أكاديميون يحتفون بيوم النهضة ويستشرفون مستقبل السلطنة

بلادنا الاثنين ٢٤/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
أكاديميون يحتفون بيوم النهضة ويستشرفون مستقبل السلطنة

مسقط –
يمثل الثالث والعشرين من يوليو في الذاكرة الجمعية العمانية يوماً استثنائياً، ففي هذا اليوم من عام 1970م وضع السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حجر الأساس لنهضة عُمان في التاريخ المعاصر، وكان لا بد أن يكون ذلك الأساس متيناً ومتدرجاً تم فيه مراعاة ظروف الفترة الانتقالية ومتطلباتها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان الإنسان قطب الرحى في معترك التنمية التي استفاقت فيها عُمان من كبوتها «كان بالأمس ظلام، ولكن بعون الله غدا سيشرق الفجر على عُمان»، وبمناسبة هذه الذكرى الغالية على قلوب جميع العمانيين.وقال رئيس جامعة السلطان قابوس سعادة د. علي بن سعود البيماني: «يشرفنا ويسرنا الاحتفال بمرور ذكرى يوم النهضة العمانية المباركة 23 من يوليو المجيد، ونرفع في هذا اليوم الأغر خالص التهاني والتبريكات للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه، كما نتقدم بالتهنئة إلى جميع أبناء الشعب العماني الذين ساهموا في البناء والإنجاز، ونشد على أيديهم التي تؤمن بالبناء والنماء والحرية والتسامح والعطاء المخلص في سبيل خدمة الوطن الغالي، كذلك أود أن أقدم تهنئة خالصة لجميع منتسبي جامعة السلطان قابوس لهذه المناسبة العزيزة، إذ تعد مصدرا للإلهام والتميز والإبداع، ولا شك أن الجامعة هي منارة العلم ونبراس المعرفة في هذا البلد المعطاء، التي أراد لها مولاي حضرة صاحب الجلالة أن تكون رائدة في جميع مجالات العلوم، وأن تكون ذا بصمة بين جامعات المنطقة والجامعات العالمية»، وختاما نسأل الله تعالى أن يجعل أيامنا الوطنية مناسبات سعيدة نحتفل فيها بالإنجازات العظيمة، ونخطط فيها للمزيد من التقدم والازدهار، وأن يحفظ مولانا جلالة السلطان قابوس، ويمدّه بالصحة والعافية والعمر المديد، ويحفظ عُماننا الغالية تحت قيادته الحكيمة، ويُديم علينا نعمة الأمن والأمان والسلام، إنه سميع مجيب الدعاء. وكل عام والجميع بخير ومسرة».

أزهى مراحل الازدهار

هناك مجموعة من الأكاديميين تحدثوا عن رؤيتهم حول مستقبل السلطنة وقال البروفيسور علي بن هويشل الشعيلي نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية والمالية: «إن المناسبات الوطنية في حياة الأمم مدعاة للاعتزاز بما تحقق لها من منجزات في سابق أيامها، وعملاً وإخلاصًا في حاضر وقتها، وتطلعا وأملا نحو مستقبلها. وفي كل عام تطل علينا الأيام الوطنية مُحمَّلة بمشاعر الفخر بما حققته المعادلة الصعبة على هذه الأرض الطيبة -قياسا على عمر النهضة العمانية- المتمثِّلة في تحقيق النمو والازدهار القائم على التخطيط وفق رؤى واضحة أرادها سلطان البلاد المفدى -حفظه الله ورعاه- أساسها الإنسان العُماني، باعتباره الركيزة الأساس للتنمية العمانية، وهدفها الأساس»، وأضاف في الصدد ذاته قائلا: «إن الثالث والعشرين من يوليو من كل عام يُشِّع على أرض سلطنة عمان وهي تعيش أزهى حالات الازدهار والتطور على المستويين: الحضاري والإنساني، مما أكسبها تقدير العالم نظير سياستها الواضحة، سائرةً بخطى إستراتيجية ثابتة نحو تحقيق مستقبلٍ مشرقٍ لهذه الأرض ومن عليها.

عم معها السلام
وقالت د. رحمة بنت إبراهيم المحروقية نائبة رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العملي: «شمس أشرقت على أرض عمان فأضاء لها الأفق وعم معها السلام وأنبأت بمستقبل يفيض أملا لأبناء الوطن. جاء من يحمل الكل ويعين الضعيف ويعلم الجاهل ويوفر الرعاية للمريض ويصنع لعمان شخصية فريدة بسياسة ترضي الله وتسير على نهج الإسلام دين السلام. لقد كان 23 يوليو 1970 بداية عهد وعصر جديد لعمان؛ عهد بدأه أحكم العرب وأحلمهم وأخلصهم لشعبه وأنبلهم لعروبته وأكثرهم تسامحا لإنسانيته. إن تولي أبانا الأعظم وسلطاننا المعظم جلالة السلطان مقاليد حكم البلاد في ذلك التاريخ المجيد الذي حفر في ذاكرة الزمن قد أذن ببداية جديدة وخير عميم لعمان وشعبها وللمنطقة العربية، بل وللعالم أجمع؛ حيث علم ابن عمان البار العالم كيف ترأب الصدوع وتلأم الجراح وتلحم الصفوف وتوطد العلاقات وتفض النزاعات على أرضية من الخير والتسامح النابع من مكانين إنسانية عميقة وعالمية تجاوزت حدود اللون والعرق والمادة.

