تعلُّم الادخار وإدارة الأموال تحدٍّ أمام الشباب العماني

مؤشر الخميس ١٧/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
تعلُّم الادخار وإدارة الأموال تحدٍّ أمام الشباب العماني

خاص-

الجميع يعي أن توفير المال أمر ضروري يقي من الانتكاسات التي قد تمر بالإنسان، فكما يقول المثل «وفر قرشك الأبيض ليومك الأسود» لكن ليس الجميع يدرك كيف يوفر المال ويدّخر. من هنا جاءت فكرة برنامج بيسة، البرنامج الداعم للشباب؛ من أجل تبصيرهم وحمايتهم من المشكلات المالية وتشجيعهم للادخار.

وقال المدرب في برنامج بيسة بمؤسسة رؤية الشباب أحمد السليماني في تصريح خاص لـ«الشبيبة»: إن هدف برنامج بيسة هو تعليم وتقديم مهارات تتعلق بالتخطيط المالي لدى طلاب الكليات والجامعات لصناعة جيل شبابي واع ومدرك بالتنظيم والتخطيط المالي. حيث تسعى الورشة لتثقيف شبابنا حول طرق إدارة قاعدة أصولهم المالية الحالية والمستقبلية وتشجيعهم أيضا على إدارة الديون بشكل أفضل، ويمنحهم فرصة تعلم كيفية التصرف بمواردهم المالية بشكل إيجابي.

وأوضح السليماني أن البرنامج يشمل محاور عدة أولها نبذة تعريفية لبرنامج بيسة، وأنواع مصادر الدخل، والأنماط الشخصية لكل شخص والتي قد تكون مالية، دينية، اجتماعية، ترفيهية، صحية، وإنسانية، كما ركزت الورشة على بعض المصطلحات المالية كالكفالة والقروض والشيكات والحساب المكشوف وغيرها،هذا في ما يخص الجانب النظري.
كما يتخلل الورشة أيضا جانب تطبيقي لبرنامج بيسة الإلكتروني وهو عبارة عن تطبيق لحياة افتراضية لمدة سنة يحاول المتدرب أن يعيش اثني عشر شهرا على أنه موظف ويحاول أن يصرف راتبه في مختلف جوانب الحياة من أجور، وأقساط شهرية، والتزامات عائلية، وجوانب وترفيهية وغيرها، فيتوقع كم سينفق خلالها، حيث يدرب هذا التطبيق مدى قدرة الشخص على الادخار.
وأوضح السليماني أن أبرز المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمهنية في عالم الأعمال تكون بسبب الإدارة المالية السيئة والاستهلاك في الكماليات، وهي أحد أهم أسبابها والتي تؤثر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي للشباب؛ فمن الضروري جدا تعليم الشباب التخطيط والإدارة المالية في وقت مبكر قبل التوظيف، وذلك ليسهل عليهم تنظيم أمورهم العملية والاجتماعية.
وعن أبرز المشاكل التي يعاني منها الشباب في جانب التخطيط المالي ذكر السليماني أن هنالك عزوفا عن الإعداد لخطة واضحة وعملية لتنظيم الإنفاق الشخصي، حيث يعتبر الشباب أن إعداد مثل هذه الخطة يسبب لهم التزام لا طاقة لهم به، ويفضل الشاب أن تكون لديه حرية أكبر فيما يتعلق بصرفه للمال، وقد تسبب مثل هذه التحديات إلى عادات يصعب التخلص منها في المستقبل، إلى جانب أن بعض الشباب لم يكن لديهم تعامل كبير مع المال في فترة دراستهم بحيث لا يكون لديهم إلمام كبير بالمعاملات البنكية والخدمات التي تقدمها المصارف، وقد يقعون ضحية ديون كبيرة أو مشاكل قانونية بسبب عدم إلمامهم بالتبعات المالية والقانونية مع المعاملات البنكية.
وأضاف السليماني قائلا: «من خلال ورشة بيسة حاولنا قدر الإمكان إيجاد حلول للتحديات والمشاكل المالية التي يواجهها الشباب، وذلك عن طريق تشجيعهم لعمل خطط مالية شخصية واضحة، وعرض لأفكار ونماذج شخصية للتخطيط المالي، إلى جانب مشاركة المعرفة بين المشاركين يما يتعلق بالتخطيط الشهري والسنوي للفرد، وأيضا قمنا بعرض التعريفات المهمة لبعض المصطلحات والمعاملات التي تتم من خلال المصارف، وذلك عن طريق عرض أمثلة ومحاولة تبسيط المفاهيم والمصطلحات».
وأشار السليماني إلى أنه في نهاية كل حلقة من حلقات برنامج بيسة يُفتح المجال للنقاش العام عن مواضيع عامة في المجتمع التي لها سبب في الإنفاق غير المحسوب مثل البذخ في الأعراس والمناسبات أو الاستعانة بالعمال والعاملات بغير حاجة ملحة، وتفضي هذه النقاشات إلى الكثير من الأفكار والنصائح التي تساهم في الحد من الإسراف في مثل هذه المناسبات، والتي تدل على أن الشباب لديهم رغبة في إدارة مواردهم المالية بالشكل الصحيح، ولكن قد ينقصهم التوجيه وحس المبادرة الفردية، ولكن بالتشجيع على التخطيط المالي نلمس رغبة الشباب للمبادرة والبدء في التخطيط المالي.

