تناول الغذاء في المطاعم.. ترفيه يخلف عواقب وخيمة

مزاج الاثنين ١٤/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٥٣ ص

مسقط- زينب الهاشمية

أدى انتشار المطاعم الواسع في المدن والقرى وسهولة الوصول إليها إلى ازدياد تردد الأشخاص عليها، وإلى استبدال الطبخ بالمنزل إلى شراء معظم الوجبات الغذائية الجاهزة. ولكن ما مدى الأمن الصحي للغذاء في المطاعم؟ وما هي المشاكل الصحية التي قد تشكل خطرا على حياة الفرد من جراء تناول الطعام في المطاعم؟

«الشبيبية» أجرت استطلاعا مع بعض المختصين في هذا الجــانب بالإضافة إلى حـصــر آراء الناس حول ثقتهم بأكل المطاعم .. والتفاصــــيل في السطور التالية.
في البداية كان لنا لقاء مع قيس الحسني حيث قال: نحن بحاجة إلى تكثيف الرقابة على المطاعم والتأكد من سلامة الغذاء والنظافة الشخصية للعاملين فيها، فهناك الكثير من المخالفات (الصحية) التي يقع فيها العاملون في هذه المطاعم وذلك بسبب طمعهم الزائد على حساب صحة الآخرين، فقد حدث أن أصبت مرة بـ( تسمم غذائي) في أحد المطاعم التي افتتحت حديثا وعانيت من مشاكل صحية نحو شهر، كما أن أحد أقاربي أصيــب بذلك من مطعم آخر بالرغم من نظافة المظهر العام لهذه المطاعم، أتمنى من الجهات المعنية أن تتخذ أقصى العقوبات على مثل هذه المطاعم لأن الأمر خطير خاصة على فئة الأطفال.

الثقة مهزوزة

ويقول خالد بن خلفان الرحبي حول ثقته بأكل المطاعم: أحيانا تصعب التكهنات بأن المطعم الذي نذهب إليه يقدم وجبات صحية خالية من أي تأثيرات سلبية جانبية لمتناوليها، في الواقع أغلب الاختيار يعتمد على الشكل المغري للمطعم بعيدا عن نوعية وجودة الطعام المقدم، لهذا السبب نقع في مواقف سلبية لبعض الوجبات، فالثقة أحيانا تظل مهزوزة. ولقد واجهتني حالة مرضية من اختيارنا أحد المطاعم وكان التأثير سلبيا جداً.

الرقابة تغيب أحيانا

بينما تقول سارة بنت حمد المعمرية: كنت لا أؤمن بأكل المطاعم، ولكن بعد ما تم إنشاء هيئة حماية المستهلك والرقابة الدورية التي تشنها على المطاعم والمخازن، أصبحت أؤمن بتناول الطعام من أي مطعم وأحب وأن أجرب كل المطاعم بمختلف الوجبات سواء المطاعم ذات المستوى العالي أو المطاعم والمقاهي البسيطة.
أما عن حالة التسمم فتقول سارة المعمرية: كنت أدرس بإحدى الجامعات ومن خلال تناولي من مطعم الجامعة تعرضت للتسمم رغم أنه مطعم تابع لشركة معينة مستثمرة فيه إلا أنه مع الأسف الرقابة أحيانا تغيب .. لذا أتمنى أن تكون هناك رقابة دورية مكثفة من قبل الجهات المختصة.

عسر الهضم

من جانب آخر يقول منير الهدابي: طبعا لا أثق بكل المأكولات التي تقدم في المطاعم، بخاصة أن الطريقة التي تطهى بها معظمها لا يناسبني كأن يطهى البيض أو اللحم بدرجة متوسطة أو أقل مما قد يسبب لي عسر هضم أو تسمما. لذلك أميل إلى اختيار مطاعم بعينها وأكلات معينة ولا أميل لتجريب الجديدة منها إلا بعد سؤال مجرب.

الطعام المنزلي أكثر أمنا

من جانبها أشارت مديحة الرئيسية: عادة أختار المطعم الذي أود تناول الطعام فيه قبل ذهابي إليه وأحاول اختيار مطاعم ذاع صيتها. لكن تظل مسألة التعرض للتسمم جراء تناول الطعام في الخارج تقلقني لكثرة الحوادث التي تعرض لها بعض المقربين منا إنما لا تمثل هاجساً فباعتقادي أن المطاعم الشهيرة لن تجازف بسمعتها وستسعى جاهدة لاتباع نظم الوقاية كافة، ويبقى للطعام المنزلي مذاقه الخاص وأمانه الكبير.

انتقاء جودة المطعم

من جهة أخرى تقول رجاء الرحبية: أنا لا أثق بأي مطعم أو مقهى، لذا يأتي هنا اختيار وانتقاء المطاعم التي نرتادها بحكم شهرتها وجودتها، بالنسبة لتسمم الأكل ولله الحمد لم تواجهنا أي مشكلة على الرغم من ارتيادنا الكثير لمطاعم معينة.

دوافع نفسية واقتصادية

بدورها تقول الأخصائية الاجتماعية بمدرسة حيل العوامر أمل بنت سالم الرواحية: الدوافع التي تدفع بعض العائلات لتناول الطعام في الخارج يمكن أن تكون دوافع نفسية وهي الرغبة في التغيير والترفيه وقد تكون دوافع اقتصادية وهي زيادة مستوى الدخل لدى بعض الأسر وقد تكون المبالغة في الأكل من الخارج بسبب عدم وجود اهتمام وتثقيف حول أهمية الاهتمام بالصحة والوجبات الصحيحة.

