ركض عرضة الخيل والهجن في طريقه إلى اليونسكو

مزاج الأربعاء ٢٤/مايو/٢٠١٧ ١٧:٥٠ م
ركض عرضة الخيل والهجن في طريقه إلى اليونسكو

مسقط - العمانية

أعلنت وزارة التراث والثقافة أن اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو قبلت ملف ركض عرضة الخيل والهجن لمناقشته في اجتماعها المقبل للموافقة على إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي الغير مادي للإنسانية.

وقال المدير العام المساعد للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة المشرف على إعداد الملفات العمانية للتراث غير المادي السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي: إن الملف قُدم إلى اللجنة الدولية كملف منفرد يسجل باسم السلطنة في القائمة الدولية للتراث العالمي غير المادي ليضاف إلى 7 ملفات من الفنون والمفردات العمانية المدرجة ضمن تلك القائمة الدولية التي تشمل 5 ملفات مشتركة (التغرود، العيالة، الرزفة الحماسية، والفضاءات الثقافية للمجالس، والقهوة العربية)، وملفان منفردان (العازي والبرعة) مما يؤكد ما حظي به هذا التراث في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أعزه الله- من اهتمام ورعاية على المستويات كافة باعتباره من الإبداعات الثقافية التقليدية والشعبية العمانية الأصيلة وجزءاً مهماً من الذاكرة الشعبية والوطنية والإنسانية. وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية أن وزارة التراث والثقافة أقامت خلال العام الفائت عدداً من لقاءات العمل التعريفية حول إعـداد ملف عرضة الخيل والهجن بالتعاون مع الهجانة السلطانية ضمن برامج اللجنة المشتركة بين كل من الوزارة وشؤون البلاط السلطاني ووزارة التربية والتعليم (اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم) في إطار التحضير والإعداد لملف العرضة، مشيراً إلى أن الملف يحوي مسميات العرضة وآداب ممارستها للممارسين لها وآليات صون العرضة والجهود الحكومية والأهلية للحفاظ عليها وقوائم الحصر الوطنية العُمانية وتعريف بفن التحوريب (القصيدة التي يفتتح بها عرضة الخيل وينتهي بها)، إضافة إلى تعريف بفن الهمبل وهو شعر يلقى على ظهور الهجن في وصف مناقبها كصافرة لبدء العرضة.

وركض عرضة الخيل والهجن أرث ثقافي تتوارثه الأجيال المتعاقبة في المجتمع العماني وهو جزء من ثقافة المجتمع في الحضر والبادية، ارتبط بالعديد من المناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية التي تقام في المجتمع العماني ويشهد مشاركة شعبية ووطنية كبيرة من قبل مختلف الأفراد، ويُنظم للتعبير عن الاحتفاء والفرحة بتلك المناسبات والاحتفال بمقدم الضيوف، ويساهم في تواصل أبناء المجتمع من خلال تجمعهم في مكان واحد، وفيه الكثير من الألفة والاحترام والنظام، كما يمثل استعراضاً لبراعة العماني في ترويضه للخيل والإبل وعنايته بها وتدريبها، ويؤكد مدى الاهتمام والرعاية التي تلاقيها الإبل والخيل من قبل أصحابها وحرصهم على تأهيلها والعناية بها. وتقام العرضة التي يصاحبها تقديم مجموعة من الفنون الشعبية وتمارس سواء بالإبل أو الخيل أو كلاهما في العديد من المحافظات فهي تنتشر بشكل واسع وهناك العديد من الموسسات الحكومية والأهلية التي تحرص على إقامتها، وأنشئت العديد من الميادين الحديثة التي تقام فيها العرضة وجرت العناية بالخيل والجمال التي يشارك بها، كما أُنشئت مدارس أهلية ومراكز تدريب حكومية لتعليم العرضة والفروسية وغيرها من الأنشطة، فعلى المستوى الرسمي هناك الهجانة السلطانية والخيالة السلطانية وشرطة عمان السلطانية والجيش السلطاني العماني، كما توجد اتحادات متخصصة تمارس العرضة كالاتحاد العماني للهجن والاتحاد العماني للفروسية، وعلى المستوى الاجتماعي هناك العديد من الأندية الاجتماعية منها نادي صور للفروسية ونادي جعلان ونادي الأصائل ونادي الكامل والوافي واسطبلات الفيروز ونادي الصواهل ونادي الشموخ ونادي الخابورة، بالإضافة إلى العديد من الميادين الأهلية التي تمارس فيها العرضة.

