تجربتنا في اكتتاب الصكوك والثقة الدولية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢١/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
تجربتنا في اكتتاب الصكوك والثقة الدولية

علي بن راشد المطاعني

يعد نجاح السلطنة في اكتتاب الصكوك الإسلامية بأكثر من أربعة أضعاف القيمة المطلوبة مؤشرا إيجابيا يردّ على بعض التصنيفات الائتمانية غير العادلة وغير الموقنة بمتانة الاقتصاد العُماني وقدراته على الإيفاء بالاستحقاقات الائتمانية الدولية، حيث تعد السلطنة من الدول التي تحظى بسمعة دولية عالية في الوفاء بالتزاماتها الدولية سواء للمؤسسات المالية أو المنظمات العالمية، ما يسهم في تعزيز الثقة في أي طلبات تمويل دولية أيا كانت أدواتها.

إن تحقيق اكتتاب السلطنة على الصكوك الإسلامية (صكوك إجارة إسلامية) إقبالا كبيرا قاربت قيمته السبعة بلايين دولار مقارنة مع ما طلبته والبالغ بليوني دولار في أول إصدار للصكوك السيادية الدولية يعكس العديد من الدلالات، لعل من أهمها الملاءة المالية للسلطنة وقدرتها على الإيفاء بمثل هذه الاستحقاقات المالية وفق الجدول الزمني المحدد للوفاء.

فهذا الالتزام الصارم في خدمة الديْن الخارجي خلال السنوات الفائتة يضاعف من ثقة البنوك الدولية في التزام السلطنة بالسداد وقدرتها على الوفاء، ‏فضلا عن إن هذا الإقبال على الاكتتاب في الصكوك السيادية طويلة المدى يشكل معدلا معياريا للعائد من الصكوك في السلطنة وبما يتوافق مع أهداف الحكومة في تمويل متطلبات الموازنة العامة للدولة من خلال أدوات جديدة جذبت مستثمرين جددا من مؤسسات مالية إسلامية دولية.

إن نجاح الإصدار الأول للصكوك الإسلامية تجربة جديدة في التمويل، بعد نجاح إصدار السندات الدولية الذي جمعت منه السلطنة 5 بلايين دولار وتجاوزت طلبات الاكتتاب به أيضا 20 بليون دولار، في دلالة واضحة على مدى الثقة التي تحظى بها السلطنة في سوق التمويل الدولية ويعكس ذلك متانة الاقتصاد العُماني عبر قدرته على التعاطي الإيجابي مع طلبات السلطنة من التمويل.
وعبر هذه التجربة الثرية تكون الحكومة قد انتهت من توفير متطلبات تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة بتوفيق من الله.

بالطبع المؤسسات الائتمانية التمويلية الدولية على إدراك تام بالظروف الاقتصادية التي تعيشها الدول المصدرة للنفط، وهي على يقين تام كذلك بمدى القدرة العُمانية على الوفاء بهذه الالتزامات من خلال هيكلية الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق وتنويع مصادر الدخل إذ يتوقع أن تنعكس تلك الإجراءات إيجابا في الموازنات المقبلة عبر إحداث التوازن المرتجى والمأمول بين الإيرادات والإنفاق.

نأمل في أن نثق بقدرات اقتصادنا على الوفاء بمتطلبات المرحلة المقبلة، وإدارة الجوانب المالية الحكومية بكفاءة عالية تعزز الثقة من جانب مؤسسات التمويل الدولية، التي لا يأتي تمويلها اعتباطا وإنما نتيجة مؤشرات وتصنيفات من نوع آخر، وعبر الثقة العالية في مكانة السلطنة وسمعتها الدولية التي لا يوازيها أي تصنيف آخر مهما كانت دقته وواقعيته.