المقام السامي تفضل باعتمادها.. «فلسفة التعليم» في السلطنة مرجعاً لبناء السياسات التعليمية

بلادنا الأحد ٢٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٥ ص
المقام السامي تفضل باعتمادها..  

«فلسفة التعليم» في السلطنة مرجعاً لبناء السياسات التعليمية

مسقط –
تفضل المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- باعتماد فلسفة التعليم في السلطنة، وفقاً لما احتوته من مصادر رئيسية ومبادئ وأهداف عامة للتعليم لتكون مرجعاً لبناء السياسات التعليمية وموجهاً نحو التطوير المستمر للتعليم في جميع مراحله وأنواعه.فاستجابة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- أعزه الله- في مجلس عُمان عام 2012م والتي أبان فيها المقام السامي- أيده الله- متطلبات المرحلة المقبلة لتنمية قطاع التعليم والنهوض به، حيث قال: «من أولويات المرحلة التي نمر بها والمرحلة المقبلة التي نستشرفها مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات التي يشهدها الوطن، والمتطلبات التي يفرضها التقدم العلمي والتطور الحضاري، وصولا إلى بناء جيل مسلح بالوعي والمعرفة والقدرات المطلوبة للعمل المفيد»، وحرصاً من مجلس التعليم على امتثال تلك التوجيهات السامية، والاستجابة لمتطلبات تطور المجتمع العُماني ومسيرته التنموية الشاملة؛ تبنى المجلس مبادرات عديدة واتخذ خطوات حثيثة في سبيل الرقي بمنظومة التعليم بجميع مكوناتها وعناصرها، والتي لم تقتصر على تطوير فلسفة التعليم فحسب، وإنما شملت بناء إستراتيجية وطنية جديدة للتعليم حتى عام 2040م، وإعداد دراسة وافية لإعادة هيكلة مراحله ومساراته المختلفة، وكذلك تطوير تشريعاته وخططه وبرامجه، إضافة إلى مبادرات ومشاريع أخرى يأمل المجلس من خلالها الرقي بجودة التعليم والنهوض بمستوى مخرجاته، وتحقيق نقلة نوعية للتعليم في سلطنة عُمان، وإعداد أجيال قادرة على إدارة دفة التنمية في البلاد، وتطور المجتمع ومواجهة تحديات المستقبل وتلبية متطلباته.

ومن الجدير بالذكر أن أول وثيقة لفلسفة التعليم تبنتها وزارة التربية والتعليم، قد صدرت في عام 1978م خلال الخطة الخمسية الأولى. كما قامت الوزارة بمراجعة تلك الوثيقة في عامي 2003م، و2009م خلال خطتي التنمية الخمسية السادسة والسابعة. ونظراً للمستجدات والتطورات التي شهدتها الساحة المحلية والدولية كان لا بد من إجراء تحديث وتطوير على فلسفة التعليم بالسلطنة، بما ينسجم مع معطيات الحضارة العُمانية والقيم الأصيلة، ويأخذ في الاعتبار مستجدات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ لذا فقد وجه مجلس التعليم بإعداد وثيقة جديدة تتناغم مع الوضع الراهن، وتستشرف آفاق المستقبل، وتضم بين جنباتها مجمل أهداف وتوجهات التعليم في السلطنة بجميع أنواعه ومراحله.

مراحل إعداد وثيقة فلسفة التعليم

مر إعداد وثيقة فلسفة التعليم في السلطنة بمراحل عدة، إذ تم تشكيل لجنة وطنية برئاسة وزارة التربية والتعليم ويمثلها أعضاء من مختلف الجهات المعنية بالتعليم في السلطنة، وكذلك الاستعانة بمرئيات وملاحظات جهات أخرى مختلفة من أجل تطوير المسودة الأولية للوثيقة. وخلال الندوة الوطنية «التعليم في سلطنة عُمان: الطريق إلى المستقبل» التي عقدها مجلس التعليم في أكتوبر 2014م، تم عرض الوثيقة على الحضور المشاركين في الندوة والذين يمثلون مختلف شرائح المجتمع، وكذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإبداء مقترحاتهم ومرئياتهم بشأنها.

وقد قامت الأمانة العامة للمجلس بدراسة الوثيقة وعرضها على عدد من المسؤولين والمختصين من الأكاديميين والخبراء وذوي الفكر والمكانة العلمية والمعرفية، من القطاعين العام والخاص لإثرائها بأفكارهم وآرائهم، والتي أسهمت في تجويد محتواها. وقد قام مجلس التعليم ببحث الوثيقة ومراجعتها في صيغتها النهائية، وعلى أثر ذلك تشرف المجلس برفعها إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أبقاه الله- والذي تفضل باعتمادها.