وعرضة الخيل والهجن فن من الاستعراض يقوم الفرسان أو راكبو الجمال من خلاله بعروض تعكس مهارة تعامل الإنسان العماني وترويضه للهجن والخيل والتناغم بين الفرسان أثناء تأديتها، وتبدأ العرضة بدخول الفرسان أو الجمال أو دخولها معاً في شكل صفوف ترحيبية وهي بكامل زينتها وجمالها، ويردد الفرسان أو راكبو الجمال فنوناً شعبية وأبياتاً شعرية تسمى بالهمبل وهم على ظهورها، بعدها تبدأ فقرة المحورب وهي المشي بالخيول والإبل في الميدان ببطئ بشكل طولي يتقدم فيه كبار السن ثم الشباب، ومن اشتراطاتها دخول الخيول في المقدمة تليها الهجن إذا كان الاستعراض مشتركاً.

وتلي هذه المرحلة ركضة العرضة وتكون الخيول في خط مستقيم متساوٍ ويقوم الفرسان بلقطات متنوعة كالوقوف على ظهور الخيل والتشابك بالأيدي لإظهار براعتهم وقدراتهم، أما الجمال فتكون باركة على الأرض وتنطلق مباشرة عند ركوب المشارك على ظهرها وتسمى هذه العملية "بالزجر" وتنتهي العرضة بالتنويم وهو نوع من المهارة تظهر العلاقة والانسجام عند المشاركين وقدرتهم على ترويض الخيل والإبل.

ولممارسي هذا الفن أدوارهم ومهامهم الخاصة فإضافة إلى الفرسان وراكبي الإبل الذين يقومون بتقديم العروض نجد مربي الهجن والخيل ومهمتهم إعداد الإبل والخيول للعرضة وذلك بتدريبها والعناية بها، كما تناط إليهم مسؤولية تدريب الشباب، ويقوم أصحاب ميادين الاستعراض أو المنظمون بتجهيزها وتنظيم قدوم الجماهير والمشاركين، كما أننا نجد مقدمي الفنون الشعبية ومنها الهمبل ومحورب الخيل وأيضاً صناع الأدوات التقليدية المرتبطة بالعرضة فالفرس أو الإبل تنزل الميدان بكامل زينتها التي يقوم بصناعتها حرفيون عمانيون. من جانبه قال مدير دائرة التراث الثقافي غير المادي بوزارة التراث والثقافة ناصر بن سالم الصوافي لوكالة الانباء العمانية: إن هناك العديد من النتائج التي ستترتب على إدراج فن عرضة الخيل والهجن في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية من ناحية مساهمته في العناية بالتراث غير المادي، وتضم العرضة العديد من مفردات هذا التراث فبجانب ركوب الخيل والهجن تُقدم فنون الهمبل والمحورب وغيرها من الفنون الشعبية العمانية مما يسهم في التعريف بهذه الفنون، إضافة إلى أنه يسلط الضوء على أهمية هذا الإرث بالنسبة للمجتمع ويجعل أبناءه والممارسين أكثر انتماءً وتمسكاً بتراثهم. وأضاف أن العرضة مناسبة تحظى بالكثير من المشاركة والحضور الجماهيري من داخل السلطنة وخارجها، فمن خلالها يتعرف الجمهور على هذه المفردة كتراث ثقافي غير مادي، وإدراج العرضة المرتبطة بالخيل والهجن سيساهم في رفع مستوى الوعي بهذا الإرث على المستوى الإقليمي والدولي لوجود العديد من عناصر التراث غير المادي المرتبطة بالخيل والهجن في العالم، كما سيوفر أرضية جيدة للحوار وتبادل الأفكار بين المشاركين بصفتها مناسبة اجتماعية ووطنية ترتبط بها العديد من الفنون والصناعات التقليدية والعادات والتقاليد وتحظى بمشاركة واسعة من قبل العديد من فئات المجتمع.

