الحرب تحطم أحلام السوريين

الحدث الأحد ١٣/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٥٠ م

حلب – ش – وكالات
بعد خمس سنوات على اندلاع حرب مدمرة في سوريا، تخلى ياسر عن مهنة احبها ليحمل السلاح، ووجد الفتى عثمان نفسه في ورشة سيارات بدل ان يواصل دراسته، وبدأ خالد من الصفر كلاجئ في بيروت حاملا معه حرفة صناعة العود، مثلهم مثل آلاف آخرين تحطمت احلامهم.
قبل النزاع كان ياسر نبهان (38 عاما) يمتلك محلا لتجارة الاقمشة في السوق القديمة الاثرية بمدينة حلب في شمال البلاد. لكنه اليوم يجلس خلف مكتب في حي سيف الدولة في الجهة الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، يرتدي زيا عسكريا والى جانبه بندقية وجهاز لاسلكية.
ويروي لفرانس برس "كنت اعمل في صناعة وتجارة الاقمشة في سوق المدينة التي تعد من اقدم اسواق العالم"، قبل ان تدمر بشكل شبه كامل في المعارك في حلب في نهاية 2012.
ويضيف ياسر "لدي الكثير من الذكريات في سوق المدينة، ولكن لم يعد بامكاني دخولها. فالشوارع يرصدها القناصة والقذائف تسقط بين الحين والاخر".
وبعدما تحولت الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الاسد في 2011 الى نزاع مسلح، حمل ياسر السلاح، وابقى التحاقه بالفصائل المقاتلة كقناص سرا في بادئ الامر، مواصلا عمله.
ويقول "كنت اذهب الى محلي في النهار، وعندما انتهي من العمل اذهب الى احدى الجبهات"، الا ان حدة المعارك دفعته الى "التفرغ للقتال".
وفي 2013، فقد ياسر ساقه اليمنى في معارك في ريف حلب الشرقي. وعندها "حصلت نقلة نوعية في حياتي حيث لم يعد بامكاني القتال (...) واصبح عملي في الجيش الحر اداريا" ضمن كتائب "فاستقم كما امرت".
أما الفتى عثمان النجار (12 عاما) الذي يعمل كمصلح سيارات، حيث يمسح يديه الملطختين بزيت السيارات وشحم المحركات التي يتعامل معها منذ خروجه مع عائلته من الغوطة الشرقية لدمشق قبل عامين.
تغيّرت حياة عثمان مع دخول النزاع عامه الثاني، حين اضطر الى ترك مقاعد الدراسة والعمل مع شقيقه راشد (13 عاما ونصف) في ورشة للميكانيك.
ويقول لفرانس برس "أشعر أنني كبرت. كنت قبل الأحداث أدرس وألعب، أما الآن، فوجهي بوجه محركات السيارات والزيت والشحم. هكذا أصبحت حياتي، وليس بيدي حيلة".
يبتسم عثمان، او "أبو عيسى" كما يحبّ أن يُنادى عليه، بحسرة، موضحا انه يعمل مع شقيقه في المحل ويعيشان مع والديهما وشقيقتيهما في "العلية فوقنا". ويقول "حياتنا كلها من الفرشة للورشة".
يجلس ابو راشد (43 عاما)، والد عثمان، في احدى زوايا الورشة، وقد اقعده المرض وبات عاجزا عن مزاولة عمل. يراقب عثمان بثيابه البالية وهو يحمل قطع الحديد لينظفها قبل إعادتها الى محرك السيارة.
يقول وقد غزا الشيب رأسه وذقنه "كنا نقطن قرية حتيتة التركمان في الغوطة الشرقية، فهجّرتنا الأحداث، وخرجنا إلى هذه الورشة".
يتنهّد أبو راشد طويلا ويضيف "كان عندي في الغوطة معمل طوب للبناء وسيارة ومنزل ومضافة كبيرة. أما الآن فتحوّلت من رب عمل وصاحب معمل إلى عاطل عن العمل".
يتقاضى عثمان اجرا اسبوعيا لا يتجاوز الألفي ليرة سورية (حوالي خمسة دولارات) يجمعها مع ما يتقاضاه شقيقه، ليؤمنا جزءا من مصروف العائلة.
يقول عثمان والدموع في عينيه "اتمنى ان اعود الى المدرسة، وان امتلك هاتفا جوالا. اتمنى ان يكون لدي لعبة بدلا من هذا الشحم الذي يغطي يدي".
ويتابع بوجوم "كنت أتمنى أن أدرس الهندسة، وكنت أحبّ مادة الرياضيات، كنت اود ان أكمل دراستي".