أهمية فلسفة التعليم

تُعدُّ هذه الوثيقة مرجعاً رئيساً لرسم سياسات التعليم وخططه في السلطنة، ومحركاً نحو تحقيق غاياته الكبرى وأهدافه العامة، كما أنها تُمثل موجهاً لعمليات التطوير المستمرة لمنظومة التعليم في كل المراحل والمستويات. كذلك تعتبر فلسفة التعليم قاعدة رصينة للنظام التعليمي بالسلطنة تتميز بطابع الشمول والتكامل والأصالة والمعاصرة والتجديد، متضمنة موجهات تحقيق النمو المتكامل للمتعلم روحياً ونفسياً وفكرياً وخلقياً وجسمانياَ واجتماعياً، وكذلك لتعزيز المواطنة والهوية العمانية لديه، فضلاً عن السعي لتعريف المتعلمين بالتزاماتهم الدينية، والاجتماعية، والقانونية في علاقاتهم المتنوعة مع أنفسهم ومع الآخرين، وذلك بما يقدم إليهم من تعليم عالي الجودة، متضمناً برامج تعليمية وأكاديمية ومسارات متنوعة للتعليم، تسهم في صقل مهارات المتعلم وكفاياته بما يتواكب ومتطلبات التنمية المستدامة.

تعريف فلسفة التعليم

تُعرَّفُ فلسفة التعليم بأنها مجموعة من المبادئ والأهداف التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتُعدُّ موجهًا لبناء عناصر المنظومة التعليمية كافة وتطويرها، وتستند هذه المبادئ على مجموعة مصادر وأسس دينية وعلمية ووطنية ودولية.

وترمي فلسفة التعليم إلى تكوين الإنسان المؤمن بالله تعالى، والمتمسك بمبادئ الدين الإسلامي وقيمه، والمخلص لوطنه وسلطانه، والقادر على فهم مجريات العصر وحسن التعامل معها، والممتلك لمهارات التفكير العلمي والحياة العملية الإيجابية، المسهم في التنمية المستدامة في القطاعات المختلفة بالمجتمع العماني.

منطلقات فلسفة التعليم

وتنطلق فلسفة التعليم في سلطنة عُمان من مصادر وأسس متينة، تعتبر دعائم راسخة لبناء الأجيال وإعدادهم للمستقبل، ومرتكزات رئيسة للأهداف التعليمية العامة التي يعمل النظام التعليمي على تحقيقها، آخذة في الاعتبار المتغيرات المعاصرة، وواقع المجتمع العُماني وطموحاته في استشراف المستقبل، وتلبية احتياجاته الراهنة والمستقبلية، وذلك بالاستفادة من الاتجاهات العالمية المتطورة، والخبرات والنماذج التعليمية الرائدة، والتي تُشكّلُ نسقاً جديداً ومتطوراً للمضي قدمًا بالنظام التعليمي والرقي بمنظومته الواسعة وتحسين أداء مؤسساته وجودة نواتجه.

وبناءً على ذلك، فقد بنيت فلسفة التعليم في سلطنة عُمان على عشرة مصادر رئيسة، تتصف بالموثوقية والمرونة والقابلية للتجديد، متضمنة ستة عشر مبدأ، تمتزج في علاقة تفاعلية تنبثق عنها مجموعة من الأهداف التعليمية العامة، والتي ستعمل منظومة التعليم بجميع عناصرها ومؤسساتها على تحقيقها على أرض الواقع، وتفعيلها في حياة المتعلمين، وفي مسيرة نماء المجتمع وتقدمه.

مصادر فلسفة التعليم

في سلطنة عمان

تعتمد فلسفة التعليم في سلطنة عُمان على عشرة مصادر وأسس رئيسة التي امتزجت لتكوِّن بناءها المترابط، الذي تنطلق منه عمليات التطوير المستمرة لعناصر العملية التعليمية التعلمية كافة، وهذه المصادر هي: الدين الإسلامي، الفكر السامي لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- النظام الأساسي للدولة، الحضارة العمانية، المجتمع العُماني (خصائصه، واحتياجاته، وطموحاته)، الرؤية المستقبلية للدولة، الفكر التربوي المعاصر، خصائص المتعلم، العهود والمواثيق الدولية، والقضايا العالمية المعاصرة.

