جنيف 3.. قد يرسم خارطة طريق لسوريا

الحدث الاثنين ١٤/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٥ م
جنيف 3.. قد يرسم خارطة طريق لسوريا

جنيف - ش - وكالات
بعد تثبيت هدنة وقف إطلاق النار والأعمال العدائية في سوريا، رغم الخروقات التي تم رصدها بين الأطراف المتصارعة، يعود الحل السياسي إلى الواجهةِ مجددا في جنيف 3، الذي يبعثُ على الأمل بدفع الأزمة نحو مربع الحل السياسي، لاسيما وأن العسكرة دمرت البلاد، وشردت سكانها.
وفي الأثناء؛ اعتبر مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا ان الانتقال السياسي هو "أساس كل القضايا" التي ستتم مناقشتها خلال مفاوضات جنيف، وقال في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة في جنيف "ما هي النقطة الاساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الاساسية في كل القضايا" التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريتين، مشيرا إلى أن المحادثات تهدف إلى تحقيق الانتقال السياسي والتوصل إلى "خارطة طريق واضحة" لمستقبل سوريا.
وقال ميستورا في مؤتمر صحفي أمس الإثنين، قبيل اجتماعات جنيف 3 أنه في حال فشل المفاوضات أو عدم توفر الإرادة لحل الأزمة فسوف يتم إحالة الملف السوري لمجلس الأمن، مؤكدا أن هناك جهات كانت تشوش على المحادثات بهدف إفشالها.
وأضاف أنه لا توجد "خطة بديلة" سوى العودة إلى الحرب وطلب الاستماع إلى جميع الأطراف لكنه قال إنه لن يتردد في طلب تدخل القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة وروسيا إذا تعثرت المحادثات.
وبعد خمس سنوات على نزاع دام، أمسكت واشنطن وموسكو بزمام الامور في سوريا وهما تفرضان رؤيتهما على الاطراف المتنازعة متجاوزتين القوى الاقليمية، بحسب ما يقول محللون وسياسيون.
ويقول هيثم مناع، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديموقراطية، وهو تشكيل معارض لا يشارك في مفاوضات جنيف التي تبدا اليوم، "تتباحث القوتان الكبريان عبر الهاتف وفي اي مكان في العالم، ومن ثم تبلغان قرارهما لحلفائهما السوريين ولموفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا".
ويضيف انهما "تحددان خطوطا حمراء للقوى الاقليمية لا يجدر بها تخطيها. فيحذر الاميركيون الاتراك من اي عملية داخل سوريا، ويطلبون من السعوديين التوقف عن ارسال السلاح. وتقوم روسيا بالامر نفسه مع ايران".
ويُعد اتفاق وقف الاعمال القتالية الذي بدا العمل به في 27 فبراير النموذج الافضل على التعاون الروسي الاميركي. وخلافا للتوقعات، لا تزال هذه الهدنة التي فرضتها موسكو وواشنطن صامدة بشكل عام.
ويقول الخبير في شؤون الشرق الاوسط في معهد كارنيغي للابحاث جوزف باحوط لوكالة فرانس برس "تمسك الولايات المتحدة وروسيا بزمام القيادة وتحتكر الموضوع السوري".
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الاميركية في بيروت باسل صلوخ "ما بدأ على انه حراك غير عنفي تحول الى نزاع متداخل بين اطراف محلية واقليمية ودولية على سوريا".
ويضيف "سمحت الخلافات الجيوسياسية والطائفية للقوى الكبرى بتقديم نفسها على انها الحكم الفصل في هذه النزاعات السورية المتشابكة". وبالتالي، بحسب قوله، "ستحدد المصالح الاستراتيجية لروسيا والولايات المتحدة وليس تطلعات الشعب شكل التسوية في سوريا".
أما رئيس تحرير مجلة "روسية والسياسة العالمية" فيودور لوكيانوف، فيقول "بعد حوالى 30 عاما على نهاية الحرب الباردة، يتبين ان واشنطن وموسكو هما الدولتان الوحيدتان القادرتان على اتخاذ القرارات وتنفيذها، كما في الايام الغابرة". ويضيف "الدول الاخرى لا تريد او لا تستطيع القيام ذلك، هذه هي حصيلة النظام العالمي الجديد".
ويتابع "هذا لا يعني انهما ستتمكنان من حل كل المشاكل، فعلى الارض يعود الامر الى القوى الاقليمية، وموسكو وواشنطن لا تسيطران عليها بالكامل".
وبرغم ذلك، يقول لوكيانوف، "تبقى واشنطن وموسكو الدولتين الوحيدتين القادرتين على دفع الاطراف المتنازعة نحو السلام".
ولا تتردد الدولتان في اثبات قدرتهما هذه. فحين اعلن بشار الاسد في مقابلة مع وكالة فرانس برس انه يريد استعادة الاراضي السورية كافة، سارعت موسكو الى التخفيف من حدة التصريح. وقال المبعوث الروسي الى الامم المتحدة فيتالي تشوركين "روسيا انخرطت بجدية كبرى في هذه الازمة، سياسيا ودبلوماسيا والان عسكريا، وبالتالي نريد بالطبع ان يأخذ بشار الاسد هذا بالاعتبار".
ويقول مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس برغم ان "الخلافات الايديولوجية والميدانية بين الاطراف السورية لا تزال عميقة جدا" وستمنع التوافق بينها، الا ان "كافة الاطراف تعتمد بشكل كامل على داعميها وهي مضطرة للاذعان لمطالب هؤلاء الذين يسلحونها".
وعلى صعيد الأزمة الإنسانية؛ تأثر اكثر من ثمانية ملايين طفل سوري بالنزاع الدائر في بلدهم منذ خمسة اعوام، سواء الذين لا يزالون منهم داخل سوريا او الذين لجأوا الى الدول المجاورة او الذين ولدوا في الحرب، بحسب ما افاد تقرير نشرته منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونسيف) الاثنين.
وجاء في التقرير الذي اعد لمناسبة دخول النزاع عامه الخامس "تقدر اليونسيف ان ما مجموعه 8,4 مليون طفل، أي أكثر من 80 في المائة من الأطفال في سوريا، تأثروا بسبب النزاع، سواء في داخل البلاد أو كلاجئين في الدول المجاورة".
واضاف ان "حوالى 3,7 مليون طفل سوري، أي واحد من بين ثلاثة أطفال سوريين، ولدوا منذ بدء النزاع في سوريا قبل خمس سنوات. لم يعرف هؤلاء الأطفال الا العنف والخوف والنزوح. ويشمل هذا الرقم أكثر من 151 الف طفل ولدوا كلاجئين منذ عام 2011".
ويقول المدير الاقليمي لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيتر سلامة في التقرير "العنف في سوريا أصبح امرا شائعا، حيث طال العنف البيوت والمدارس والمستشفيات والعيادات والحدائق العامة والملاعب ودور العبادة".
وأضاف ان "ما يقرب من سبعة ملايين طفل يعيشون في فقر، ما يجعلهم يعانون الخسارة والحرمان في طفولتهم". وبحسب التقرير الذي اطلق عليه اسم "لا مكان للأطفال"، تحققت اليونيسف من "حدوث ما يقرب من 1500 من الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في عام 2015".