ووضح أن إدراج العرضة سيساهم أيضاً في رفع الأهمية بهذا المجال وسيشجع على التواصل بين مختلف الممارسين للعرضة ولغيرها من مفردات التراث غير المادي المرتبطة بها وسيساهم في إيجاد مدارس متخصصة لتدريس التراث غير المادي كون العرضة مناسبة لإظهار مهارة الفارس وراكب الهجن من خلال العروض التي تُقدم والتي يسبقها تدريب من خلال العديد من المدارس الأهلية التي يجري فيها التأهيل والتدريب والتي تحرص على تبادل الأفكار فيما بينها. كما أن اعتراف المنظمة العالمية بهذا الفن سيساهم في تسليط الضوء عليه إعلامياً مما يعني زيادة نسبة المشاهدة لها والتعريف بها عالمياً، وهذا سيساهم في تبادل الآراء والخبرات بين مختلف ممارسي هذه العادات والطقوس في مختلف دول العالم وإثراء القائمة التمثيلية بمفردة متنوعة، وهو ما سيساعد في زيادة التنوع الثقافي للقائمة.

وبيَّن أن القبول الذي تلاقيه العرضة لدى أبناء المجتمع سواء من خلال المشاركة في الأداء أو الحضور أو المتابعة ينسجم ومتطلبات التنمية المستدامة، فهناك العديد من الجوانب التي تظهرها العرضة وتساهم في تنميتها كممارسة الفنون الشعبية والحفاظ على الهوية الثقافية العمانية، كما أنها تساهم في جعل الموروث الثقافي قابلاً للتنمية من خلال توظيفه ليكون مناسبة تشهد رواجاً سياحياً وحضوراً جماهيرياً مع الحفاظ على طابعه الأصلي وهويته المجتمعية، كما أن حرص الحكومة على إقامة مهرجانات العرضة من خلال مشاركة أبناء المجتمع وتفاعلهم معها يدل على القبول الذي تلاقيه هذه المفردة الثقافية بين أفراد المجتمع وعلى أهميتها في إشاعة روح من التفاهم والمحبة بين أبناء المجتمع. وأشار إلى أن العرضة من الفنون المرتبطة بالخيل والهجن وهناك العديد من الأعمال التي تُدرج في القائمة العالمية ترتبط بالفروسية، فإدراج العرضة باسم السلطنة سيساهم في تبادل الخبرات والمعلومات بين السلطنة وغيرها من دول العالم ويسلط الضوء على العديد من مجالات الإبداع الإنساني، فمهارات الخيل والهجن والصناعات الحرفية والفنون التقليدية كلها عناصر تعكس الإبداع الإنساني وتساهم في توظيف المقدرات الفكرية للإنسان. وأكد أن عرضة الخيل والهجن ستحظى بمزيد من الأهمية والاهتمام كونها إرثاً ثقافيأً يحظى بشعبية واسعة، وقد قامت الحكومة والمجتمع خلال الفترة السابقة بالعديد من الإجراءات التي ساهمت في الحفاظ عليها والترويج لها ونقلها للأجيال المتعاقبة، وهناك العديد من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى استمرارية وحماية هذا الفن وتنفذه بمشاركة من الحكومة والمجتمع.