أهلا رمضان..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/مايو/٢٠١٧ ٠٥:١٠ ص
أهلا رمضان..

محمد محمود عثمان

أهلا رمضان الشهر الفضيل.. ولكن برغم أنه شهر الصيام إلا أن العديد من الإحصائيات في البلدان العربية تشير إلى أن شهر رمضان وحده يستحوذ على النصيب الأكبر من نفقات الغذاء خلال السنة، كما أن حجم الإنفاق في هذا الشهر يرتفع بنسبة 50 % عن شهور العام، بعيداً عن المقاصد الشرعية للصيام، التي كان من الممكن الاستفادة منها في تقليل الإنفاق إلى الثلث على الأقل، ولا شك أن ذلك يمثل عبئاً كبيراً على اقتصاديات بعض الدول التي تلجأ إلى الاقتراض لتدبير تمويل شراء واستيراد أنواع من الأغذية والمكسرات والياميش التي يقبل عليها الجميع في هذا الشهر.

كما يشهد الشهر الفضيل إقبالا كبيرا على مختلف السلع الضرورية والكمالية من كل الفئات حتى غير القادرة مما يمثل عبئا إضافيا على الأسر والأفراد والاقتصاد في ذات الوقت في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتدني أسعار النفط التي أثرت على الجميع سواء الدول النفطية أم غير النفطية والمصدرة للأيدي العاملة التي تأثرت بطريق غير مباشر من ذلك، وفي الوقت ذاته يستغل بعض الجشعين من التجار هذا الشهر المبارك لتصريف أكبر قدر ممكن من المخزون القديم لديهم، من السلع والمنتجات وربما منتهية الصلاحية إذ يتم خلط القديم بالجديد، تحت شعار خفض الأسعار في رمضان، أو مساعدة ذوي الدخل المحدود، إذ ينتظر معظم المستهلكين شهر رمضان لشراء السلع بأسعار أقل لما تشهده الأسواق من منافسة بين الشركات لتقديم أفضل الخدمات بأسعار مخفضة، كما أن الإقبال الزائد من قبل المستهلكين في رمضان يحفز الشركات للقيام بعروض كبيرة، إذ إن نسبة 60-70% من المستهلكين يعتمدون على التخفيضات في شراء مستلزماتهم، مما يؤدي إلى ارتفاع حجم الإنفاق بشكل كبير، ويعتمد مدى العرض على كمية المخزون لدى الشركة ونوعية المنتج، مما يغري المستهلكين على زيادة الإنفاق والمشتريات حتى أن بعض الإحصاءات تشير إلى أن المصريين ينفقون – على الرغم من الوضع الاقتصادي وتدني الدخل - ما بين 30 إلى 40 بليون جنيه شهرياً بواقع بليون إلى بليون نصف جنيه يومياً، إذ إن 83 % من الأسر المصرية تغير عاداتها الغذائية خلال هذا الشهر إلى حد البذخ والإسراف مما يرفع من استهلاك اللحوم والطيور فضلاً عن الزيوت والسكر كونها مواد أولية لعمل الحلويات والكعك الخاص برمضان وعيد الفطر، لأن الإنفاق على الغذاء يمثل 45% من إنفاق الأسرة المصرية السنوي ويستحوذ شهر رمضان على 15 % من هذه النسبة، بقيمة تصل إلى أكثر من 90 إلى 100 بليون جنيه شهرياً،

ومن المؤكد أن شهر رمضان هذا العام سيشهد ارتفاعاً في الأسعار أعلى من السنوات السابقة بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار معظم المنتجات المستوردة والمحلية. كما أن فاتورة الغذاء ومعدلات الإنفاق ‏الخليجي في رمضان في ‏تزايد مستمر، نتيجة لسيطرة ‏المغريات الإعلانية وعوامل الجذب ‏والتسويق، وازدياد أعداد المجمعات ‏التجارية وأماكن التسوق الخليجية ‏سواء الشعبية التقليدية أو الأسواق ‏المحلية وتنوعها، وكلها تعمل على جذب ‏المتسوقين وتفتح شهيتهم للشراء.‏
التي تلتهم بما يزيد على ‏‏150 %، من الدخل وهو أكثر من نصف الدخل ‏لاستهلاك السلع الغذائية لأن الأمر مرتبط بعادات وتقاليد المجتمع الخليجي من ‏إقامة ولائم ودعوات على الإفطار ‏وخيام للصائمين والإفطارات الجماعية، وما يترتب على ذلك من فقد كميات كبيرة من بقايا الأطعمة، التي تلقى في القمامة مما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك، لأن ما نشاهده من مظاهر بذخ وإسراف سواء في الطعام أو الشراب ‏خلال شهر رمضان هو انحراف مفهوم الصوم وعن ‏المفاهيم الدينية الوسطية، لأن مصروفات شهر رمضان بصورة عامة في بلادنا المسلمين تعادل إنفاق ‏ثلاثة أشهر ‏تقريباً، نظرا للاندفاع الشرائي المحموم وغير المسبوق، الأمر الذي يدعونا إلى التركيز على التوعية المجتمعية الموجهة ‏من علماء الدين والأئمة وعلماء ‏الاجتماع والنفس والصحة ووسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، لتوعية الأسر بضرورة الحفاظ على ‏الاستهلاك المعقول، وغرس مفاهيم جديدة حول
التربية الاستهلاكية لتكـون جزءاً من تربية سلوك الإنسان عامة، إذ تعني التربية الاستهلاكية بشكل كبير بالسلوك ‏الاستهلاكي، حتى نحارب مظاهر التبذير والإسراف في الاستهلاك والمغالاة فيه، وتجنب ‏الوقوع في فخ الديون والقروض.

محمد محمود عثمان

mohmeedosman@yahoo.com