ميركل تدفع ثمن سياستها ازاء اللاجئين

الحدث الاثنين ١٤/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٥ م
ميركل تدفع ثمن سياستها ازاء اللاجئين

برلين – ش – وكالات

قالت قناة أر تى فى الإسبانية أن أزمة اللاجئين فى أوروبا عصفت بحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى الانتخابات وحققت النجاح للحزب اليمينى المتطرف، وذلك فى الانتخابات التى كانت مقررة أمس الاول الأحد فى 3 ولايات ألمانية، وهذه الخسارة ستجعلها تعيد حساباتها تجاه اللاجئين، وتتراجع عن سياسة الباب المفتوح.
وأشارت الوكالة إلى أن وسط ضغوط كبيرة تعرضت لها ميركل فى الفترة الأخيرة لاتباعها سياسة الباب المفتوح مع اللاجئين فى أوروبا، قرر الناخبين معاقبة ميركل وحزبها المسيحى الديمقراطى فى الانتخابات، وعانت من هزيمة فى اثنين من الولايات فى ولايتى بادن فورتنبيرج وراينلاند بالاتينات، ولكنها حافظت على موقعها فى ولاية سكسونيا.
وأوضحت الوكالة أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليمينى المتطرف المعادى للهجرة حقق مكاسب فى الولايات الثلاث، وهو ما ينذر بالخطر إزاء الانتخابات المقبلة فى 2017
وأضافت الصحيفة أن هذه الانتخابات كانت بمثابة اختبار لسياسة ميركل تجاه اللاجئين، ومن المتوقع أن فى الفترة المقبلة ستغير ميركل سياستها تجاه اللاجئين بعد أن تعرض مستقبلها السياسى لهذا الخطر، ففى ولاية بادن فورتنبيرج الغربية، التى كانت تعد فى السابق معقلا للديمقراطيين المسيحيين المحافظين، هبط مستوى التأييد للحزب إلى مستوى تاريخى لا يتجاوز 27% . أما فى ولاية سكسونيا انهالت الشرقية الفقيرة، والتى يحكمها ائتلاف يضم الديمقراطيين المسيحيين والحزب الديمقراطى الاجتماعى، تشير الاستطلاعات إلى أن هذا الائتلاف سيظل فى الحكم ولكنها تشير أيضا إلى أن "البديل من أجل ألمانيا" فاز بـ22% من مجموع الأصوات. ومن المرجح أن يحتفظ الديمقراطيون الاجتماعيون بسيطرتهم على حكومة ولاية راينلاند بالاتينات، وهى ولاية كان الديمقراطيون المسيحيون يأملون بالفوز بها.

مسؤولية الهزيمة
من جانبه حمل رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري هورست زيهوفر سياسة اللجوء التي تنتهجها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مسؤولية هزيمة حزبها المسيحي الديمقراطي في انتخابات محلية.
وقال زيهوفر امس الاثنين قبيل اجتماع قيادي لحزبه في ميونيخ: "السبب الرئيسي هو سياسة اللجوء. لا جدوى مطلقا من الالتفاف حول الأمر".
تجدر الإشارة إلى أن الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري بزعامة زيهوفر يشكلان ما يعرف باسم "التحالف المسيحي". ويتكون الائتلاف الحاكم في ألمانيا من التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وذكر زيهوفر أن التحالف المسيحي سيحتاج إلى فترة طويلة للتغلب على التطورات السلبية التي حدثت على مدار الشهور الستة الماضية، وقال: "هذا تحول جذري في المشهد السياسي بألمانيا".
وردا على سؤال حول ما إذا كانت ميركل لا تزال الشخص المناسب في منصب المستشارية، قال زيهوفر: "نعم".

