14 % من النيازك المكتشفة على كوكب الأرض عُمانية

بلادنا الأحد ٠٩/يوليو/٢٠١٧ ١٧:٠٥ م
14 % من النيازك المكتشفة على كوكب الأرض عُمانية

مسقط - العمانية
أظهرت إحصائيات جامعة واشنطن أن السلطنة تعد من أكثر دول العالم المكتشفة للنيازك، ويقدر عددها بنحو 6558 قطعة نيزكية تزن ما يقارب 4775 كيلوجرامًا، تمثل ما يزيد على 1000 نيزك تتضمن 70 قطعة نيزكية من القمر و17 قطعة نيزكية من المريخ.
وتشير الدراسات إلى أن تدفق النيازك إلى الأرض ظل ثابتًا منذ 50000 عام، ويقدر تدفق النيازك التي يزيد وزنها على 10 جرامات من 36 إلى 116 نيزكًا لكل مليون كيلومتر مربع سنويًا ما يعني سقوط من 11 إلى 36 نيزكًا كل عام على أرض السلطنة البالغة مساحتها 309 آلاف كيلومتر مربع.
وتسعى الهيئة العامة للتعدين إلى الحفاظ على هذه الثروة والاستفادة منها علميًا من خلال إجراء البحوث والدراسات وإتاحتها للباحثين والدارسين، وكذلك إمكانية الاستفادة منها اقتصاديا انطلاقا من الاختصاص المنوط بالهيئة للمحافظة على هذه الثروة الطبيعية.
وأكد مدير عام المديرية العامة للبحوث والمسوحات الجيولوجية بالهيئة العامة للتعدين د. علي بن سالم الراجحي أن معظم النيازك التي وجدت في السلطنة هي من النيازك الكندراتية المتفرعة عن النيازك الحجرية، والتي مصدرها حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، كما أن هناك قطعا نيزكية يعود أصلها إلى المريخ والقمر ولكنها نادرة.
وأوضح الراجحي أنه تم تشكيل فريق علمي مشترك بين الهيئة العامة للتعدين ومتحف التاريخ الطبيعي السويسري للبحث عن النيازك العمانية وتجميعها وحفظها وإجراء الدراسات العلمية عليها، مؤكدًا أن أهمية النيازك تكمن في المعلومات النادرة التي تحتوي عليها وبخاصة ما يتعلق بكيفية تكوين النظام الشمسي، لأنها تظهر كأقدم ترسبات كونية تحتوي على معلومات حول التفاعلات الكيميائية والقوى الفيزيائية التي سبقت تكوين هذا النظام قبل أربعة بلايين وستمائة مليون سنة.
وأضاف: "النيازك قد تمكننا أيضا من تسليط الضوء على أصول الحياة فوق كوكب الأرض، لأن بعضها يتكون من مواد عضوية ذات أصل غير حيوي، وقد تكون ساهمت في ظهور الحياة على الأرض فهي حاليا الشيء الوحيد القادم من خارج الأرض الذي يمكـّن الباحثين من الحصول على معلومات مهمة حول النظام الكوكبي".
وتعرف النيازك على أنها صخور ذات أصل سماوي وتسقط على الأرض عندما يتقاطع مدارها حول الشمس مع مدار الأرض أي عندما تقترب من الأرض وتقع تحت تأثير جاذبيتها. وتخترق النيازك الغلاف الغازي للأرض بسرعة تتراوح بين 10 إلى 30 كيلو مترًا في الثانية متعرضة للتآكل بسبب احتكاكها بالهواء حتى تتلاشى كليا أو تنقص كتلتها قبل وصولها إلى سطح الأرض. وتتراوح كتل النيازك التي تصل الأرض بين أقل من جرام واحد إلى عشرات الأطنان.
