إضاءة الاستثمار في الموارد البشرية ضمان لاستدامة

مؤشر الخميس ٢٤/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
إضاءة

الاستثمار في الموارد البشرية ضمان لاستدامة

مسقط -

يمكن اعتبار الاستثمار بالموارد البشرية على مستوى الأداء المؤسسي للدولة من بين أهم واجبات الجهة المسؤولة عن تخطيط القوى العاملة على نحو يتماشى مع احتياجات سوق العمل.

وتعتبر الموارد البشرية من المقاييس الأساسية التي تقاس بها ثروة الأمم باعتبار أن هذه الموارد هي أهم المكونات الرأسمالية والأصول المؤثرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول، وأصبح المورد البشري ودرجة كفاءته هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم، وقد أكد علماء الاقتصاد منذ وقت طويل أهمية تنمية الموارد البشرية في تحقيق النمو الاقتصادي. ويعتبر الاستثمار في المورد البشري استثمارا وطنيا وهو أعلى أنواع رأس المال قيمةً ومردوداً، إذ عن طريق الإنسان تتقدم الأمم، والاقتصاد ذو قيمة محدودة إن لم يستغل في سبيل التقدم عن طريق القوى البشرية التي تحول الثروات من مجرد كميات نوعية إلى طاقات تكنولوجية متنوعة تحقق التقدم المنشود.

وهناك عدة تعاريف لمفهوم إدارة الموارد البشرية لعدد من العلماء نستطيع أن نُجملها في أن إدارة الموارد البشرية هي عملية جعل القوى العاملة في أعلى المستويات الممكنة لها من حيث الكفاءة والتنسيق من أجل تحقيق الأهداف المرجوة وبأقل التكاليف وفي وقت وجيز، وتمكننا هذه العملية من استغلال كل الطاقات المتاحة للمنظمة بطريقة سليمة.
وتأثير الاستثمار البشري في تحقيق التقدم والنمو الاقتصادي والاجتماعي متعددة فنجد دول مثل الصين واليابان وغيرها من دول جنوب شرق آسيا حققت معدلات عالية للنمو الاقتصادي، واستطاعت أن تتخطى حاجز التخلف وتتبوأ مكانة متقدمة بين دول العالم ارتكازا على ما لديها من موارد بشرية حرصت على تأهيلها وتنمية مهاراتها وقدراتها، كما أن ما يشهده العالم الآن من تطور علمي كبير خصوصا في تكنولوجيا المعلومات المرتبطة باستخدامات الحاسب الآلي والاتصالات والإلكترونيات يرجع إلى ما تم تأهيله من قدرات ومهارات عالية المستوى لأفراد من العنصر البشري، ولذلك تعتبر الموارد البشرية ممثلة في العاملين بالمنظمة من مختلف الفئات والمستويات والتخصصات هي الدعامة الحقيقية التي تستند إليها المنظمة الحديثة.
يبدأ العمل لاستثمار المواد البشرية على مستوى الدولة وفق حلقة التطوير (التخطيط- التنفيذ- المراجعة) مما يسمح لتخطيط وإدارة القوى العاملة باختيار أكثر الأساليب الملائمة لواقع ومتغيرات سوق العمل من جهة والقوى العاملة من جهة أخرى، وصولا إلى تحقيق الأهداف بتشغيل القوى العاملة الوطنية كافة، وذلك لابد أن يؤدي إلى قيمة مضافة أكبر للأموال المستثمرة في إطار التنمية البشرية وكما يأتي:

تحسين أداء المؤسسي والمالي: إذ إن القوى العاملة ذات الكفاءة والخبرة والحماسة لجدية أكبر على نحو أفضل في الإنجاز، يؤدي إلى تحسين مستويات الإنتاجية والربحية.

تعزيز الميزة التنافسية للدولة: فالاستثمار في الموارد البشرية يعزز الجودة في الأداء وفي المخرجات سواء أكانت في قطاع الخدمات أو الإنتاج، الأمر الذي يجعل من الدولة مقصدا للاستثمارات المحلية والأجنبية.

تطوير مهارات الموارد البشرية بطريقة منظمة وواضحة من خلال نظم تعليم وتأهيل علمية مضمونها ربط مخرجات التعليم بسوق العمل.

تعزيز استقرار العمل والحد من دورانه: إن تحفيز وتشجيع ورفع معنويات الموارد البشرية من خلال الإشراك والمشاركة، ودعم التطوير الشخصي، وتقدير الأداء يؤدي إلى زيادة نسبة بقاء القوى العاملة في عملهم. كما أن القوى العاملة تعتبر الأداة الحقيقية لتحقيق الأهداف العامة للدولة، فهم مصدر التخطيط والتطوير، وهم القادرون على تشغيل وتوظيف باقي الموارد المادية المتاحة للمنشأة.

تعزيز المواطنة والولاء للدولة: فالقوى العاملة التي تشعر بالرضا في عملها وضمان مستقبلها فإن ذلك يحقق المواطنة الصالحة بما يعزز الاستقرار والأمن الاجتماعي.

كما تساهم الموارد البشرية مساهمة فعّالة في تحقيق أهداف الدولة إذا توفرت الظروف الإيجابية التي تدفع القوى العاملة إلى العمل والعطاء وأهمها:

أن يُسند إلى الإنسان العمل المناسب لخبراته وتخصصاته ومهاراته.

أن يسمح للإنسان بقدر من السلطة المناسبة مع المسؤولية التي يتحملها حين ممارسة عمله.

أن يعلم الإنسان مسبقاً الأسس والمعايير التي يتم تقييم أدائه وفقاً لها.

أن يحصل الإنسان على التوجيه الإيجابي والإشراف المساند من رؤسائه.

أن يوضع الإنسان في مجموعة عمل متجانسة.

ونظراً للأهمية الفائقة للموارد البشرية وقدرتها على المساهمة إيجاباً أو سلباً في تحقيق الأهداف تولي الإدارة الحديثة اهتماماً كبيراً بقضايا الموارد البشرية من محورين تخطيط الموارد البشرية. وتنمية الموارد البشرية. ويتكامل المحوران في مفهوم «إدارة الموارد البشرية»، وقد أضيفت لها في السنوات الأخيرة صفة «الإستراتيجية» لتصبح «إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية» دلالة على الأهمية الإستراتيجية للموارد البشرية وارتباط التعامل معهم بالاستراتيجيات العامة للمنشأة.

لم يكن مصادفة أن تضع الأمم المتحدة في تقرير لها عن التنمية البشرية لعام 2010 السلطنة في مقدمة دول العالم في سرعة معدل التنمية البشرية على خلال العقود الأربعة الفائتة، حيث أكدت الأمم المتحدة أن السلطنة جاءت في المركز الأول على مستوى العالم بين 135 دولة في معدل التحسن الذي حققته مقارنة بما كانت عليه عام 1970.. كما أن الأمم المتحدة اعتبرت في تقريرها الذي صدر تحت عنوان «الثروة الحقيقية للأمم مسارات إلى التنمية البشرية» أن مصدر هذا التقدم ليس إيرادات النفط والغاز كما قد يفترض، وإنما هو نتيجة للإنجازات الكبيرة التي حققتها السلطنة في الصحة والتعليم، أي في البعدين غير المرتبطين بالدخل من دليل التنمية البشرية.