مبادئ فلسفة التعليم

وأهدافها في سلطنة عُمان

تتضمن وثيقة فلسفة التعليم في سلطنة عُمان (16) مبدءا تنبثق منها الأهداف التعليمية العامة، والتي تُعد موجهاً لعملية بناء عناصر المنظومة التعليمية كافة وتطويرها في جميع مراحل التعليم وأنواعه، والتي تتضمن الآتي:

أولاً: النمو المتكامل للمتعلم:

يهدف التعليم إلى تهيئة الفرص المناسبة من أجل مساعدة المتعلمين وفقاً لاستعداداتهم وإمكاناتهم، وفي ضوء فلسفة المجتمع العُماني وثقافته وهويته وتطلعاته، وبما يكفل التوازن بين تحقيق الأفراد لذواتهم من ناحية، وإعدادهم للمشاركة في بناء مجتمعهم من ناحية أخرى.

ثانياً: الهوية والمواطنة:

تمثل المواطنة تعبيراً عن الانتماء للوطن، ولهويته العربية الإسلامية، بما يترتب عليها من حقوق وواجبات ومسؤولية مجتمعية مشتركة، إذ يتم تعزيز المواطنة والهوية العُمانية انطلاقاً من عدة أهداف من بينها: ترسيخ العقيدة الصحيحة، وتأصيل منهج الوسطية في الدين بسلوك الطلاب، وغيرها.

ثالثاً: العزة والمنعة الوطنية:

إذ إن من المبادئ المهمة في أي نظام تعليمي أن يربى النشء على حب الوطن والولاء لقيادته، وتقدير رموزه، والمحافظة على منجزاته؛ لتحقيق العزة والمنعة الوطنية.
رابعاً: القيم والسلوكيات الحميدة:

يقوم المجتمع العُماني على منظومة من القيم والسلوكيات التي تكوّن كيانه وترسم ملامح هويته العربية الإسلامية، وتتكامل مؤسسات التعليم في بناء هذه القيم والسلوكيات، ويتم من هذا المبدأ تحقيق عدة أهداف، من بينها: ترسيخ القيم الإسلامية، وتعزيز الالتزام بالعادات والتقاليد الحسنة للمجتمع العُماني.

خامساً: التربية على حقوق

الإنسان وواجباته:

تُعدُّ التربية على حقوق الإنسان من الجوانب التي ركّز عليها الدين الإسلامي، وهي تعريف الأفراد بحقوقهم وواجباتهم على المستوى الوطني والعالمي في سبيل إقامة مجتمع يحظى فيه جميع الأفراد بالتقدير والاحترام، ويتم ذلك بتحقيق عدة أهداف من بينها: تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وواجباته.

سادساً: المسؤولية والمحاسبة:

إن تعريف المتعلمين بالتزاماتهم الدينية، ومسؤولياتهم الوطنية، والاجتماعية، والقانونية في بيئة الدراسة والعمل والمجتمع وفي علاقتهم المتنوعة مع أنفسهم، ومع الآخرين يعدُّ مبدءاً مهماً، ويتحقق بعدة أهداف من بينها: تعزيز الشعور بالمسؤولية نحو الذات والآخرين، وترسيخ مبدأ سيادة القانون والالتزام به.

سابعاً: التربية على مبدأ الشورى:

تهدف أخلاقية التعليم إلى تنشئة المتعلم تنشئة اجتماعية سليمة، من أجل تكوين مواطن صالح قادر على التعبير والمشاركة الفاعلة، في ظل مجتمع يكفلُ له العدالة الاجتماعية والمساواة، ويتم تحقيق مبدأ الشورى من خلال عدة أهداف من بينها: تنمية القدرة على المشاركة بالرأي والنقد البنّاء، وتشجيع التنوع في أشكال التعبير المتوازن.

ثامناً: التربية من أجل

التنمية المستدامة:

أصبح تحقيق التنمية المستدامة من أولويات دول العالم المختلفة، ومن ضمنها سلطنة عُمان؛ وعليه فإن فلسفة التعليم في السلطنة تقوم على تربية الأجيال تربية متكاملة من أجل تحقيق هذه الغاية، وذلك من خلال تهيئة المتعلمين وإكسابهم المعارف والقيم والمهارات التي تمكنهم من الاستفادة من المعطيات الحضارية المتنوعة، والتطور التكنولوجي المتسارع، وذلك للإسهام بدور فاعل في تلبية احتياجات الحاضر والعمل على توفير متطلبات المستقبل.

