«الشبيبة» ترصد مواقفهم من الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات هل يتقبل المصريون تبعات الإصلاح الاقتصادي؟

الحدث الخميس ٠٦/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
«الشبيبة» ترصد مواقفهم من الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات

هل يتقبل المصريون تبعات الإصلاح الاقتصادي؟

القاهرة- خالد البحيري

تقبل المصريون الزيادة التي أقرتها الحكومة نهاية يونيو الفائت في أسعار المحروقات، خاصة مع الإجراءات التي تم اتخاذها بالتوازي مع هذه الزيادة من قبل المحافظين والجهات الرقابية للسيطرة على أسعار نقل البضائع والأشخاص، بحيث لا تتجاوز الزيادة بأي حال 10% فقط باعتبار النقل أحد مدخلات الإنتاج.

وقد ساهم في تمرير هذه الزيادة الرغبة المتصاعدة لدى ملايين المصريين في تدعيم الاستقرار وعدم جر البلاد إلى طريق وعر قد يؤدي بها إلى مصير دول كثيرة بالمنطقة.

كما أن حالة الحرب التي تعيشها مصر نتيجة الأزمة الاقتصادية ومحاربة الإرهاب على أكثر من جبهة وحّدت المصريين على هدف التحمل من أجل أن تنجو مصر ومؤسساتها من مخططات الاستهداف والتفتيت مع انتهاج «التقشف» والتغاضي عن بعض الأمور المعتادة مثل الذهاب إلى المناطق الساحلية خلال فترة الصيف للاصطياف، والحد من السلع غير الضرورية وتأجيل بعض خطط تجديد المنازل والأثاث لحين تحسن الأوضاع.

سيناريو حتمي

المستشار السابق بصندوق النقد الدولي د. فخري الفقي قال لـ «الشبيبة»: المصريون دائمـــا عند حسن الظن بهم، فهم يتحملون الآن كما تحملوا في السابق من أجل الحفاظ على بلدانهـــم، ونعمـــة الأمـــن والاستقـــرار فـــي عالم شديـــد الاضطراب ليست بالسهلـــة وتكلفتها باهظة، وكل الدول مــــن الممكن أن تمر بأزمات طاحنة لكن سرعان ما تتعافى إذا ما اتبعت المسلك الصحيح لعلاج اختلالات الموازنة العامة.
وأضاف: «لا يوجد أمامنا الآن سوى السيناريو الذي بدأت الدولة في تنفيذه بالفعل»، وانخفاض سعر الدولار على مدار الأسبوع الجاري سيؤدي إلى انخفاض أسعار الواردات من سلع أساسية وأدوية، وكذلك انخفاض تكاليف إنتاج المصانع مما ينعكس على مستوى الأسعار في السوق المصري بالإيجاب، على أن يسير ذلك جنبا إلى جنب مع المحاولات المستمرة لتحسين وضع السياحة «والتي بدأت رحلتها في التعافي».
ويتوقع «الفقى» أن الدولار سوف ينخفض من 18 جنيها إلى 14 جنيها على مدار السنة المالية التي بدأت بالفعل قبل أيام، ويدعم ذلك التنبؤ زيادة تحويلات المصريين المقيمين بالخارج، خاصة بعد الأزمة مع قطر «المصريين هناك خايفين على مدخراتهم».
كما ذكر بوادر أخرى للتحسن الاقتصادي منها تمتع البنك المركزي المصري باحتياطي «مريح» يصل إلى 31 بليون جنيه، وظهور بشائر الاستثمارات على استحياء، لافتا النظر إلى أنه مع بداية ضخ الغاز الطبيعي من حقل «ظهر» في البحر المتوسط، خلال شهر سبتمبر المقبل كما هو مقرر، فإن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي بحلول العام 2018 فضلا عن إمكانية التصدير، وبذلك توفر حوالي 5 بلايين جنيه، أي ما يعادل دخل قناة السويس.

