الأطفال الفلسطينيون في سجون الاحتلال يتساءلون.. بأي حال عدت يا عيد؟

الحدث الاثنين ١٩/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٤٥ ص
الأطفال الفلسطينيون في سجون الاحتلال يتساءلون..

بأي حال عدت يا عيد؟

مسقط - محمد البيباني

في الوقت الذي يستعد فيه العالم الإسلامي للاحتفال بعيد الفطر المبارك تتواصل معاناة المئات من الأطفال الفلسطينيين الذين تستمر عذاباتهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي مع أكبر مظهر لانتهاك القوانين والمواثيق الدولية كافة.

الثلاثون من شهر ديسمبر من العام 2015... يوم غير مجرى حياة عائلة مقدسية وصبغها بلون قاتم بعد اعتقال ابنها شادي فراح الذي يعرف أنه أصغر أسير في المعتقلات الإسرائيلية، إذ تم اختطافه وسجنه وهو في طريق العودة من مدرسته ليصدر قرارا بسجنه بحجة أن الطفل الذي لم يتجاوز الـ12 من عمره خطر على أمن إسرائيل.

حالة الطفل شادي ليست استثنائية في سياق الانتهاكات الإسرائيلية بحق أطفال فلسطين الذين يرزح عدد غير قليل منهم في ظلمة سجون الاحتلال تتشابه أيامهم دون تمييز لأعياد يمرح خلالها أقرانهم ويعيشون بهجتها.
خلال العام الفائت قضى تسعة أطفال قصر من أهالي القدس المحتلة، أيام عيد الفطر «السعيد»، داخل مؤسسات للأحداث يحتجزهم الاحتلال فيها منذ أشهر عدة.
وقالت لجنة أهالي أسرى القدس في ذلك الوقت إن القاصرين قضوا رمضان والعيد مبعدين عن أهلهم وأحبتهم، كما أنهم لن يلتحقوا بمقاعدهم الدراسية.

فرحة العيد بنكهة المرارة

فرحة العيد.. معنى غائب عن أطفال فلسطين في ظل احتلال يجثم على صدر بلادهم منذ أكثر من 68 عاماً.
بحسب معطيات نشرها مختصون بالصحة النفسية للأطفال، فقد عانى الأطفال الفلسطينيون بشكل مستمر من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، فهناك نحو 90 في المئة منهم تعرّضوا لتجارب في حياتهم سبّبت لهم «صدمة»، وكانت في معظمها ناتجة عن التأثير الذي سببته ممارسات الاحتلال، فضلا عن انعكاساتها على البناء الاجتماعي للعائلة الفلسطينية.
كما تشير معطيات حقوقية إلى أن أعداد الشهداء الأطفال منذ شهر أكتوبر من العام 2015 وحتى سبتمبر من العام 2016، بلغت نحو 56 شهيدا وشهيدة، من أصل 239 شهيدا في ذات الفترة، ناهيك عن مئات الجرحى وكذلك الأسرى الذين ارتكبت إدارة سجون الاحتلال بحقهم أبشع الانتهاكات وحرمتهم من أبسط الحقوق، وسط صمت المجتمع الدولي.

وماذا بعد القلق؟

من جانبها أعربت الأمم المتحدة، الجمعة الفائت، عن «قلقها» إزاء أوضاع الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مشيرة أنها تتابع بشكل مستمر ظروف اعتقال الفلسطينيين «بدون تهمة أو محاكمة».
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، في مؤتمر صحفي عقده أمس الأول في نيويورك: إن المنظمة «تشعر بالقلق بشأن أوضاع الأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية». وأضاف «نتابع أيضا، وبشكل مستمر، ظروف المحتجزين إداريا في سجون إسرائيل».

إحصائيات

وبحسب إحصائيات أممية، يوجد 312 طفلا فلسطينيا في السجون ومراكز التحقيق والتوقيف الإسرائيلية، بينهم 12 طفلة أسيرة، إضافة إلى 450 أسيرا فلسطينيا كانوا أطفالا لحظة اعتقالهم، وتجاوزوا الـ 18 عاما وهم خلف أسوار السجن. وتقدر منظمات حقوقية أعداد الفلسطينيين المعتقلين إداريا (أي دون تهمة أو محاكمة) بالسجون الإسرائيلية، منذ حرب يونيو 1967 حتى اليوم، بأكثر من 50 ألفا. فيما تشير تقديرات رسمية فلسطينية إلى وجود نحو 6 آلاف و500 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية حالياً، بينما قُتل وجرح عشرات الآلاف على يد القوات الإسرائيلية التي تحتل قطاع غزة والضفة الغربية منذ 1967.

