هل تنقذ قواعد «جي» الاقتصاد في كوريا الجنوبية؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/مايو/٢٠١٧ ٠٥:٠٩ ص
هل تنقذ قواعد «جي» الاقتصاد في كوريا الجنوبية؟

لي جون هوا
لدى الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية والمحامي السابق في مجال حقوق الإنسان مون جي -ان والذي يمثل الحزب الديمقراطي (يسار الوسط) عمل كثير للقيام به، فعلى الرغم من أن سلوك كوريا الشمالية الاستفزازي بشكل متزايد ما زال يسيطر على عناوين الصحف الرئيسية إلا أن نجاح رئاسة مون متوقف إلى حد كبير على سياساته الاقتصادية.

لقد بدأت تظهر في كلا من الاقتصادات العالمية واقتصاد كوريا الجنوبية بوادر الانتعاش وهذا يعد خبرا سارا بالنسبة لمون جي فقد سجلت الصادرات الكورية وفي طليعتها أشباه الموصلات والبتروكيماويات نموا إيجابيا للشهر السادس على التوالي إذ ارتفع إجمالي الصادرات في أبريل بنسبة 24 في المائة عن العام السابق وعاد مؤشر سعر الأسهم الرئيسي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.

ولكن لابد أن يعيق هذا الانتعاش مشاكل هيكلية عميقة ما زالت تربك الاقتصاد في كوريا الجنوبية فبعيدا عن تشجيع المشاريع الجديدة والمبتكرة، ما يزال النظام الاقتصادي للبلاد تهيمن عليه تكتلات عملاقة لها نفوذ سياسي وتملكها بعض العائلات والتي تدعى «التشايبول». لقد عرقلت الإنتاجية الراكدة في قطاع الخدمات نمو الإنتاجية بشكل عام وازداد الوضع سوءاً بالنسبة لعدم تطابق المهارات بالإضافة إلى فشل نظام التعليم في إعداد طلاب يصلحون لسوق العمل الذي يتطور بسرعة.
لم تفعل السياسات الحكومية حتى الآن إلا القليل لزيادة إمكانيات النمو وفرص العمل، كما فشل صناع السياسات في تعزيز كفاءة القطاعين العام والمالي أو للتصدي للضغوط الديمغرافية المتزايدة الناجمة عن انخفاض معدلات المواليد وارتفاع نسبة الشيخوخة للسكان. يأمل مون في تغيير ذلك من خلال استراتيجية من ثلاثة جوانب والتي يطلق عليها اسم «قواعد جي الاقتصادية».
الجانب الأول هو توفير فرص عمل في القطاع العام وذلك من أجل تقليل نسبة البطالة لدى الشباب التي يبلغ معدلها حاليا 11.2 في المائة لذا يتعهد مون بتوفير 000 810 وظيفة في القطاع العام بما في ذلك 174 ألف وظيفة من وظائف الخدمة.
بينما يهدف الجانب الثاني من قواعد جي الاقتصادية إلى توسيع شبكة الأمان الاجتماعي للكوريين من جميع الأعمار وقد تعهد مون بتقديم إعانات شهرية بقيمة 100 ألف ون (88 دولاراً) للآباء الذين لديهم طفل حتى سن الخامسة، أما الشباب العاطلون عن العمل (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة) فسوف يحصلون على 300 ألف ون شهرياً.
أما الجانب الثالث من قواعد جي الاقتصادية فهو إصلاح التشايبول الذي يهدف إلى الحد من هيمنة التكتلات ولتحقيق هذه الغاية فقد تعهد مون بفصل السياسة عن قطاع الأعمال بما في ذلك إنهاء الممارسة الطويلة العهد المتمثلة في منح العفو الحكومي لرؤساء التشايبول المدانين، علما أن هذه الخطوة ستؤثر بشكل مباشر على نائب رئيس مجموعة سامسونج لي جاى يونج والمسجون حالياً والذي يحاكم بتهمتي الرشوة والاختلاس.
يعد مون أيضا بتطبيق أنظمة أكثر صرامة وذلك لمنع التشايبول من الدخول إلى الشركات المالية والتوسع بشكل متهور في قطاعات قد تكون ملائمة أكثر للشركات الصغيرة.
لكن بعد تسع سنوات من الحكم المحافظ لن يكون مون قادرا ببساطة على تنفيذ برنامج عمله فهو لا يملك مع حزبه الديمقراطي سوى 40 % من 299 مقعداً في الجمعية.
ويجب على الحكومة اتباع نهج أفضل وهو إيجاد عدد أقل من الوظائف في القطاع العام والعمل بجد لتشجيع الشركات الخاصة على توظيف المزيد من الشباب وذلك من خلال توفير حوافز مالية على سبيل المثال كما يمكن أن تسهم حكومة مون في توفير فرص العمل في القطاع.
أما فيما يتعلق بتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي فليس من الواضح جدا طبقا لقواعد جي الاقتصادية كيفية تمويلها فقد قررت الحكومة أن ترفع المعدل الأعلى لضريبة الدخل الشخصي والحد من معظم الاستقطاعات، وخاصة بالنسبة للمؤسسات الكبيرة، وربما زيادة معدل الضريبة على الشركات. وأخيراً، هناك شكوك حقيقية حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه مون في إصلاح التشايبول فقد فشلت الإدارات السابقة في إصلاح هياكل الملكية للتشايبول أو كبح قوتها السوقية ومع عدم تمتع حزبه بالأغلبية في الجمعية الوطنية فإن هذا يعني أن مون سيواجه وقتاً عصيباً من أجل التغيير.
وبعد الفضيحة السياسية التي أدت إلى خلع سلف مون من منصبها، هناك زخم شعبي متزايد للإصلاح في كوريا الجنوبية إذ نأمل أن يحقق مون أكبر الاستفادة من ذلك.

أستاذ الاقتصاد ومدير معهد

البحوث الآسيوية في جامعة كوريا