الاستثمار في التعليم
وأما البروفيسور طاهر بن عبدالرحمن باعمر مستشار رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية فيقول: «إن استتاب الأمن والاستقرار والعيش في أمن وأمان من العوامل المهمة في مستقبل الدول، ولقد اهتمت السلطنة ووفرت سبل الحياة الكريمة للمواطن وشيدت البنى الأساسية من مدارس ومستشفيات ومسكن وبيئة حياتية مناسبة وطرق ومواني ومطارات وغيرها، وذلك من خلال توفير الموارد المالية والموازنات السخية لدعم هذه المشاريع، ويعد الاستثمار في التعليم العام والجامعي من أولويات السلطنة وقيادتها الحكيمة، وذلك لما له من أهمية في مستقبل الدول واستقرارها، فأنشئت المدارس والكليات والجامعات في كل ربوع ومحافظات السلطنة.

لم يتأثر كثيرا
ويرى د. زهران بن سالم الصلتي مدير مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بأنه رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها السلطنة إلا أن الاهتمام بتأهيل وتنمية وتدريب الموارد البشرية الوطنية لم يتأثر كثيرا، فقد حصلت السلطنة على المركز السادس عربيا في في تقرير مؤشر التنمية البشرية للعام 2016 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما دأبت الحكومة الرشيدة وبتوجيهات مباشرة من جلالة السلطان المعظم على توفير الفرص المختلفة للتعليم والتدريب والتأهيل وفق خطط وبرامج إستراتيجية.

وعلى الصعيد ذاته يضيف البروفيسور حاج بوردوسن عميد كلية الهندسة قائلا: «أرى أنه مهما تحدثنا عن الإنجازات المتعددة للنهضة في يوم نهضة عُمان والهياكل المتطورة سواء التعليمية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية وغيرها فإن الإنجاز الرئيسي هو الإنسان الذي هو مدار الحركة التنموية وتطورها واستدامتها. وأعتقد أن سر نجاح النهضة العمانية هو التركيز على الإنسان الذي يصنع النهضة ويحقق الإنجازات ويصنع الحضارة. ذلك أن مهمة بناء الإنسان، كما هو معلوم، أناطها الله بصفوة البشر ألا وهم الرسل والعظماء، حتى يضمن النجاح. فإن الملاحظ أن منطلق منهجية التخطيط في عُمان سلكت هذا المسلك من خلال تركيز التوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ومتعه بكامل الصحة والعافية.

النهوض باقتصاد

السلطنة المعرفي
وتحدثت د. كاملة بنت علي البوسعيدية أستاذة مشاركة ورئيسة قسم نظم المعلومات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عن مستقبل عمان المعرفي وقالت: «يوم 23 يوليو هو يوم للاحتفال بالنهضة المباركة وعُمان ويوم لتجديد العهد والولاء لقائد النهضة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه. خلال العقود الفائتة ساعد إنتاج النفط على رفع مستوى المعيشة والناتج المحلي الإجمالي في عُمان كبقية دول مجلس التعاون الخليجي. ولكن الحاجة الآن إلى التحول نحو اقتصاد المعرفة أمرا مهما بالنسبة للسلطنة التي تسعى حاليا كباقي دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد الشديد على موارد النفط. وقد أولت الحكومة الرشيدة اهتماما بالغا بتنوع الاقتصاد والنهوض باقتصاد السلطنة المعرفي.

الوصول إلى القمة

ويواصل الأكاديميون في الجامعة حديثهم عن مستقبل السلطنة فيقول د. علي بن سعيد الريامي أستاذ مساعد بقسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية: «ومع تعاظم التحديات التي لا تكاد تتوقف على مختلف الجبهات يبقى هاجس المستقبل حاضراً فالوصول إلى القمة ممكن، لكن البقاء على تلك القمة محفوف بالمخاطر، واستشراف المستقبل أصبح علماً مستقلاً، ليس الغرض منه التنبؤ بما في الغيب، وإنما استقراء مدخلات الأحداث وتحليلها بغية الاستفادة منها للتخطيط وصولاً لما هو أفضل، كما نطمح ونحن نعيش على هذه الأرض الطيبة، التي نتفيأ ظلال أمنها ورخائها، ونستنشق هواء التسامح بين جنبات ربوعها أن نرى مستقبلاً أفضل لعُمان الخير بإذن الله، وهذا الطموح المشروع رهن أربع أعمدة أساسية تتمثل في: استمرار النهج السياسي المعتدل والمتزن، والحياد الإيجابي بما يعزز الأمن والسلام العالمي.

التطور المخطط والمدروس

وذكرت د. عائشة محمد عجوة أخصائية إرشاد وتوجيه في مركز الإرشاد الطلابي بأنه من خلال استقراء ما حققته السلطنة منذ نهضة الثالث والعشرين من يوليو 1970، الذي سارت خلاله السلطنة بخطى مدروسة وواثقة ومتسارعة تدريجيا في التطوير والتقدم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، إضافة إلى تميز السلطنة بتبني مواقف واتجاهات سياسية ودينية حكيمة ومعتدلة، مما أدى إلى تمتعها بالأمن والاستقرار، فمن المتوقع أن تستمر السلطنة باتجاه مزيد من التقدم والتطور المخطط والمدروس، وأن يزيد تسارع خطوات البناء والتطور، حيث تم تأسيس بنى متينة على جميع الأصعدة وفي جميع المجالات، وأصبحت الرؤى والأهداف أكثر وضوحاً، كما يتوقع أن يكون الاهتمام أكثر تركيزاً في مجال التعليم، وذلك من خلال إجراء التعديلات وتبني المشاريع المناسبة للمجتمع العماني المبنية على الأبحاث والدراسات المحلية لبناء جيل من الشباب القادر على الإسهام في الاستمرار بحمل راية النهضة. كما أتوقع أو أتمنى أن يزيد اهتمام السلطنة بتنمية القطاع السياحي، حيث سيكون مصدرا ثريا للسلطنة.