باميلا كسرواني
ليس أمراً مفاجئاً أن يهتمّ بدر ورد الأردني بمجال تعليم الأطفال وتحديداً بسبل ابتكار وسائل تربوية جديدة. فعلاقته بالتعليم بدأت منذ طفولته. قصةٌ يرويها لنا خلال لقائنا في أحد مقاهي دبي حيث لم يخفِ اندفاعه وحماسته وحيث كان واضحاً إلمامه بهذا المجال. ويخبرنا «تنقلت بين دول عديدة ووجدت نفسي في مرحلة معينة من الدراسة عاجز عن الاندماج بالمدرس. فقررت أن أترك المدرسة وأنا في سنّ 13 أو 14 ومتابعة الدراسة الذاتية لأدخل الجامعة وأنا في الـ 15 من عمري تقريباً».
في تلك المرحلة، أي بداية 2000، بدأ فصل جديد من الإنترنت، فقرر الالتحاق بكلية التكنولوجيا في الجامعة الأمريكية بدبي. ومع بداية مسيرته المهنية، أدرك أنه يريد توظيف التكنولوجيا بشيء إيجابي يخدم المجتمع.
إلا أن القصة لا تنتهي هنا لا بل أنها نابعة أيضاً من قصة والده الذي ولد وتربى في مخيم لاجئين وكان الوحيد الذي تعلّم من بين إخوانه، ما سمح له بأن يصبح مدير عام شركة كبيرة. ويشير ورد «التعليم يغير حياة شخص ومجتمع أكبر». وبالتالي، أراد استخدام معرفته التقنية وإيجاد حل للتعليم غير المواكب للعصر فأطلق «لمسة»التي تطرح سؤالاً واحداً «كيف نجعل التعليم مسلي؟»
«التعليم بالترفيه»، مصطلح كانت «لمسة» أول من استخدمه في المنطقة العربية مركزة على الطفولة المبكرة بعد أن قام فريق العمل بدراسات عديدة ووجد أن عقل الطفل ينمو بشكل أسرع في هذه المرحلة حتى عمر الثامنة إلى تسع سنوات. ويشدد ورد «كل الدراسات،حتى الدراسات من جامعة هارفرد، تشير إلى أن نجاح الطفل في الدراسة والحياة والتصرفات والسلوك، يعتمد على هذه المرحلة التي غالباً ما نتجاهلها».مهمة صعبة ومسؤولية كبيرة أخذها على عاتقه ورد. وبدأت الرحلة مع إقامة مركز أبحاث خاص في فنلندا التي تحتل المركز الأول في التعليم المبكر. وبعد نحو عام ونصف من الأبحاث التي تركّزت على ثلاث محاور هي التعليم للترفيه والطفولة المبكرة، وما هي المادة التي نريد أن نعلّمها، انطلق تطبيق «لمسة» العام 2013 مع قصص تفاعلية، وألعاب تعليمية، وفيديوهات تفاعلية لاقت صدى لدى أكثر من 12 مليون طفل في العالم العربي أمضوا أكثر من 10 بلايين دقيقة مع «لمسة».
اتخذت «لمسة» من أبو ظبي مقراً لها يجمع أشخاص من كل أنحاء العالم يتوجهون إلى أطفال في الدول العربية وإنما أيضاً في الغرب. ويطلعنا ورد «أول دولة هي السعودية تليها مصر، فالجزائر والمغرب ثم الإمارات والأردن وعمان والدول الأخرى».تجدر الإشارة إلى أن كل أبحاث «لمسة» تصب في المحتوى الذي يصنعه فريق من
40 شخصا ما بين رسّامين، ومؤلفين، ومحركين، ومبرمجين، ومهندسين صوت يعملون معا لإنتاج المحتوى الذي يتطلب ما بين شهر وثلاثة أشهر للمحتوى الواحد وست أشخاص مخصصين للعمل عليه.
قد يكون أحد عوامل نجاح «لمسة» اعتمادها المحتوى باللغة العربية و»إنما لغة عربية خفيفة وبسيطة للأطفال. تجمعنا اللغة العربية ونقرّبها إلى العامية من دون أن نتنازل عن القواعد اللغوية»، على حد قول ورد.
أما العامل الآخر، فهو أن «لمسة» لا تتكلم عن الدين ولا تعتمد أي توجه ديني حيث يشرح لنا ورد «نؤمن أن ما يجمعنا هو اللغة والعادات والتقاليد العربية مثل احترام الكبير والصغير، والجيران، والعلاقات الأسرية... «.
كما عمدت «لمسة»، طوال هذه السنوات، إلى تطوير منتجاتها وشخصياتها وإنما أيضاً كسر الصور النمطية للمرأة في مجتمعاتنا العربية. ويشرح لنا ورد: «زرعنا هذه القيم في الشخصيات. جوري تحب الهندسة والاختراعات وآدم يحب الفنون والألوان. بهذا نكسر حواجز وصور نمطية موجودة في المجتمع عن الولد والفتاة. ولدينا أيضاً شخصية جدو يوسف وهو الحكيم الذي يدع جوري وآدم يتعلّمون بتجاربهم الخاصة؛ قلبنا موضوع نمط التعليم بالتلقين».
تطبيق يحمل أطفالنا إلى عالم من التسلية والتعليم أرادت «لمسة» أن تنقله على أرض الواقع بفضل إطلاق برامح حركية، العام 2015، طالت أكثر من 150000 طفل في العالم العربي. وهنا يفصّل لنا ورد قائلاً: «كل ما نعلمه في منصتنا نقلناه إلى الشارع لنعلم الأطفال الخيال والإبداع والسرد القصصي بالتعاون مع جهات حكومية ومدارس. لا تكتفي «لمسة» بتطوير منصتها التعليمية لا بل تريد تطوير البيئة الحاضنة للتعليم الرقمي العربي للأطفال. وهنا يقول ورد «عندما يكون هناك تشجيع من جهات مهمة، يتحرك القطاع. نتعاون مع العديد من الشركات لأن لدينا الاسم والسمعة من أجل تطوير القطاع».قطاع ما زال متأخراً لأسباب عديدة بحسب ورد مثل مجال استخدام التطبيقات جديد نسبيًا، وصعوبة تعامل الرسام مع المؤلف والتكنولوجيا. ويضيف ورد «يحتاج القطاع إلى المزيد من الاستثمارات والدعم، وإلى الكثير من الصبر لأن في بناء الأجيال لا يمكن تحصيل العائد غداً. فأنت تبني العقول والتحصيل هو بعد العديد من السنوات. ولكن، لن نستطيع أن نحل أي من مشاكل المجتمع إلا إذا استثمرنا في عقل الطفل».
توسع في المنتجات وتوسّع جغرافي تطمح إليهما «لمسة» إضافة إلى شراكات مع هيئات ودول مختلفة بغية «بناء جيل من الأطفال العرب الواعين والمثقفين الذين لديهم الوعي والفضول، والشغف للمعرفة والتعلم».
متخصصة في الثقافة
والموضوعات الاجتماعية والمبادرات