تاسعاً: التعليم مسؤولية

وشراكة مجتمعية:

ويتأتى ذلك بالتركيز على عدة أهداف من بينها: تأكيد دور الأسرة في تربية النشء وتعليمه، تنمية المسؤولية المجتمعية تجاه التعليم، وكذلك تكريس ثقافة العمل التطوعي، وتأصيل دور القطاع الخاص في تنمية قطاع التعليم.

عاشراً: تعليم عالي الجودة للجميع:

ويتمثل ذلك في التأكيد على عدة أهداف من بينها: تقدير العلم ومؤسساته، وإكساب المتعلمين المعارف الضرورية والمهارات الأساسية، وكذلك العمل على تحقيق تعليم عالي الجودة، والارتقاء بكفاءة المعلم وجودة إعداده وتأهيله.

حادي عشر: العلم والعمل:

إن تحقيق هذا المبدأ الذي يربط بين رسالة العلم وغاياته بمتطلبات التنمية الشاملة واحتياجات سوق العمل، يتحقق من خلال عدة أهداف من بينها: التطبيق العملي للمعرفة النظرية، وتنمية المهارات الأساسية للعمل، فضلاً عن تنمية مهارات العمل من أجل المنافسة المحلية والعالمية.

ثاني عشر: مجتمع

المعرفة والتكنولوجيا:

تمثل المعرفة المدعومة بالتقانة أهم مكونات المجتمعات الحديثة، إذ تُعدُّ متطلباً أساسياً في جميع جوانب التطوير.

ويتحقق هذا المبدأ من خلال عدة أهداف من بينها: تعزيز القدرة على التعامل مع معطيات العصر والتكنولوجيا الحديثة، والوعي بأهمية الأمن المعلوماتي وقضايا التقانة والشبكات، وغير ذلك.

ثالث عشر: البحث العلمي والابتكار:

وتنبثق من هذا المبدأ عدة أهداف من بينها: تنمية مهارات التفكير العليا، وتنمية مهارات البحث العلمي والاستنتاج والاستقصاء، بالإضافة إلى تقدير الموهوبين والباحثين والمبتكرين من الشباب ودعمهم.

رابع عشر: ريادة الأعمال والمبادرات:

ويتأتى ذلك من خلال عدة أهداف من بينها: غرس قيم ومبادئ ريادة الأعمال، وتقدير مبادرات وإبداعات الشباب ودعمها، وكذلك تعزيز قيمة المبادرة لدى المتعلمين.

خامس عشر: التربية من أجل

السلام والتفاهم:

ويتم ذلك بتحقيق عدة أهداف من بينها: تنمية احترام الاختلاف الفكري المتوازن والتعددية الثقافية، وترسيخ أنماط السلوك الإيجابية؛ وغيرها.

سادس عشر: التعلم مدى الحياة:

التعليم عملية مستمرة، تشمل جميع المراحل العمرية للإنسان، ولا تنتهي عند مرحلة معينة، مما يوجب على كل فرد في المجتمع أن يجدد من معارفه ومهاراته بصفة دائمة من خلال التعلم المستمر، ويتسنى الوصول لهذا المبدأ بتحقيق عدة أهداف من بينها: تعزيز فرص التعلم مدى الحياة، وتعزيز مهارات التعلم المنظم ذاتياً والتعلم مدى الحياة، وكذلك تعزيز دور المراكز الثقافية والمكتبات العامة في المجتمع، وتنمية فاعليتها في حياة المتعلمين.إن فلسفة التعليم في سلطنة عُمان هي المرتكز الأساسي لرسم السياسات التربوية والتعليمية، وموجهاً لبناء الخطط الإستراتيجية، والمشاريع التطويرية للتعليم في السلطنة، بما يكفل الارتقاء بعناصر المنظومة التعليمية كافة، وتوجيه مؤسساته نحو تحقيق رسالة التعليم السامية وغايته الكبرى، وإنجاز الأهداف الوطنية لتقدم المجتمع ورقيه على مختلف الصعد، مما يتطلب من جميع المؤسسات المعنية بالتعليم اعتماد هذه الوثيقة كمرجع أساسي، والعمل وفق ما حوته من مبادئ ومنطلقات عامة وأهداف ومضامين متنوعة، وذلك بوصفها إطار عمل وطني لتوجيه مسيرة التنمية والتطوير في قطاع التعليم بمراحله وأنواعه كافة.