لحظة فولفو المناخية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص

جيم أونيل

في الأسبوع الفائت أصدرت شركة فولفو إعلانا ملهما: فهي تعتزم التوقف عن إنتاج المركبات التي تعمل بوقود البنزين أو الديزل بعد العام 2019. وربما يتوقع مديرو الشركة التنفيذيون أن تصبح السيارات التقليدية أقل ربحية في المستقبل. ولكن أياً كانت دوافعهم فقد أحدث قرارهم صدى واسعا. ففي غضون 24 ساعة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستحظر بيع السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول العام 2040.

يؤكد قرار شركة فولفو أن الأمور تتغير في صناعة السيارات، كما يبث رسالة إيجابية في الكفاح ضد تغير المناخ. ولكن الأمر الأكثر أهمية أن هذا القرار يثبت أن الناس والمنظمات ما زالوا قادرين على اتخاذ خطوات كبيرة وجريئة لحل تحديات كبرى.

ويُعَد الكفاح ضد مقاومة مضادات الميكروبات من بين العديد من المشاكل العالمية اليوم. وهو في احتياج ماس إلى التزام مماثل. من منظور المؤيدين، كان ظهور قضية مقاومة مضادات الميكروبات على أجندة مجموعة العشرين العام الفائت، في إطار قمة المجموعة التي استضافتها مدينة هانجتشو في الصين، انتصارا كبيرا. لكن بيان مجموعة العشرين في العام 2016 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات لم يكن جريئا بقدر ما توقعنا له أن يكون. لأنهم كانوا غير راغبين في وضع سقف عال أكثر مما ينبغي. فقد علموا أن ألمانيا، النصير المتحمس في الحرب ضد مقاومة مضادات الميكروبات، ستتولى رئاسة مجموعة العشرين هذا العام، ومن المتوقع أن تقدم مقترحات جريئة على طاولة المفاوضات.
في فترة التحضير لقمة مجموعة العشرين في هامبورج هذا العام، بدأت أشعر بالقلق متوقعا أن ألمانيا لن ترقى إلى مستوى التوقعات. ولكن ألمانيا وعدت بأقل مما يجب وسلمت ما تجاوز المنتظر منها. فجاءت الإشارة إلى مقاومة مضادات الميكروبات في البيان المطول الصادر في نهاية قمة هامبورج أكثر جرأة من كل التوقعات.
فلم يكتف قادة مجموعة العشرين بالتأكيد على دعمهم السابق للجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة الحيوانية، في التصدي لمقاومة مضادات الميكروبات. بل اتخذوا أيضا خطوات مهمة في ثلاث مناطق بالغة الأهمية، الاستخدام الزراعي، وسبل التشخيص، وسوق العقاقير المفيدة الجديدة. وهناك فرص واضحة لبذل تعهدات رائدة في كل من هذه المجالات الثلاثة.
ففي مجال الزراعة، وعدت دول مجموعة العشرين بتقييد استخدام المضادات الحيوية مع الحيوانات خارج نطاق الطب البيطري. وهذا وحده يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام، لأن المضادات الحيوية، في الدول الكبيرة مثل الولايات المتحدة، وربما الصين والهند الآن، تُستَخدَم بشكل أكبر لتعزيز النمو في الزراعة وليس لمكافحة أشكال العدوى بين البشر. وقد حظر الاتحاد الأوروبي هذه الممارسة لعشر سنوات الآن، ولكن سياساته لم تنتشر على المستوى العالمي لأن المصالح الخاصة في الدول الرئيسية المنتجة للغذاء تحول دون ذلك.
وما زال بوسع دول مثل الولايات المتحدة والبرازيل أن تحظى بـ»لحظة فولفو». ويحتاج صناع السياسات ببساطة إلى إبلاغ منتجي الأغذية قرارهم بشأن المسموح به وغير المسموح. ويحتاج القطاع الخاص أيضا إلى إظهار الزعامة على هذه الجبهة. وينبغي لمنتجي الأغذية وتجار التجزئة أن يسيروا على خطى منتج لحم الخنزير المقدد في ديفون الذي تعهد مؤخرا باستخدام الخنازير الخالية من المضادات الحيوية فقط. فهل تفعل وول مارت، وأسدا، وتيسكو، وغيرها من الشركات نفس الشيء الآن؟
للفوز في الحرب ضد مقاومة مضادات الميكروبات، يتعين علينا أن نتوقف عن توزيع المضادات الحيوية وكأنها حلوى. ولتحقيق هذه الغاية، سنحتاج إلى تكنولوجيات جديدة وغير ذلك من التدابير لتغيير طريقة وصف المضادات الحيوية واستخدامها. على سبيل المثال، في برنامج مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات، الذي توليت رئاسته، حثثنا الدول المتقدمة على فرض اختبارات تشخيصية معينة تجرى قبل وصف المضادات الحيوية بحلول العام 2020.
من خلال تفعيل مثل هذه السياسة، تستطيع أي دولة متقدمة الآن أن ترسخ نفسها بوصفها رائدة عالمية. وكذلك تستطيع الشركات التي تلتزم بتوفير التكنولوجيا التشخيصية الضرورية بأسعار ميسرة، أو شركات الأدوية التي تدعم مثل هذه التكنولوجيات كوسيلة لتكميل المضادات الحيوية الجديدة السلبية الجرام، والتي يجب أن تكون أسعارها أعلى لتثبيط الإفراط في الاستخدام.
تُرى أي شركة صيدلانية قد تكون فولفو أو تسلا التالية في صناعتها؟ إذا أخذت شركة واحدة زمام المبادرة في تطوير عقاقير جديدة في مواجهة مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية التي حددتها منظمة الصحة العالمية كأولويات عاجلة، فإنها بذلك تحرر شركات أخرى من أغلالها التقليدية، وتجبرها على التوقف عن التفكير على هذا النحو البالغ الضيق في العائدات الفصلية.
في مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات، أوصينا بسبعة وعشرين تدخلا يمكنها أن تحل أزمة مقاومة مضادات الميكروبات لجيل كامل. ولكن حتى الآن في عقدنا هذا، أنفقت ثلاث شركات لتصنيع المستحضرات الصيدلانية في الولايات المتحدة قدرا من المال لإعادة شراء أسهمها أكبر مما كان مطلوبا لإتمام هذه التدخلات إلى النهاية. لقد تحولت شركات الأدوية إلى مديرين للميزانيات العمومية في المقام الأول، ثم شركات صانعة للأدوية في المقام الثاني. ومن الأهمية بمكان أن يتدخل شخص ما لقلب هذا النموذج رأسا على عقب.
اقترحت مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات أيضا مكافآت لدخول السوق لتشجيع الإبداع. فإذا استثمر منتجو المستحضرات الصيدلانية الكبار بشكل جدي في البحوث الخاصة بالمضادات الحيوية، فسوف يكون بوسعها تحسين البيئة الحالية لتطوير عقاقير جديدة بشكل كبير. ويأمل المرء أن يساعد «مركز التعاون في البحث والتطوير» الذي اقترحته مجموعة العشرين في تعزيز هذه الجهود. لن تسلك مقاومة مضادات الميكروبات سبيل السيارات التي تعمل بوقود البنزين والديزل إلا إذا أصبحت الصناعة يدا واحدة.

رئيس جولدمان ساكس لإدارة الأصول والسكرتير التجاري لوزارة الخزانة في المملكة المتحدة سابقا