أكثر من مجرد تحذير
واعتبر وزير العدل الألماني هايكو ماس النجاحات التي حققها حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي في الانتخابات المحلية التي جرت في ثلاث ولاية أمس الاول الأحد اختبارا للديمقراطية.
وقال ماس في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "نجاح حزب البديل من أجل ألمانيا أكثر من مجرد تحذير".
وكان الحزب حصل على نسبة تزيد عن 10% في الانتخابات المحلية التي جرت أمس الاول في ولايات بادن-فورتمبرج وراينلاند-بفالتس وسكسونيا-أنهالت.
وأكد ماس أنه يتعين على كافة الأحزاب الآن اتخاذ موقف واضح ضد المحرضين على كراهية الأجانب، وقال: "يتعين علينا فضح الشعارات الجوفاء بالحجج الموضوعية".
وطالب ماس بردود فعل حاسمة ضد من يسيء استغلال أزمة اللاجئين في إضفاء طابع التطرف على الجدل السياسي، وقال: "مكافحة التحريض المعادي للأجانب ستظل مهمة مجتمعية كبيرة للسياسة والمجتمع المدني. الغالبية الصامتة لا ينبغي أن تصمت بعد ذلك".

دفاع عن ميركل
على الجانب الاخر أعربت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين عن أعتقادها بأن نتائج الانتخابات المحلية التي أجريت أمسالاول الأحد في ثلاث ولايات ألمانية لا تعد سببا لتغيير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سياسة اللجوء التي تتبعها.
وقالت في تصريحات لمجموعة صحف "فونكه" الإعلامية إن أكثر من 80 بالمئة من المواطنين في كل من ولاية بادن-فورتمبرج وراينلاند-بفالتس وسكسونيا-أنهالت صوتوا لصالح الأحزاب "التي تدعو لحل أوروبي لأزمة اللجوء وتدعم سياسة المستشارة".
وأدلت الوزيرة الألمانية بتصريحات مشابهة لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية في عددها الصادر اليوم الاثنين.
ومن جانبه أوصى مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الرقمية جونتر أوتينجر في الصحف بالالتزام بهذه السياسة، وقال إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لديها فرصة لإنجاح سياستها في أوروبا.
وتابع قائلا: "ولهذا السبب سيكون من الخطأ أن يتم إحداث تغيير في هذه السياسة حاليا".
ويعول أوتينجر على أن القمة الأوروبية القادمة سوف تسفر عن المزيد من الوضوح في أزمة اللجوء على نحو أكثر من اللقاءات السابقة.
ومن جانبه قال نوربرت لامرت رئيس البرلمان الألماني "بوندستاج" لقناة "فونيكس" الألمانية: "إن هناك أغلبية كبيرة بشكل واضح تدعم سياسة المستشارة على نطاق واسع. وهناك أيضا جزء لا يستهان به من الناخبين يتعقب ذلك بانتقاد واضح ويساوره الشك".

غليان
تعيش المانيا حال غليان منذ ان فتحت ابوابها في العام 2015 لاكثر من مليون طالب لجوء، خصوصا لسوريين هاربين من جحيم الحرب على متن قوارب متهالكة للوصول الى الاتحاد الاوروبي.
ومع اندلاع حرائق في مراكز ايواء اللاجئين، ومجتمع مصدوم باعتداءات جنسية اتهم مهاجرون بارتكابها في كولونيا، يبدو ان الالمان الذين استقبلوا اللاجئين في بادئ الامر بالترحاب، باتوا مربكين. وهناك عدد متزايد منهم يتجه نحو اليمين الشعبوي.
وكانت استطلاعات الراي توقعت فوز حزب "البديل من اجل المانيا" المناهض لليورو والذي أنشئ قبل ثلاث سنوات، بـ18 الى 19% من نوايا الاصوات.
ويعتبر ارتفاع اسهم هذا الحزب سيناريو غير مسبوق منذ العام 1945 في بلد يبحث دائما عن المثالية الاخلاقية بعد الرعب النازي.
لكن الاحزاب التقليدية ترفض اي تعاون مع هذا الحزب بوصفه "عارا على المانيا"، وفق ما قال وزير المال الالماني، رغم ان مهمة "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" والاشتراكيين الديموقراطيين لجهة تشكيل تحالفات اقليمية قابلة للاستمرار ستكون صعبة.
غير ان ميركل واثقة بان نفوذ حزب "البديل من اجل المانيا" سينحسر ما ان تحل ازمة المهاجرين.
ويرى عدد من المحللين السياسيين ان ميركل تبقى على الرغم من الاصوات المعارضة لها، الاقوى سياسيا في غياب منافس قادر على هزيمتها.