القدس المحتلة - زكي خليل
تتفنن سلطات الاحتلال في البحث عن وسائل جديدة، في محاولاتها الدؤوبة للتضييق على المقدسيين الفلسطينيين - مواطني القدس العربية المحتلة - من أجل إجبارهم على الرحيل من مدينتهم ووطنهم، تنفيذاً لسياسة التطهير العرقي التي يمارسها المحتلون بصمت في المدينة المقدسة.
وقد أصبحت الضريبة المفروضة على مستخدمي المباني والأراضي المعروفة باسم «الأرنونا» عبئا ثقيلا يزيد من معاناة السكان المقدسيين بحيث إنهم باتوا غير قادرين على تسديد المبالغ الطائلة المفروضة عليهم ما يعرضهم في كثير من الأحيان إلى فرض حجوزات عليهم للمؤسسات الإسرائيلية.
فالمعيشة في المدينة المقدسة تواجه صعوبات اقتصادية جمة، فشحّ المال وانعدام فرص العمل، هما السائدان اليوم في الشارع المقدسي.
يقول زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إنه عندما تم ضم القدس عام 67 طبقت كل القوانين الإسرائيلية عليها بما فيها الضرائب، مؤكدا أن ضريبة الأرنونا تشكل هاجسا للمقدسيين.
ويشير إلى أن المركز أجرى دراسة مقارنة لتقديمها للمحكمة العليا الإسرائيلية للاعتراض على هذه الضريبة، حيث تبين أن القدس تدفع أعلى نسبة من المدن الإسرائيلية في ضريبة «الأرنونا»، موضحا أن المحال التجارية تدفع تقريبا حوالي « 100» دولار عن المتر الواحد وهو مبلغ كبير جدا.
ويؤكد الحموري لـ «الشبيبة» أن بلدية القدس المحتلة تجبي هذه الضريبة بشكل متساوٍ بغض النظر عن الموقع، حيث إن تعرفة هذه الضريبة المفروضة على أحياء راقية في القدس الغربية مثل حي «رحافيا»، هي نفس التعرفة المفروضة على الأحياء العربية الفقيرة في القدس القديمة، والقرى العربية المحيطة بها، وهي نفس التعرفة المفروضة على محل تجاري إسرائيلي في شارع يافا الشهير ذي الحركة التجارية النشطة وعلى محل تجاري في العيسوية أو أم طوبا أو جبل المكبر الذي لا يكاد دخله يسد نفقاته، واضطر مالكه لإغلاقه لعدم قدرته على دفع الضرائب.
واعتبر أن هذه السياسة الإسرائيلية تعتبر من الأدوات الضاغطة على المقدسيين بمـــا فيهـــا ضريبــــة «الأرنونا»، مشيرا إلى أنه حسب التقديرات فإن 80-85 % من المقدسيين هم مدينون لهذه الضريبة بنسب متفاوتة بحيث يدور الحديث عن مئات الملايين من الدولارات.
ويقول إن ما يقلق المقدسيين وخاصة القطاع التجاري، أن جزءا من المحال التجارية المغلقة عليها تراكمات مالية كبيرة بسبب عدم تسديدهم الضرائب، مضيفا أن أحد المحال التجارية في باب خان الزيت داخل البلدة القديمة مثلا مدين لضريبة الأرنونا بمبلغ مليون ونصف المليون شيكل. معربا عن مخاوفه من فرض إجراءات إسرائيلية ووضع قيم على التجار المدنيين تمهيدا للسيطرة على محالهم. ويستذكر الحموري ما جرى من خطوات شبيهة في العام 1948 بحق التجار والاستيلاء على ممتلكاتهم ومحالهم نتيجة تراكم الضرائب عليهم محذرا من تنفيذ هذه السياسة على القدس الشرقية.
ويبين أن الضرائب التي تجبى من المواطنين يقابلها تقديم خدمات على كل المستويات سواء على صعيد الشوارع أو التنظيف أو التعليم والحدائق العامة إلا أنها معدومة في القدس الشرقية.
رغم ارتفاع الضرائب إلا أن الخدمات وعلى مختلف المستويات معدومة في القدس الشرقية.
وقال: من يسير في شوارع القدس يشاهد بأم عينيه تراكم القمامة والشوارع بدون أرصفة وانعـــدام الحدائق والمتنزهات وذلك نتيجة الإهمال الكبير ويفترض أنه بموجب ضريبة «الأرنونا» تقدم كل هذه الخدمات.
ويشير إلى أنـــه وفــق البلديــة فإنها تجبي مـــن المقدسيين حـــوالي 36 % من ميزانيتهـــا في حيـــن تنفق على القدس الشرقية بنسبة 5-6 % من الميزانية فقط.
وينوه بأن جزءا كبيرا من المقدسيين أصحاب المنازل يعانون من الديون بمبالغ كبيرة ايضا لضريبة «الأرنونا»، مستغربا من قيام البلدية بفرض الضريبة على اصحاب المنازل التي بنيت «بدون ترخيص» وهي على علم بذلك وتقوم بتحصيلها وفي نهاية المطاف تهدم المنازل بحجة أنها غير قانونية.
ويقول الحموري: نحن في معضلة كبيرة ومطلوب إيجاد حلول جذرية لها، محذرا العالمين العربي والإسلامي من خطورة هذه السياسة الخطيرة التي يمكن استغلالها لاستكمال تهجير المقدسيين.
ويقول التاجر أحمد ابو غربية الذي يملك محل أحذية في شارع صلاح الدين: نعاني من مشكلة الضرائب من ضمنها الأرنونا منذ مدة، مؤكدا على أن الركود التجاري الذي يسود المدينة المقدسة، يصعب على التجار تسديد هذه الضريبة.
ويشير إلى أن دخل التاجر اليهودي يختلف عن التاجر العربي لأن الجهات الإسرائيلية تساعد تجارها، بينما العربي يفتقر لذلك موضحا أن رئيس البلدية نير بركات صرح أن البلدية تجني من المقدسيين 82 بليون شيكل ولا يتلقون خدمات سوى 10 % فقط.