الشروط والمعايير

ويقول طبيب عام بمستشفى ستار كير نوفل عبدالله: يعتبر الغذاء من أهم مقومات استمرار الحياة، وحتى يؤدي فوائده على أحسن وجه ينبغي المحافظة على سلامته من الفساد حيث إنه عرضه للتلوث من عدة مصادر بدءاً بأماكن إنتاجه وخلال مراحل تصنيعه وتجهيزه وانتهاء بتقديمه للمستهلك. لذلك فإن مدى الأمن الصحي للغذاء في المطاعم يعتمـــد على توفــر عدد من الشروط والمعايير الواجب اتباعها ومن أهمها:

1الاشتراطات الصحية الواجب توافرها في مباني هذه المحلات وتجهيزاتها بما يكفل سلامتها ومناسبة تصميمها واستمرارية الصيانة والنظافة.

2المتطلبات الصحــية للمواد الغــذائيــة الأوليـــة الداخلة في التصنيع وصلاحية الأطعمة المنتجة.

3الاشتراطات الصحية للعاملين التي تحدد المعايير والضوابط الصحية لسلامتهم وخلوهم من الأمراض ونظافتهم الشخصية والممارسات السليمة في تداول الأغذية، بالإضافة إلى ما تقدمه من معلومات حول كيفية استخراج الشهادات الصحية ومتطلباتها من فحوصات وتطعيمات، كما أن الأمراض المنقولة بالغذاء تؤثر بملايين الأشخاص سنوياً، ومعظمهم من الأطفال. عادة ما تكون الاعتلالات المنقولة بالغذاء ذات طابع مُعدٍ أو سمّي، وتتسبب فيها جراثيم أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية تدخل جسم الإنسان عن طريق الغذاء الملوث.

ويمكن أن تتسبب مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء في الإصابة بالإسهال الحاد أو بحالات عدوى موهنة، بما في ذلك الالتهاب السحائي، ويمكن أن يتسبب التلوث الكيميائي في الإصابة بالتسمم الحاد أو بأمراض طويلة الأمد كالسرطان. ويمكن أن تتسبب الأمراض المنقولة بالغذاء في العجز الطويل الأمد والوفاة. ومن أمثلة الأغذية غير المأمونة الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهية جيداً، والفواكه والخضراوات الملوثة بالبراز، والمحاريات النيئة المحتوية على التكسينات البيولوجية البحرية.

انتشار السمنة

وفي الختام التقينا بأخصائية التغذية في وزارة الصحة جوخة بنت عبدالله العامرية حيث قالت: تعتبر المطاعم من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى انتشار السمنة والأمراض الأخرى بين أفراد المجتمع. فكما نعلم أن المطاعم سواء كانت الشعبية أو مطاعم الوجبات السريعة تقدم أغذية مرتفعة السعرات الحرارية والدهون والملح والسكر وقلة الألياف الغذائية. وتحتوي قوائم الوجبات فيها على أطعمة غير صحية مع قلة وجود السلطات والفواكه. وأغلب هذه المطاعم تستخدم الزيوت غير الصحية في الطبخ مع الإكثار في إضافتها إلى الأطعمة. ومن المعروف إن الإفراط في تناول هذه الزيوت (الدهون المشبعة) عن الحد الموصى به يضر بالصحة ويؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية التي قد تشكل خطرا على حياة الفرد. فمثلا تعتبر الدهون المشبعة إلى جانب التدخين، عامل الخطر الرئيسي للإصابة بأمراض القلب والسكتات.
وتشير الأدلة والبراهين العلمية إلى وجود ارتباط بين نسبة استهلاك الدهون وزيادة التعرض إلى زيادة الوزن والسمنة ومن ثم الإصابة بالسكري. وقد اتضح أن ارتفاع معدل انتشار السمنة/‏السكري يزداد مع ارتفاع محتوى الغذاء من الدهون.
وعدم مراعاة شروط السلامة في بعض المطاعم يؤدي إلى مشاكل مرضية كالتسمم الغذائي، وهذا يتضمن التخزين الطويل للأغذية القابلة للفساد خارج الثلاجة، والتذويب الخاطئ للأغذية المجمدة، وإعادة تقديم الأغذية المحضرة مسبقاً والتي من المحتمل أن تكون قد تعرضت للفساد بسبب سوء التخزين، وقلة النظافة سواء من العاملين في تحضير الطعام أو تقديمه، أو في الأواني المستخدمة لتحضير الطعام . كما يؤدي عدم الطبخ الجيد لبعض الوجبات التي تحتوي على اللحوم والدجاج والأسماك إلى ظهور هذه المشاكل المرضية.
كما أن الاستخدام المتكرر للزيوت في عمليات القلي وتعرضها لحرارة عالية يكون ما يسمى بـ «بالجذور الحرة» وهو الأوكسجين النشط، والتي تُحدث تفاعلات داخل جسم الإنسان مع عملية الأيض وحرق الطاقة ويمكن أن يؤدي إلى مهاجمة المادة الوراثية «الحمض النووي للخلايا» وبالتالي بإمكانه أن يتسبب في تسرطن الخلايا.