كوكب جائع..هنا الحل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٩/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص

إستر نغومبي

وفقا للأمم المتحدة، في العام 2050، سيبلغ عدد سكان العالم عشرة مليارات تقريبا، وهي عتبة من شأنها تعقيد العديد من النظم الأكثر أهمية في العالم، وخاصة الزراعة. كيف سيزيد المزارعون - بمن فيهم المزارعون الفقراء في البلدان النامية - من إنتاجية المحاصيل لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء؟

إن إطعام العالم بكفاءة لن يكون سهلا، كما أن المواد غير الملموسة مثل تغير المناخ، والصراع العنيف، وتوافر المياه العذبة، سوف تزيد الأمر تعقيدا. وسوف تساعد التقنيات الزراعية الجديدة التي تستخدم البيانات والطائرات بدون طيار لرصد صحة المحاصيل. ولكن أحد أقوى الوسائل لزيادة الغلة بشكل مستدام سيأتي من الاستفادة من ما هو موجود بالفعل في الأرض.

وتساعد الميكروبات التي تحدث طبيعيًا في التربة على تعزيز صحة المحاصيل وتحسين إنتاج النباتات. ولكن سوء إدارة التربة يمكن أن يؤدي إلى فقدان المحتوى الميكروبي. من خلال تجديد التربة بواسطة هذه الكائنات المفيدة، يمكن زيادة الإنتاجية الزراعية، دون الاعتماد على مواد مكلفة مثل الأسمدة والمبيدات، مما يساعد على مواجهة التحديات الهائلة المتمثلة في تغذية عدد متزايد من السكان دون إغفال حماية البيئة.
العديد من الشركات المبتدئة تعمل بالفعل لتسخير قوة الميكروبات. على سبيل المثال، يستخدم صناع بيوم في سان فرانسيسكو، استنادا إلى تسلسل الحمض النووي لمساعدة صناع النبيذ على الاستفادة من الكائنات الحية الدقيقة لتحسين نوعية وغلة حقول العنب. تخلق إنديجو، وهي شركة «أغتيش» مقرها بوسطن، منتجات ميكروبية تساعد النباتات على تحمل ظروف الجفاف. وفي فلوريدا، تطور شركة باثواي بيولوجيك المنتجات الميكروبية لاستخدامها في جميع أنحاء القطاع الزراعي.
وبدأت الشركات الكبيرة، أيضا، في العمل في هذا المجال. على سبيل المثال، تقوم باير سروب سسينسس بتسويق عدد من المنتجات القائمة على الميكروبات، بما في ذلك أحد المنتجات التي يحسن إنتاجها من الذرة بنسبة تصل إلى 15٪. وتقوم العديد من الشركات الأخرى بتطوير منتجات مماثلة يتوقع أن تصل إلى السوق قريبا.
كما تشارك الجامعات بنشاط في البحوث المتعلقة بالميكروبات. في جامعة أوبورن، على سبيل المثال، أنا جزء من فريق البحث الذي يختبر آثار ميكروبات التربة على نمو ومرونة النباتات والذرة والقطن. وكما رأيت في عملي، فإن نباتات الذرة التي تُزرع في التربة مع بعض البكتيريا تطور نظم الجذور التي هي ثلاثة أضعاف حجم النباتات المزروعة في التربة غير المعالجة. كما رأيت كيف أن هذه البكتيريا تحمي المحاصيل من الجفاف؛ في إحدى التجارب، حجبنا المياه عن مجموعة من النباتات المعالجة بالميكروب ومجموعة السيطرة. بعد خمسة أيام بلا مياه، ظلت النباتات المعالجة تقف طويلة القامة وقوية، في حين ذبلت النباتات غير المعالجة.
وأحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المزارعين يجدون المنتجات الميكروبية جذابة هي أنها تصاغ من كائنات حية، ولا تحمل نفس المخاطر التي تتعرض لها المواد الكيميائية الاصطناعية. وتبلغ القيمة السوقية الحالية لهذه المنتجات 2.3 بليون دولار، ومن المتوقع أن ينمو السوق إلى 5 بلايين دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة. ومن الصعب المبالغة في التأكيد على فوائد معالجة التربة الميكروبية للإنتاجية الزراعية، ولاسيما في العالم النامي، حيث زيادة غلة المحاصيل هي مسألة بقاء للمزارعين الصغار. وينطبق ذلك بصفة خاصة على المزارعين في أفريقيا.
واليوم، فإن نحو 65 في المائة من التربة الزراعية في أفريقيا متدهورة، إذ تفتقر إلى المغذيات والحياة الميكروبية لدعم صحة النباتات. وينفق المزارعون الأفارقة 68 بليون دولار سنويا لعكس مسار هذه الانخفاضات، ومعظمها من خلال تطبيق الأسمدة الكيماوية. ومن ثم، يمكن للحلول القائمة على الميكروبات أن تساعد على تحسين نوعية التربة على نحو أكثر استدامة من الوسائل التقليدية، مما يمكن المزارعين الأفارقة من زراعة المحاصيل اللازمة لإطعام سكان القارة.
غير أن الأبحاث المتعلقة بالميكروبات في التربة الأفريقية لا تزال محدودة، حيث يجري تطوير معظم الحلول الميكروبية لصالح الأسواق الغربية. وينبغي أن يتغير ذلك. ومن شأن المزيد من الاستثمارات أن تمكن العلماء من اكتشاف سلالات ميكروبية جديدة ذات قدرات فريدة للتأثير على صحة التربة والمحاصيل محليا، وبالتالي الاستفادة من البيئة الطبيعية لأفريقيا لتحسين الإنتاجية الزراعية.
كما أن زيادة الاستثمار في بحوث التربة يمكن أن تكون لها فوائد غير مباشرة للاقتصادات الأفريقية. ومع الاكتشافات الجديدة المؤدية إلى البراءات والتراخيص، يمكن أن يؤدي البحث الناتج إلى نشوء صناعات زراعية جديدة وصناعات مرتبطة بالمزارع.
ويمكنني أن أشير شخصيا إلى قوة الفوائد غير المباشرة لهذا النوع من البحوث. وأدى عملي الخاص بميكروبات التربة في أوبورن إلى إصدار ثلاث براءات اختراع أمريكية، مع العديد من الشركات الزراعية التي تتابع حقوق تسويق المنتجات من التكنولوجيا. وقد قُدمت طلبات براءات إضافية من أبحاثي في بلدان أخرى، بما في ذلك الأرجنتين وبوليفيا وباراغواي وأوروغواي وفنزويلا. وبمجرد إصدارها، يمكن للتكنولوجيات التي تم تطويرها من هذه البراءات أن تفيد ملايين المزارعين وتؤدي إلى منتجات تجارية تُولد مصادر دخل جديدة مربحة.
وسيتطلب تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة للسكان في كوكبنا منتجات زراعية وتكنولوجيات وممارسات جديدة لزيادة الإنتاجية. وستكون الحلول المستمدة من الميكروبات المفيدة مفتاحا لهذه الابتكارات. وبالنسبة للعلماء الزراعيين، لا توجد قضية تواجه الأجيال المقبلة أكثر أهمية من الأمن الغذائي. والخبر السار هو أننا، عندما نبحث عن طرق جديدة لدفع النباتات إلى بذل المزيد من الجهد، فإن التكنولوجيات الواعدة طبيعية وتوجد في الأرض تحت أقدامنا، في انتظار اكتشافها فقط.

باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة أوبورن في ولاية آلاباما، وهي أستاذة علم الزراعة بمعهد كلينتون العالمي