محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com
عقد في الأسبوع الفائت الملتقى الثالث لمجلس مراجعة قواعد التوزيع للشركات العاملة في قطاع الكهرباء، وقد أكد المجلس بتفعيل توصيات الملتقى في نسختيه الأولى والثانية، والمتمثلة في اقتراحات أصحاب الأعمال في القطاع مما ساهم في رفع مستوى أداء كفاءة الأعمال الكهربائية وضمان الجودة والحد من الحوادث المرتبطة.
وأكدت إحدى أوراق العمل المطروحه في الملتقى أن المجلس يقوم بتطبيق القوانين والأنظمة والمعايير الدولية والعالمية وبدون محاباة في اعتماد الشركات العاملة في قطاع الكهرباء والمقاولين والاستشاريين، وكذلك شركات الكهرباء العاملة التي تستخدم المواد حتى "جهد 132 كيلوفولت" وهذه الشركات المنوط بها تنفيذ أعمال المرخصين في توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية للمشتركين.
وخرج الملتقى الثالث الذي إنطلق بشعار "الكفاءة والالتزام" بعدة توصيات من أهمها، رفع كفاءة أداء موظفي شركات القطاع الخاص العاملة بقطاع الكهرباء، وزيادة توظيف القوى العاملة الوطنية المدربة فنيا في هذه الشركات لتساهم في بناء شبكات التوزيع، والتأكيد على الالتزام التام بتطبيق إجراءات الأمن والسلامة المنصوص عليها في الأنظمة من اجل سلامة العاملين في بناء الشبكات وتشغيلها، حيث سيقوم مجلس مراجعة قواعد التوزيع بمتابعة تنفيذ تلكم التوصيات على ارض الواقع حسب ما أكده المهندس حمد المغدري رئيس مجلس ادارته.
هذا الأمر اسعدنا كثيرا بأن هناك ملتقى يقوم بتفعيل توصيات، حيث تخرج العديد من المؤتمرات والندوات والتي يدعى لها خبراء ومتخصصون بتوصيات وقرارات عملية إلا انها تظل تلك التوصيات حبيسة الأدراج لا يتم تطبيقها على ارض الواقع، وربما لا تقرأ أصلا، وبالتالي أن إهمالها بعدم تفعيلها يتطلب إعادة النظر في الأمر، خاصة أن هناك مبالغ كبيرة تصرف على اقامتها، إلى جانب ضياع كثير من الوقت في التنظيم والتنفيذ.
مع الأسف الشديد إن معظم المؤتمرات خلت أصلا من حقيقة تنمية وتطوير العمل والأفراد إلى اهتمامات مادية أو مكسب للمفاخرة، أما برامج التدريب من دورات وحلقات العمل فليس لها ضوابط وليس لها آليات واضحة، فالمؤتمرات والدورات وحلقات العمل يجب أن ينعكس محتواها بالفعل على تطوير الأفراد والمؤسسات، وليس بالضرورة أن يكون لدينا كما هائلا منها، ثم نجد مخرجاتها لا تتناسب مع ما صرف عليها.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هو السبب في عدم تفعيل التوصيات، هل يعود إلى ضعف محتوى تلك المؤتمرات والبرامج، أم هو في عدم موضوعيتها وإمكانية تطبيقها، أم أنها تسبب الحرج لمتخذي القرار، أم أنه أصلا جهل من متخذ القرار بأهمية تلك التوصيات، أم انه سوء تنسيق بين إعداد المؤتمرات وحلقات العمل والجهات المعنية في الدولة، أم هو كيل حشف من المؤتمرات والبرامج لا تضيف جديدا وليس لها قيمه إلا في صرف المبالغ الكبيرة دون أن ينعكس أثرها على المجتمع والأفراد؟. أسئلة كثيرة ولا أظن الإجابة عليها.
ومن وجهة نظري أن من أهم الأسباب التي تقف وراء عدم تطبيق هذه التوصيات، عدم وجود إدارة متخصصة بوضع خطط مستقلة لتنفيذها، بحيث تحدد الفترات الزمنية التي سينفذ بها كل قرار أدرج ضمن توصية، إلى جانب تحديد المسؤول عن تنفيذه والميزانية المطلوبة، ومن ثم تتم المتابعة الجادة لذلك، ولكن من الأهمية بمكان بناء توصيات هادفة تحمل أبعادا فاعلة ذات أثر، ليس في الصياغة فحسب، بل في المحتوى والمضمون، وفي ذات الوقت نحتاج الى مسؤول واع يتماشى مع العلم والتجديد والتطوير.
ونقترح في هذه السطور أن يتم في بداية كل مؤتمر استعراض توصيات المؤتمر الذي سبقه، إلى جانب وضع لجنة متخصصة لدراسة التوصيات وفرزها من خلال معايير الجودة المطلوبة ومتابعة تنفيذها، وكذلك تأسيس رابط أو موقع للتصويت على أهميتها وجدواها من قبل المشاركين والفئة المستهدفة من عقد المؤتمر، على أن يتم تنفيذ ومن ثم تدوين التوصيات التي تحصل على أعلى نسبة تصويت في كتيب وتوزيعه وتداوله، لتأخذ التوصيات طابع المصداقية. كما نأمل أن تكون هناك جهة حكومية مسؤولة عن تتبع نتائج المؤتمرات والملتقيات والندوات، على أن تكون مهمتها تسويق الحلول والتوصيات وكيفية تطبيقها، ومخاطبة الجهات التي يمكن أن تستفيد منها وإعادة الدراسة والتنقيح لما يستحق منها.
أخيرا نأمل من الجهات التي تقوم بتنظيم المؤتمرات والندوات وغيرها، ان تحذو حذو ملتقى مجلس مراجعة قواعد التوزيع في تطبيق التوصيات والعمل بها على أرض الواقع، طالما تخدم الأفراد والمؤسسات، ليس فقط عقدها من أجل التباهي وكسب المال.