المرأة الأفغانية تبني بلدها

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/مارس/٢٠١٦ ٠٠:١٠ ص
المرأة الأفغانية تبني بلدها

لورا بوش

قبل خمس عشرة عاما كانت المرأة الأفغانية تتعرض للضرب إذا رفعت صوتها بالضحك في الشارع أو أن حذاءها أحدث صوتا، وتضرب أو ربما تقتل إذا خرجت بمفردها بدون مرافق ذكر. وعندما كانت النساء يصطففن للحصول على الخبز في الزي الساتر تماما لا يعرفن بعضهن سوى من خلال الصوت أو وجوه الأطفال الذكور بصحبتهن. أما اليوم فهناك واحدة من هؤلاء النساء وهي نسيمة رحماني محامية ومعلمة رائدة وتتأهب للحصول على درجة الدكتوراة. وهي ليست بمفردها، فالنساء الأفغان قد غيرن حياتهن ووطنهن. قبل 50 عاما لم يكن مسجلا في المدارس الابتدائية سوى 5 آلاف فتاة واليوم يربو هذا الرقم على ثلاثة ملايين، وهناك ستة وثلاثون في المئة من المعلمين من النساء. وافتتحت المرأة الأولى في أفغانستان رولا غاني مشروعا لإنشاء جامعة للإناث فقط تتولى المرأة شئون إدارتها. وفي الحكومة تشغل النساء 69 مقعدا في البرلمان، وهناك أربع وزراء من النساء وامرأتان بين حكام الأقاليم، كما ان آلاف النساء يشرفن على مشروعاتهن الخاصة.
وفي اليوم العالمي للاحتفاء بالمرأة دشن معهد جورج دبليو بوش كتابا جديدا تحت عنوان" نحن النساء الأفغان صوت الأمل"، ويسرد الكتاب قصص ملهمة مثل قصة رحماني ليذكر بالتحديات التي تكبدتها النساء في أفغانستان وكذا النجاح الباهر الذي حققته.
ومن الصعب أن تجد دولة أخرى استطاعت النساء فيها أن تحقق مثل تلك المكاسب الجوهرية في ظل الصعوبات الجمة وخلال تلك الفترة الزمنية الوجيزة. ففي الولايات المتحدة حصلت المرأة على الحق في التصويت الانتخابي عام 1920 إلا أنه لم يسمح لها بالالتحاق بجامعات رابطة اللبلاب للصفوة حتى عام 1969. وفي عام 1961 كان عدد النساء في الكونجرس 20 فقط.
بيد أن علينا ألا نغفل التحديات التي ما تزال تواجه المرأة الأفغانية، فهناك تقارير عن هجمات منتظمة تتعرض لها مدارس الفتيات والطالبات. وفي شهر يوليو الفائت تعرضت ثلاث فتيات تتراواح أعمارهن بين 16 الى 18 لإلقاء الحامض في وجوههن أثناء سيرهن إلى المدرسة في اقليم هرات، وما يزال العنف ضد المرأة يمثل مشكلة خطيرة في أفغانستان. ورغما عن ذلك اشعر بالتفاؤل ويحدوني الأمل مع ما أراه من مهارات وتصميم وقدرات لدى المرأة الأفغانية.
وعندما وقفت سكينة يعقوبي في مخيم قذر مزدحم باللاجئين الأفغان أدركت أن الشيء الوحيد الذي يحتاجه كل أفغاني هو التعليم، وفتحت أبواب 15 مدرسة أمام 21 ألف لاجئ. ومن بين برامجها اليوم في أفغانستان تعليم النساء القراءة والكتابة والرياضيات باستخدام الهواتف المحمولة. أما ناهد فريد الشابة العضو في البرلمان الأفغاني فقد واجهت تهديدات بالقتل عندما ترشحت في الانتخابات، وتوعد المعارضون بتشويه سمعة عائلة والد زوجها، إلا أن زوجها ووالده أصرا على مواصلتها الطريق الذي اختارته، والآن تدافع عن النساء والأطفال وهي عضو في لجنة العلاقات الدولية في البرلمان.
وتقف أفغانستان اليوم على مفترق طرق، فهي بقعة ساخنة على مستوى العالم، كانت قبل 11 سبتمبر ملاذا للارهابيين، واليوم هي دولة شابة، فمتوسط الأعمار 18.3 سنة، ويجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان ثابتة، فأفغانستان مجتمع مرن، وأفضل طريقة للبناء على هذه المرونة هي أن تظل حاضرة بقوة على خريطة الدعم. أما إذا أعطت الولايات المتحدة ظهرها لأفغانستان، فهناك القوى الأخرى التي تستعد لمحو المكاسب التي تحققت بشق الأنفس إلا أنها ما تزال هشة.
نعم يمكننا بل ويجب علينا مساعدة أفغانستان في تحقيق مستقبل أفضل، ولكننا بحاجة للتأكد من أن أفغانستان لا يمكن أن تصبح مرة أخرى ملاذا للارهابيين أو أن تسقط في يد طالبان أو داعش. ولمصلحة الأمن القومي الأمريكي علينا مساعدة قوات الأمن الأفغانية. وأرحب بقرار الرئيس أوباما بالحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي حتى عام 2016 وما بعده. والأفغان يعرفون أن قواتنا لن تظل هناك الى الأبد، بيد أن تكلفة مغادرة أفغانستان باهظة للغاية.
ونحن والمجتمع الدولي بأسره علينا أن نستمر في تقديم المساعدة الإنمائية الهامة في مجالات الرعاية الصحية وريادة الأعمال والتعليم، ونحن نعرف أن هذه المساعدة تؤتي ثمارها. وقد وجدت دراسة أجرتها مؤسسة راند عام 2013 أن المؤشرات الأفغانية تحسنت تقريبا في كل مجالات التنمية، ومن خلال الحفاظ على وجودنا والدعم، فإننا نشجع الحكومة الأفغانية للحفاظ على التزاماتها الأمنية للشعب الأفغاني والبناء على الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد وسيادة القانون، ومن ثم فإن أي سلام يتحقق من خلال المفاوضات بين القادة الأفغان وطالبان يجب ألا يكون على حساب المرأة الأفغانية، فالعودة الى ممارسات طالبان في التسعينيات لن تكون صادمة وحسب للنساء هناك بل لإستقرار البلاد.
وعلينا ألا ننسى أبدا أن ما يحدث في أفغانستان – وأماكن أخرى في العالم – يهم الأمريكيين في الداخل، ولنتذكر أن الشعب الأفغاني لا يطلب منا حل مشاكله، بل أن نبقي على مشاركتنا حتى تتاح لهم المساحة والفرصة كي يجدو الحلول الخاصة بهم.

الرئيسة الشرفية للمجلس الأمريكي الأفغاني للمرأة ورئيس مبادرة المرأة في معهد بوش دبليو جورج