حالة حرب

رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب اللواء كامل عامر قال: إن مصر حاليا في حالة حرب وقد وضعت الحكومة خطة للإصلاح الاقتصادي من بين خطواتها تقليص الدعم بشكل متدرج، وعلى الجميع إدراك المغزى الحقيقي من هذه الزيادة التي حدثت في أسعار المحروقات أو الزيادة المرتقبة في أسعار الكهرباء خلال الشهر المقبل فالحكومة تحاول إيصال الدعم إلى مستحقيه، وعلى الشعب المصري أن يتحمل الأزمة التي تمر بها البلاد حتى يستعيد الاقتصاد عافيته ويعم الرخاء.
وأضاف: تؤشر لغة الأرقام إلى أن القرارات السبعة التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال إفطار الأسرة المصرية والمتعلقة بمد شبكة الحماية الاجتماعية لأكبر عدد من المواطنين تبلغ كلفتها نحو 320 بليون جنيه موزعة بين دعم نقدي لـ 72 مليون مواطن على بطاقة التموين وزيادة معاشات لـ 10 ملايين مواطن ودعم نقدي للمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة لنحو مليون و 750 ألف مواطن، فضلا عن نحو مليون فلاح يستفيد من وقف العمل بضريبة الأطيان الزراعية لمدة ثلاث سنوات واستفادة ملايين الموظفين من رفع الحد الأدنى للإعفاء من الضريبة لصغار الموظفين.

القرارات السبعة

القرارات السبعة كان لها مردود طيب لدى الغالبية الكاسحة من الشعب المصري الذي عانى من ارتفاع التضخم لأكثر من 30 % (مايو 2016- مايو 2017)، واعتبرها الكثيرون «عيدية» من الرئيس لشعبه، وتعبير صادق عن إحساسه العميق بما تعانيه هذه الفئات من مشقة بسبب انفلات الأسعار وعدم نجاح الحكومة في الكثير من الأوقات في ضبط السوق وتفوق خطط المحتكرين والجشعين على قرارات الحكومة في هذا الشأن.
وتابع: تضم قرارات الحماية الاجتماعية التي صدرت قبيل العيد ويجرى تطبيقها من يوليو الجاري 5 قرارات تتعلق في جانب الإنفاق بضخ مزيد من الدعم لرفع المرتبات وزيادة الدعم النقدي واثنين في جانب الإيرادات برفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل ووقف العمل بضريبة الأطيان الزراعية.
الكثير من المواطنين أعلنوا خلال لقاء «الشبيبة» بهم استعدادهم لتقبل تبعات بقية إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، داعين الحكومة إلى مساعدتهم كفئات معدمة وفقيرة على تجاوز هذه الأزمنة العصيبة عن طريق تشديد الرقابة على الأسواق وعدم الرضوخ لرغبات المحتكرين، والضرب بقوة على أيدي من تسول له نفسه التلاعب بأقوات الناس.
فمن غير المقبول أن يقفز أناس ليتربحوا من الأزمات في حين تغيب فئات ويُهوى بها إلى ما دون خط الفقر دون رادع أو عقاب.
المزارعون والفلاحون أيضا كان لهم نصيب من جولتنا فقد أكدوا لنا أن الفلاح لا يزال ينتظر من الحكومة الكثير، لأن معظمهم لن يستفيد من وقف العمل بضريبة الأطيان الزراعية، كما أن قيمة الضريبة 200 جنيه سنويا، وبالتالي لا تتجاوز 16.6 جنيه شهريا، وطالبوا بدعم مدخلات العملية الزراعية من مبيدات وتقاوي وأسمدة لأن أسعارها بالفعل زادت بشكل مبالغ فيه وتهدد قطاع الزراعة رغم أنه جزء من الأمن القومي باعتباره بوابة الأمن الغذائي.
وأضافوا أن توفير البيئة المناسبة للفلاح لكي يعمل ويزرع يعود بالفائدة على المجتمع كله، وبالتالي فهم في حاجة إلى تأمين صحي شامل، ودعم لأبنائهم في مراحل التعليم المختلفة لأن دخلهم موسمي وبحسب المحصول.