شهاب بن طارق: إستراتيجية البحث العلمي موظفة للرقي بالإنسان العماني

بلادنا الخميس ١٢/يوليو/٢٠١٨ ٠٣:٥٠ ص
شهاب بن طارق: 

إستراتيجية البحث العلمي موظفة للرقي بالإنسان العماني

مسقط - العمانية

أكد مستشار جلالة السلطان رئيس مجلس البحث العلمي صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد أن المجلس حرص على إعداد إستراتيجية وطنية تحدد مسار البحث العلمي والتطوير بالسلطنة، وتربطه مع مسار خطط التنمية الشاملة التي تنفذها الحكومة من أجل الرقي بالإنسان العماني.

وتتمثل المهمة التي جرت صياغتها للبحث العلمي في تأسيس منظومة إبداعية تستجيب للمتطلبات المحلية والتوجهات العالمية، وتعزز الانسجام الاجتماعي، وتقود إلى الابتكار والتميز العلمي وأن المحاور الرئيسية للإستراتيجية تتمثل في بناء وامتلاك سعة بحثية واسعة، وتحقيق تميز بحثي في مجالات منتقاة ذات أهمية وطنية، وتأسيس البيئة المحفزة للبحث العلمي، إلى جانب نقل المعرفة، واكتساب القيمة من البحوث العلمية.

وقال سموه في حوار لمجلة «شرفات المجلس» في عددها الجديد: إن إستراتيجية البحث العلمي تتضمن ثلاث مراحل للتنفيذ وهي مرحلة التمكين من خلال إزالة العقبات حيث عمل المجلس على إنشاء منظومة من البرامج لدعم الباحثين مع توفير الدعم المالي اللازم لإجراء البحوث وتوفير المعدات البحثية والمختبرات وغيرها من ممكنات البحث العلمي، في حين ركزت المرحلة الثانية وهي مرحلة المواءمة بين بناء السعة البحثية والإمكانات البحثية مع متطلبات التنمية في السلطنة، حيث تم تدشين عدد من البرامج الإستراتيجية الموجهة لتقديم حلول علمية في القضايا الوطنية ذات الأولوية كحوادث الطرق ودوباس النخيل والطاقة المتجددة والمرصد الاجتماعي وغيرها، والمرحلة الثالثة وهي مرحلة بناء المستقبل وتركز على بناء مراكز التميز البحثي لسد الفجوة بين الأبحاث التي تقوم بها المؤسسات البحثية والأكاديمية وبين متطلبات القطاع الخاص لإيجاد حلول علمية للتحديات التي يواجهها، وعلى سبيل المثال يعمل المجلس في هذا الجانب على إنشاء معهد تكامل التقنيات المتقدمة بالتعاون مع شركة تنمية نفط عمان ومؤسسة هلم هولتز الألمانية، كذلك يعمل على إنشاء مركز التميز البيئي بالتعاون مع شركة بيئة وعدد من الشركاء وغيرها من المراكز البحثية في المجالات ذات الأولوية الوطنية.وأوضح سموه أن السعة البحثية في أغلب الدول النامية محدودة سواء كان ذلك في الجانب البشري أو الأجهزة والمعدات اللازمة، لذلك كان لا بد من التركيز على الأولويات الوطنية في البحث والابتكار وكذلك التركيز على ما يمنح السلطنة الميزة التنافسية فيها مقارنة بالدول الأخرى فعلى سبيل المثال الاستخلاص المعزز للنفط يعتبر أولوية وطنية وللسلطنة مزايا تنافسية في هذا الجانب لذلك تعتبر الأبحاث وتطوير التقنيات في هذا الجانب من أهم الأولويات وأصبحت السلطنة من الدول الرائدة نتيجة توفر المعطيات والممكنات لذلك.

إعداد الإستراتيجية

وأشار سموه إلى أن المجلس بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني عمل على إعداد الإستراتيجية الوطنية للابتكار، إذ جرى تحليل أسباب نجاح بعض الدول في الاستفادة من نتائج البحث والابتكار في دعم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وقد بدا واضحاً أهمية وجود رؤية وطنية مشتركة يعمل كافة الشركاء من مختلف المؤسسات على تنفيذها بتناغم وانسجام كل في مجال اختصاصه، لذلك تم إعداد الإستراتيجية لتكون منصة لتفعيل الروابط بين كافة المؤسسات سواء الصناعية أو الأكاديمية أو البحثية ومنظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى الاستفادة من العلم والمعرفة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية فجميع هذه المؤسسات شريكة في الإعداد والتنفيذ.

كما تم تحديد رؤية مشتركة ومؤشرات أداء توضح مدى التقدم في تحقيق أهداف الإستراتيجية والبرامج والمبادرات الواردة فيها واهتماما من قبل كافة المؤسسات من أجل تحقيق هذه الرؤية التي تسعى إلى أن تكون السلطنة ضمن الدول الرائدة في مجال الابتكار (ضمن أفضل 20 دولة في 2040). وقال صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد: إن مجلس البحث العلمي وشركة تنمية نفط عمان بالتعاون مع وزارة النفط والغاز دشن منصة «إيجاد» وهي المنصة الإلكترونية لتفعيل التعاون بين القطاع الصناعي والقطاع الأكاديمي والبحثي في السلطنة في مجال الطاقة، تحت مظلة معهد تكامل التقنيات المتقدمة، وتتيح المنصة الإلكترونية للقطاع الصناعي عرض التحديات الصناعية التي تواجهه وتُمكِّنُ الباحثين في الجامعات والكليات من الاطلاع على هذه التحديات الكترونيا واقتراح حلول لها، ما سيؤدي إلى توجيه الأبحاث في الجامعات إلى أبحاث تطبيقية مرتبطة بالصناعة بشكل وثيق وتطوير التعاون بين هذه المؤسسات بما يسمح بتوجيه الدعم المالي إلى المؤسسات الأكاديمية والبحثية المحلية.

