان المبيحسي ابن الشيخ علي، فقد وصف الحركة التجارية في ولاية بركاء بأنها لم تكن بالشكل المطلوب فيما قبل النهضة المباركة، كانت دون المستوى وتفتقر لأبسط المقومات التجارية، فلا يوجد سوى سوق واحد صغير في مركز الولاية بجانب حصن بركاء ويحتوي على محلات تجارية قليلة مبنية من الطين حيث كان السوق عبارة عن مجموعة من المحلات يتوسطها طريق صغير للمتسوقين الذين يتوافدون على السوق من جميع مناطق وقرى الولاية.
أما بالنسبة للمؤن والحاجيات المتوفرة بالسوق فهي عبارة عن ثمار موسمية لأشجار النخيل والفاكهة وأنواع بسيطة من الملابس كما يوجد ركن بسيط للعطارين.
أما في العهد الزاهر -يقول الشيخ ياسر: فقد حظيت ولاية بركاء بتطور كبير في كل مجالات الحياة لاسيما الحركة التجارية بالولاية، فقد انتعشت الحركة التجارية بشكلٍ ملحوظ وها هي الآن تضم سوقا كبيرا جداً يمتد لعدة كيلومترات ويحتوي على جميع حاجات ومستلزمات المستهلكين كما تضم الولاية أكبر مراكز تجارية على مستوى السلطنة، كما اتخذت بعض الشركات العملاقة موقعاً لها في الولاية كالشركات اللوجستية ومراكز التسلية ومراكز التسوق بكافة أنواعها، والمصانع الإنتاجية الضخمة.
وأضاف المبيحسي: بالنسبة للحركة السياحية التي تعد رافداً مهماً من روافد الحركة الاقتصادية فتوجد مواقع سياحية بالولاية أهمها شاطئ السوادي، فقد رست مناقصات عديدة على كبريات الشركات لتطوير هذا الشاطئ واستثماره الاستثمار الأمثل ليصبح وجهة سياحية تستوعب أكبر عدد من السياح، كما أنشئ أيضاً ميناء للصيد السمكي ليستوعب أغلب الصيادين، أما فيما يخص السيولة النقدية فتوجد بنوك ومؤسسات تجارية عديدة بالولاية منتشرة في أغلب مناطقها وتستوعب كافة العملاء.
ويؤكد الشيخ ياسر أن النشاط التجاري بولاية بركاء قد بلغ الذروة ولا يزال في تصاعد مستمر وأن موقع الولاية الاستراتيجي يشجع المستثمرين على الإقبال عليها، وهو أمر واضح من خلال النشاط التجاري والاقتصادي.