مآسـي اليـمن الجوع والكوليرا يواصلان حصد الأرواح ما زالت تنتظر حلاً

الحدث الخميس ٠٣/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص
مآسـي اليـمن

الجوع والكوليرا يواصلان حصد الأرواح

ما زالت تنتظر حلاً

عدن - إبراهيم مجاهد

بات وباء الكوليرا يقتل في كل ساعة مواطناً يمنياً، هكذا قدّر تقرير نشرته مؤخراً صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، ليزيد من التأكيد للعالم أن هذا البلد الفقير يمرّ بأزمة كبيرة جرّاء حرب يتجاهلها العالم وتدور رحاها منذ عامين في «أفقر البلدان العربية».

ونقل المراسل مشاهداته في جناح للأطفال بمستشفى الصداقة في عدن جنوبي البلاد، الذي يغص بالمرضى ويسود فيه صمت لا يكسره إلا صوت مراوح السقف.
ويستقبل هذا المستشفى كل يوم نحو مئة حالة إصابة جديدة بالكوليرا، في «أكبر جائحة من صنع الإنسان تسببت بها حرب قلما ينظر إليها العالم بل ربما يتجاهلها».

الكوليرا يقتل يمنياً كل ساعة

وأضافت الصحيفة أن المستشفيات باتت مليئة من ضحايا الصراع، إذ لم يعد سوى النصف منها يعمل بكامل طاقته. ورغم أن الكوليرا مرض يسهل علاجه، فإنه مع ذلك يودي بحياة شخص واحد كل ساعة في اليمن. ومنذ تفشي الوباء في أبريل الفائت لقي نحو ألفي شخص حتفهم.
ويشكّل الجوع تهديداً آخر بات مألوفاً منذ اندلاع الحرب، إذ ارتفعت معدلات سوء التغذية الحاد بنسبة 200 %، مما يعني أن أكثر من مليوني طفل يمني دون الخامسة قد يواجهون الموت البطيء، بحسب منظمة الأمم المتحدة.
وتصف الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه يمثل «أكبر أزمة إنسانية في العالم»، قائلة إن سبعة ملايين شخص على شفا المجاعة الآن.
وفي الوقت الذي يواجه اليمنيون هذه الجائحة الخطيرة، يواجه الموظف اليمني على وجه الخصوص جائحة أخرى عصفت به وبأسرته نتيجة عدم تسلم راتبه الشهري منذ تسعة أشهر.
تحمّل الموظف الحكومي أزمة عدم تسلم الراتب لتسعة أشهر، جراء الصراع الاقتصادي بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين على البنك المركزي، لم يشفع له لدى أطراف الصراع أن يجعلوا هذه المعانة تلد حلاً بعد هذه المدة الطويلة.

عملاء الرواتب

وإثر اتهامها الحوثيين بإهدار الاحتياطي الأجنبي، نقلت الحكومة الشرعية، أواخر سبتمبر الفائت، البنك المركزي من قبضة الحوثيين في العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، ليجد حوالي مليون و200 ألف موظفي حكومي أنفسهم حائرين بين طرفين متصارعين يتهربان من دفع الرواتب.
وفي بلد يعيش تحت وطأة نزاع مدمّر، منذ أكثر من عامين، استسلم الموظفون للأمر الواقع بعد تكرار مناشداتهم، فأجواء الحرب جعلت من المطالبين برواتبهم من حكومة الحوثيين (غير المعترف بها دولياً) في صنعاء «مجرد عملاء»، واعتُقل العشرات منهم خلال وقفات احتجاجية خجولة، فيما منعت الحكومة الشرعية مسيرة تطالب بصرف الرواتب من الوصول إلى عدن.
ومع استمرار الخلافات حول مصير إيرادات مؤسسات الدولة في مناطق الحوثيين، امتنعت الحكومة الشرعية عن إرسال رواتب الموظفين إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرتها، باستثناء إرسال رواتب شهر فقط إلى بعض المؤسسات، وأعلنت أنها صرفت رواتب جميع الموظفين في المحافظات المحررة، جنوب وشرقي البلاد.

الراتب أزمة أممية

أزمة الرواتب لم تعد مسألة يمنية داخلية؛ فمبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سمّى مبادرته الجديدة «الرواتب والحديدة»، في إشارة إلى أن حل مسألة الرواتب ورفع سلطة حكومة الحوثيين وصالح يدها عن ميناء الحديدة يمثلان مدخلاً مهماً لحل سياسي شامل في اليمن.
مراراً، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن توقف الرواتب فاقم من انعدام الأمن الغذائي، إذ بات حوالي سبعة ملايين شخص (من أصل 27.4 مليون نسمة) عرضة للمجاعة. وبعد هذه المدة لم تفلح في تحقيق أي اختراق في جدار أزمة الرواتب، رغم تقديمها مؤخراً مقترحات عديدة.
أحدث الرؤى المقترحة من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، نصت على انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة الاستراتيجي غربي البلاد، وتسليمه إلى طرف ثالث لتأمين وصول المواد الأساسية والتجارية عبر الميناء، ووضع برنامج عمل لجمع الضرائب والعائدات في كل محافظات اليمن الـ22.
وستستخدم الضرائب المجباة حينها، لدفع الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية، بدلاً من استخدامها في تمويل الحرب.

لا تعليم بدون مرتبات

أزمة المرتبات لن يقتصر أثرها على الوضع الاقتصادي للأسر اليمنية، فقد ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسف»، إن 4.5 مليون طفل يمني، لن يستأنفوا الدراسة في الموسم الدراسي الجديد، إذا لم تُدفع رواتب معلميهم لمدة سنة.
وأضافت المنظمة في تغريدة على حسابها بموقع التدوينات المصغّرة «تويتر»، إن توقف الدراسة يهدد 4.5 مليون طفل يمني، ولن يستأنف العمل في مدارسهم العام الدراسي الجديد.