ماذا يقولون؟

وثقت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، شهادات جديدة لعدد من الأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية، «تعرضوا للتنكيل والمعاملة المهينة خلال اعتقالهم واقتيادهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف».
ووثقت الهيئة في بيان لها، في شهر مارس الفائت، لوسائل الإعلام، شهادة الأسير يزيد دعنا (17 عاما) من محافظة الخليل، والقابع في معتقل عوفر العسكري، بأنه اعتقل في الثالث عشر من مارس الفائت، خلال توجهه للمدرسة.
وذكر في إفادته أن جنود الاحتلال «هاجموه وطرحوه أرضاً واعتدوا عليه بالضرب المبرح، قبل اقتياده لحاجز الكونتينر المحاذي للحرم الإبراهيمي بالخليل، واعتدوا عليه مرة ثانية بوحشية، وبعد ذلك نقل لمركز كريات أربع، وهناك لم يتوقف المحققون عن ضربه بذات الطريقة، خاصة على مؤخرة رأسه».
من جانبه، روى المعتقل محمد بياعة (16 عاما) من مخيم شعفاط في القدس المحتلة، ويقبع في سجن مجيدو، تفاصيل اعتقاله لمحامي الهيئة، وقال: «اعتقلت في الثالث والعشرين من أكتوبر 2016، بعدما داهم الجنود الاحتلال منزلي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل».
وتابع في روايته: «نقلني الجنود بعد ذلك إلى حاجز شعفاط سيرا على الأقدام، ومن هناك إلى سجن المسكوبية للتحقيق، وعندما وصلت إلى هناك انهال عدد من الجنود عليّ بالضرب المبرح، قبل أن أدخل إلى غرفة التحقيق، واستمر التحقيق لمدة أربع ساعات متواصلة وكنت مقيداً بالكرسي». كما نقلت الهيئة شهادة المعتقل هاني أبو حمادة (17 عاما) من مخيم بلاطة في نابلس، والذي اعتقل في التاسع والعشرين من يناير الفائت.
وجرى اقتياد أبو حمادة إلى مستوطنة «كرمي شمرون»، بعدما قام المستوطنون بمهاجمته، وهناك قام جنود الاحتلال بتقييد يديه إلى الخلف، وانهالوا عليه بالضرب المبرح بأيديهم وبأرجلهم وبأعقاب البنادق، ثم جروه ودفعوه بقوه لداخل الجيب العسكري، ونقل فيما بعد إلى مركز الشرطة للتحقيق معه.
وأضاف أنه خلال التحقيق معه لم يتوقف المحقق عن ضربه، وكان يوقعه على الأرض عمدا ويدوسه بقدميه ثم يجلسه على الكرسي ويستمر بضربه، وهدده أيضا أنه إذا لم يعترف سيقوم باعتقال والدته وإخوته ويهدم بيته، بحسب بيان الهيئة.

شهادات مفزعة

في مارس 2016 كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عن شهادات لأسرى أطفال في سجن مجيدو الإسرائيلي، تعرّضوا للتنكيل والضرب خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، بشكل سافر ينتهك القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان كافة. ولفتت محامية الهيئة هبة مصالحة، خلال زيارتها للأسرى القاصرين في سجن “مجدو” إلى أن الطفل جلال بياع (17 عاما) من مخيم شعفاط قضاء القدس، اعتقل من وسط بلدته بعد أن هجم عليه عدد من الجنود وانهالوا عليه بالضرب المبرح على كل أنحاء جسده، ووضعوا عصبة على عينيه وربطوا يديه بمرابط بلاستيكية وضربوه على رأسه وكتفه بالسلاح، وبعدها إلى مركز تحقيق عتروت وخلال التحقيق تم شتمه طوال الوقت وصفعه من قبل المحقق على وجهه، وتعرض للتفتيش العاري خلال نقله إلى سجن مجدو.
ونقلت مصالحة شهادة الطفل محمد بعجاوي (15 عاما) من يعبد قضاء جنين، والذي اعتقل قبل شهرين عند مدخل بلدته، إذ لحقه عدد من الجنود وأمسكوا به، وألقوه على الأرض وانهالوا عليه بالضرب، ووضعوا عصبة على عينيه وربطوا يديه بمرابط بلاستيكية، ثم نقل لأحد مراكز التوقيف ومنها نقل لسجن مجيدو.
ولفتت المحامية، إلى أن أكثر من 100 شبل قاصر يقبعون في قسم رقم 3 في مجيدو، يتعرضون لانتهاكات صارخة ومخالفة لكل اتفاقيات الطفولة العالمية ومبادئ حقوق الإنسان من قبل إدارة السجون الإسرائيلية، وأن عددهم آخذ بالازدياد وغالبيتهم من القدس.