لا بد من نشر تقارير هذا الجهاز

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٥ ص
لا بد من نشر تقارير هذا الجهاز

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي ينشط فيه جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في عمله المشاد به مقدما في العديد من جوانب الرقابة المالية والإدارية، ‏وبخاصة التوعية بفضائل النزاهة والشفافية وإعلاء قيم مكافحة الفساد، إلا أن تقارير الجهاز لا يُعرف عنها شيء، فلا تنشر للعامة كبقية أجهزة المحاسبة وهيئات مكافحة الفساد في العالم، لكي تكون جزءا من معالجة المشكلات، ثم إن نشر التقارير يعد أكبر عامل ردع للمخالفين للأنظمة المالية والإدارية وبمثابة إنذار لكل من تسول له نفسه الأمارة الوقوع في مثل هذه المستنقعات. مما لاشك فيه أن جهاز الرقابة ‏المالية والإدارية للدولة يلعب دورا محوريا في أداء المهام المنوطة به وفق الاختصاصات الممنوحة‏ له والمتمركزة في حماية الأموال العامة للدولة التي تديرها أو تشرف عليها أي من الوحدات الخاضعة لرقابة الجهاز والتثبت من مدى ملائمة أنظمة الضبط والرقابة الداخلية وسلامة التصرفات المالية والإدارية ومدى إتباعها للقوانين واللوائح والقرارات التنظيمية والتحقق من تنفيذ القوانين واللوائح والنظم والقرارات فيما يتعلق باختصاصاته وتجنب وقوع تضارب المصالح والمخالفات المالية والإدارية وبيان أوجه النقص أو القصور في القوانين واللوائح والأنظمة المالية والإدارية المعمول بها واقتراح وسائل علاجها والالتزام بمبدأ الشفافية في التصرفات المالية والإدارية.

وتفعيل الرقابة الوقائية والتأكد من حسن سير العمل وانضباطه وتقييم أداء الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز والتحقق من استخدام الموارد بطريقة اقتصادية وبكفاءة وفاعلية والكشف عن أسباب القصور في الأداء والإنتاج وتحديد المسؤولية، ويعمل من خلال انتشار الفرق الرقابية في الجهات الحكومية والشركات التي تساهم فيها الحكومة.

هذه الجهود ستبقى ناقصة إن لم يواكبها نشر لتقارير الجهاز ليعلم بها المجتمع بأسره وليقف على ما تم إنجازه وليطلع على المخالفات التي ضبطت وحجمها وخطورتها على أموال الدولة.

إن الأجهزة المحاسبية في دول العالم تعلن تقاريرها بصفة دورية كجزء أساسي من عملها، وليست هناك غضاضة في الإعلان عن البيانات والمعلومات السنوية لهذا الجهاز، فالإعلان هو الجزء الأهم والمكمل لكل هذا الاجتهاد، فعلى المستوى الخليجي نجد أن جهازي البحرين والكويت يعلنان تقاريرهما، فضلا عن الدول العربية والإسلامية التي تفعل الشيء نفسه، ودول العالم قاطبة تطبق هذا المبدأ الأصيل، وهو ما يفرض علينا أن نحذو حذو كل هذه الدول، بخاصة وأننا قطعنا شوطا طويلا في بناء أركان دولة المؤسسات والقانون فهي وبالسنين تشير إلى أكثر من 47 عاما إذ نراها كافية لنمنح جهاز الرقابة المالية والإدارية صلاحية إعلان نتائجه الرقابية في السلطنة كجزء من الجهود الهادفة للحفاظ على المال العام.
فالمنظمات الدولية المختصة بالشفافية تنص مبادؤها وأنظمتها على إعلان التقارير الرقابية المالية والإدارية، بل تحث الدول المنضوية تحت لوائها ومظلتها على توفير وإتاحة هذه الصلاحية التي تعد عنصرا أساسيا في عمل هيئات النزاهة والشفافية والرقابة أيا كانت المسميات، رغم أن السلطنة ملزمة بذلك بحكم انضمامها للمنظمات الدولية المعنية.إن إعلان التقارير لا يعني نشر تفاصيل دقيقة، تعري بعض المخالفين وبعض الجهات، بقدر ما يكمن الهدف في إيضاح المخالفات المالية وتسمية الجهات كنوع من التوعية بأهمية الرقابة والنزاهة التي ينشدها الجميع وفي الخطوة أيضا يكمن نوع من الردع المناسب والذي يندرج أيضا تحت مسمى العلاج للظاهرة.

إن الجهاز في اعتقادنا لا يعمل على تصيد الأخطاء سواء في الوزارات أو الهيئات أو الشركات الحكومية التي تساهم فيها الحكومة وإنما الهدف معالجتها وتلافيها في المرات القادمة، وهو ما يجب أن نعيه باعتبار أن الرقابة ليست سيفا بتارا مسلطا على الرقاب بقدر ما هي جهاز حيادي يعمل على الحفاظ على أموال الدولة ومكافحة الفساد وهو ما يجب أن يعلمه الجميع عن الجهاز.

في الواقع لا نعرف ما هي المخاوف من إعلان التقارير السنوية لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ولماذا هذا التوجس الذي يعتري البعض حيال هذا الأمر الذي نعتقد بأنه أكثر من عادي، فخلاصة جهوده لا تتعدى حقيقة تعزيز الشفافية في الدولة وهذا مطلب ومبدأ لا خلاف عليه.

بالطبع جهاز الرقابة المالية والإدارية يحيل بعض المخالفين للادعاء العام والجهات المختصة الأخرى، ويرسل تقاريره لعدة جهات من بينها مجلس الشورى، إلا إن ذلك لا يكفي كإعلان لما تم رصده ولا يحقق الهدف المرجو في تحقيق الردع اللازم وفق ما هو معمول به في دول العالم.نأمل أن تتاح تقارير الجهاز وتنشر في وسائل الإعلام المختلفة وأن يعدل نظامه بما يحقق هذه الأهداف، وذلك لما يمثله من أهمية في تحقيق الاستقرار الإداري والمالي في البلاد ولما فيه خير البلاد والعباد.