وأشهر النيازك التي سقطت إلى الآن نيزك هوبا (Hoba) في جنوب غربي أفريقيا، ويزن حوالي 66 طنا ولا يزال إلى الآن في موقع سقوطه، ويليه في الكبر نيزك (مدينة ركاب يورك) ويزن أكثر من 36 طنا، وهو نيزك حديدي عثر عليه أحد المكتشفين في جزيرة جرينلاند عام 1897م، وهو محفوظ حاليًا في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي بنيويورك بالولايات المتحدة. وتتسبب النيازك التي يزيد وزنها على مئات الأطنان عند ارتطامها بالأرض في إحداث حفر اصطدامية متفاوتة الأحجام.
وفي السلطنة يزن أكبر نيزك تم العثور عليه حتى الآن حوالي 200 كيلوجرام، ويُقدر العلماء أن 44 طنا من المواد النيزكية تسقط على الأرض كل يوم، وفي العادة يمكن أن تشاهد بضعة شهب كل ساعة خلال الليل. ويمثل حزام الكويكبات أهم مصادر النيازك التي قد تصل إلى الأرض.
وتوجد ما بين مداري المريخ والمشتري مسافة شاسعة تحتوي على العديد من الكتل الصخرية التي تتنوع أحجامها، بحيث أن كتلة جميع هذه الصخور لا تزيد على 5 بالمائة من كتلة القمر ويسمى الكبير منها بالكويكبات.
ومن حين إلى آخر تنطلق بعض الكتل الصخرية من مدارها وتدخل جو الأرض. ويعد حزام (كيوبر) مصدرا آخر للنيازك والذي يضم عددًا كبيرًا من الأجسام لكن خطرها أقل نظرًا لوجود كوكب المشتري ذو الجاذبية الكبيرة والذي يقلل من احتمال وصولها إلى الأرض.
ويقع حزام كيوبر بعد مدار كوكب نبتون. وتعتبر الأجرام الناتجة عن اصطدام جسم ما بأحد الكواكب مصدرا من مصادر النيازك التي قد تصل إلى الأرض وهذه الأجسام تسبح بشكل متواصل في المجموعة الشمسية ويمكن أن تشكل خطراً عند اصطدامها بكوكب الأرض. كما أن هناك عددًا صغيرًا نسبيًا من النيازك يمكنها اختراق الغلاف الجوي للأرض، كما يمكنها الخروج منه مرة أخرى ويطلق على هذه النيازك مصطلح "الكرات النارية الهائلة". ومن المعلوم أن الملايين من الشهب تنشأ يوميا في الغلاف الجوي للأرض ومعظم النيازك المسؤولة عن تكون الشهب يبلغ حجمها حجم قطعة من الحصى، وتصبح هذه الشهب مرئية عندما تكون على بعد يتراوح بين 65 إلى 120 كيلومترًا فوق سطح الأرض وتتحطم هذه الشهب عندما تكون على ارتفاع 50 إلى 95 كيلومترًا. وكشفت مجلة The Meteoritical Bulletin التي تصدر عن جمعية النيازك في عددها رقم 84 في أغسطس من عام 2000م عن 39 نيزكا تم اكتشافها في السلطنة، ولم تكن هناك سوى بضعة نيازك معروفة في السلطنة قبل العام 2000م.
وقد ازداد عدد النيازك المكتشفة إلى 1805 قطعة نيزكية حتى العام 2007م ليشكل هذا الكم ما نسبته 34 بالمائة من النيازك المكتشفة عالميا باستثناء نيازك القارة القطبية الجنوبية.