وحول كيفية قياس مدى نجاح برنامج بيسة أفاد السليماني قائلا: «استهدف برنامج بيسة الشباب في عمان من مسندم وحتى ظفار، لذلك فإن قياس نجاح البرنامج يحتاج إلى وقت وجهد لمعرفة مدى استفادة المشاركين من البرنامج؛ لذلك استعنا بشركة مستقلة لتقييم البرنامج والوقوف على عوامل نجاحه ومحاولة تطويره إلى الأفضل في النسخ القادمة.

وأكد السليماني أن تقديم البرنامج هذا العام للسنة الثانية على التوالي، وقد وافقت الشركة الداعمة للبرنامج لاستمراره سنة أخرى بعدما لمست مدى رغبة الجمهور لإقامة البرنامج مرة أخرى، كما أن الكليات والجامعات الحكومية والخاصة شجعت على استمرار البرنامج مرة أخرى لما شهدت فيه من فائدة عامة للطلاب، ورغبة هذه المؤسسات التعليمية لنشر ثقافة الادخار والتنظيم المالي بين أفراد طلابها، كل هذه الملاحظات والعوامل هي مؤشرات لنجاح البرنامج إلى حد ما، ولكن ننتظر الانتهاء من تقييم البرنامج من خلال الشركة المستقلة حتى نعطي انطباعا واضحا وحقيقيا عن نسبة نجاح البرنامج.
وأشار السليماني إلى الرؤية المستقبلية لبرنامج بيسة قائلا: «نسعى من خلال برنامج بيسة أن ننشر ثقافة الادخار والتنظيم المالي بين جميع أفراد المجتمع؛ وذلك حتى يكون هنالك فهم أوضح للمال وكيفية صرفه بين مختلف فئات المجتمع، لذلك عمدنا إلى تقديم حلقات عمل مفتوحة للعامة خارج إطار الخطة المعتمدة والتي كانت تستهدف طلاب الكليات والجامعات فقط، وقد تم تقديم هذه الحلقات في مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة وفتح المجال للمشاركة لجميع الأفراد، كما أن طلاب المدارس بإمكانهم المشاركة في البرنامج في الورشات المفتوحة للبرنامج».
وأضاف السليماني أن التغيرات المستمرة في الأوضاع الاقتصادية تجعل من اللازم على الشباب أن يكون لديهم ثقافة مالية تساعدهم، لمواجهة الأعباء الاقتصادية المستمرة وعدم الاعتماد على ما تقدمه الحكومة أو الوالدين فقط، وإنما السعي لتنويع مصادر دخلهم و إدارة أموالهم بالشكل الذي يقيهم من الوقوع في ضائقة مالية.
كما وجه السليماني نصيحته للشباب قائلا: «على الشباب في مثل هذه الأوضاع غير المستقرة اقتصاديا بسبب الأزمة العالمية وانخفاض أسعار النفط أن يكون لديهم وعي بالأمور المالية وأن يسعوا جاهدين لإدارة مواردهم المالية بشكل يجنبهم من الوقوع في التحديات والمشاكل المالية، كما يجب عليهم أن يتعلموا أساسيات إدارة المال وكيفية صرفه في وقت مبكر من حياتهم، وأن يساهموا يشكل مباشر أو غير مباشر في التخفيف من الأعباء المالية على رب الأسرة والذي دائما ما يتحمل الجزء الأكبر في مثل هذه المواضيع».
مستدركاً أنه يأمل أن يكون هنالك برامج تنشر الثقافة المالية بين الأفراد، وأن تدعم الكتب الدراسية بمثل هذه المعلومات والأفكار؛ حتى يصبح أفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم على معرفة بالترشيد في الإنفاق والمحافظة على الموارد المالية.
الجدير بالذكر أن برنامج بيسة انطلق العام الفائت والذي تقدمه مؤسسة رؤية الشباب، وهي مؤسسة رسمية عمانية تأسست في عام 2010، ويأتي البرنامج بدعم من شركة بي بي، وهو أحد برامج الاستثمار الاجتماعي للشركة. ويمثل (بيسة) فرصة للشباب العماني لتمكينه اقتصاديا فيما يخص التخطيط والإدارة المالية لمصروفاته الشخصية وهو على مقاعد الدراسة.