تحفيز الأنشطة

وأضاف سموه أن منصة إيجاد ستعمل نحو تحفيز أنشطة البحث العلمي والابتكار في مجال الطاقة عبر إقامة حلقات العمل والمؤتمرات والتدريب لبناء القدرات الوطنية، كما تهدف كذلك لحث المؤسسات المنتمية للقطاع الصناعي على استثمار القيمة المحلية المضافة لدعم الأبحاث والابتكارات في مجال الطاقة.

وبين سموه أن منصة إيجاد تتيح للمشتركين معرفة بيانات الباحثين في السلطنة، وأحدث المختبرات والأجهزة الموجودة في مؤسسات القطاع الأكاديمي والقطاع الصناعي، بالإضافة لذلك ستتيح عملية تنقل الباحثين بين القطاع الأكاديمي والقطاع الصناعي تبادل الخبرات والاستفادة من الموارد البشرية الموجودة لدى الطرفين في المراحل المستقبلية.
وأوضح سموه أن البرامج التي أنشأها المجلس تسعى إلى تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي في بناء السعة البحثية ونقل التقنية وتوفير البيئة المحفزة للبحث العلمي والابتكار، لذلك جاء برنامج المنح البحثية المفتوحة لتقديم الدعم المالي والارتقاء بجودة البحوث بهدف تطوير السعة البحثية في السلطنة، ويتم تقديم الدعم المالي اللازم للمؤسسات الأكاديمية لإجراء بحوث ذات أولوية وطنية في مجال اهتمامات الباحثين العلمية ويساهم في تأهيل الباحثين وتوفير المعدات والأجهزة البحثية وتوفير المختبرات وتكوين الفرق البحثية، وفي هذا الإطار فقد تم تمويل حوالي 160 مشروعاً بحثياً خلال السنوات الفائتة، كما أن برنامج المنح البحثية الإستراتيجية يعنى بإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع وذات أولوية وطنية كالبرنامج البحثي الاستراتيجي لحوادث الطرق والبرنامج البحثي الاستراتيجي لحشرة دوباس النخيل وبرنامج بحوث المرصد الاجتماعي وغيرها من المجالات وعادة تترأس مثل هذه البرامج الجهات ذات العلاقة المباشرة بالموضوع من خلال لجان توجيهية بعضوية الجهات المرتبطة بالموضوع.
وتطرق سموه إلى التنافس في مجال البحوث من أجل توجيه الدعم والارتقاء بجودة المشاريع البحثية التي ترد للمجلس وبالتالي الحصول على مخرجات رصينة موجهة للقضايا المحلية، وفي هذا الإطار هناك عدد من المعايير التي وضعت في هذا الجانب كالرصانة العملية والجودة والحداثة والأولوية الوطنية وغيرها من المعايير التي تضمن الحصول على مخرجات ذات قيمة عالية تعود بالنفع على التنمية في البلاد وهناك تفاعل وتجاوب كبير من قبل الباحثين والمؤسسات مع هذه البرامج، أما الموضوعات البحثية فهي تعتمد على نوع البرنامج فمثلا -مثلما أشرنا سابقا- يتم دعم المشروعات البحثية في برنامج المنح البحثية المفتوحة حسب اهتمامات الباحثين العلمية مع مراعاة أهميتها للسلطنة، أما في برنامج المنح البحثية الإستراتيجية فهذه بحوث موجهة إلى مجالات محددة لذا على الباحثين والمؤسسات تقديم مقترحاتهم البحثية في هذه المجالات باعتبارها قضايا ذات أولوية وطنية، وتعتبر اللجان التوجيهية بهذا البرنامج هي المسؤولة عن إدارتها للبرامج وتحديد المحاور البحثية التي ينبغي التقدم بمقترحات بحثية فيها.

برنامج الكراسي البحثية

وقال سموه: إن إنشاء المجلس برنامج الكراسي البحثية جاء من أجل إيجاد مراكز تميز بحثي في مجالات علمية ذات أولوية وطنية يتم إنشاؤها في المؤسسات الأكاديمية، حيث تتنافس هذه المؤسسات في الحصول على تمويل إنشاء كرسي بحثي فيها في مجال محدد ضمن نطاق اهتماماتها البحثية وبما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي، ونحن نرى أن إنشاء هذه الكراسي ضرورة وطنية لبناء قدرات هذه المؤسسات لتكون منارات بحثية في مجالات تخصصية، حيث قام المجلس حتى الآن بتمويل إنشاء كرسيين بحثيين، الأول الكرسي البحثي في مجال تحلية المياه عبر تقنية النانو بجامعة السلطان قابوس وقد حقق الكرسي الأهداف المرجوة وهو حاليا في طور التحول لمركز بحثي متخصص في هذا المجال، أما الكرسي الآخر فهو الكرسي البحثي في مجال المعادن وعلوم المواد بجامعة نزوى حيث يعتبر هذا المجال أولوية وطنية من خلال سعي السلطنة إلى تطوير المعرفة والقدرات الأكاديمية والابتكارية والصناعية .

وأضاف سموه أن برنامج المنح البحثية المفتوحة يهدف إلى بناء السعة البحثية والقدرات الوطنية حيث حقق البرنامج خلال السنوات الفائتة حراكاً بحثياً نشطاً وتمكنت العديد من المؤسسات الأكاديمية وبالأخص الجامعات الخاصة من بناء المختبرات وتوفير الأجهزة والمعدات البحثية المتخصصة، كما تم استقطاب العديد من الباحثين نظرا لتوفر بيئة محفزة للبحث العلمي .