وإذا أضيفت القارة القطبية الجنوبية تشكل النيازك في السلطنة ما نسبته 14 بالمائة على كوكب الأرض. وتولي الهيئة العامة للتعدين اهتمامًا كبيرًا للحفاظ على النيازك العمانية من خلال عمليات البحث والدراسة والتصنيف العلمي لهذه الثروة الوطنية، نظرًا لأهميتها العلمية والتراثية على المستويين الإقليمي والعالمي، حيث تعتبر النيازك بشكل عام ذات أهمية علمية كبيرة لمعرفة التركيب الصخري للأجرام السماوية ودراسات علوم الفضاء، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع هي: النيازك الحديدية، وتتكون من الحديد والنيكل في أكثر من 98 بالمائة من كتلتها، والنيازك الحجرية التي تشتمل على حجارة من عدة أنواع، والنيازك الحديدية الحجرية التي يتكون نصفها تقريبًا من الحديد والنيكل والنصف الآخر من معدن (الألوفين).
ويمكن تحديد مكونات النيازك عندما تمر عبر الغلاف الجوي للأرض عبر المسار المنحني الذي تسلكه والطيف الضوئي للشهب الناتجة. وتعتبر النيازك الصخرية هي الأكثر شيوعًا بالنسبة لتلك التي عثر عليها بعد مشاهدة سقوطها وهي تشكل 94 بالمائة، بينما تشكل النيازك الحديدية 5 بالمائة والنيازك الحديدية الصخرية 1 بالمائة من النيازك التي تم العثور عليها.
وتصنف النيازك العمانية على أنها نيازك صخرية في مجملها مع وجود نيزك حديدي واحد. ويزيد متوسط العمر الأرضي لهذه النيازك عن 20 ألف سنة تقريبًا. وتعد البيئة العمانية مناسبة لحفظ النيازك بصورتها الطبيعية، وقد تم العثور في السلطنة على نيزك حديث يقدر عمره الأرضي بـ5 سنوات تقريبا. وتعمل الهيئة العامة للتعدين على النهوض بالبحوث العلمية في هذا القطاع والمحافظة على الظواهر والتراث الجيولوجي العماني.

وقد قام فريق من الهيئة بالتعاون مع فريق من متحف التاريخ الطبيعي السويسري وجامعة بيرن السويسرية بعملية بحث وجمع للنيازك العمانية خلال النصف الأول من العام الجاري وتم العثور على ما مجموعه 352 قطعة نيزكية بما يوازي 53 كيلوجرامًا ليصبح العدد الإجمالي المكتشف حتى الآن 6558 قطعة نيزكية بوزن إجمالي 4775 كيلوجراما. ويأتي هذا البحث ضمن مذكرة التفاهم الموقعة مع متحف التاريخ الطبيعي السويسري بهدف جمع ودراسة وتصنيف وحفظ النيازك العمانية حفاظا عليها وحمايتها من المخاطر منذ عام 2001م.
وقد أفردت الهيئة قسما خاصا بالنيازك في الهيكل التنظيمي يتبع دائرة التراث الجيولوجي لمتابعة كل ما يخص هذه النيازك وإعطائها الاهتمام اللازم نظرا لأهميتها العلمية والاقتصادية. وتعمل الهيئة على تخصيص مساحة لحفظ النيازك العمانية المكتشفة، تمهيدًا لاستلام الجزء المتبقي منها مع الجانب السويسري بعد الانتهاء من عملية دراستها وتصنيفها من قبل فريق العمل بناء على المذكرة الموقعة في هذا الشأن لتضاف إلى النيازك المحفوظة لدى الهيئة. وتزمع الهيئة إجراء المزيد من الدراسات العلمية على هذه النيازك وستكون متاحة للباحثين والدارسين في هذا المجال.
كما تنوي إقامة حلقة عمل للتعريف بالنيازك العمانية وأهميتها العلمية والبحثية بمشاركة الجمعية الدولية للنيازك والعديد من المختصين والباحثين من دول العالم. وتعمل الهيئة العامة للتعدين على توثيق جميع البيانات والتحاليل العلمية لجميع النيازك المكتشفة لإصدارها في كتاب متخصص بهذا الشأن وعرض بعض منها في المتحف الوطني ومتحف عُمان عبر الزمان لتكون متاحة للجميع.