عين السخط تبدي المساويا..

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/مايو/٢٠١٧ ٠٤:١٤ ص
عين السخط تبدي المساويا..

علي بن راشد المطاعني

من المفارقات العجيبة أننا لا نرى تعاطيا جيدا وصريحا مع المؤشرات الإيجابية التي تحسب للسلطنة على المستويات الدولية في العديد من القطاعات الاقتصادية والأمنية ومؤشرات السلام والاستقرار التي تعلنها مؤسسات دولية ذات شأن عالمي في قياس المؤشرات، في حين يتم تداول الإشاعات والأكاذيب والأخبار السيئة على نطاق واسع وبزخم وحيوية تثير الاندهاش، وذلك في أي مجال من المجالات حتى وإن كانت عديمة الأثر وضئيلة القيمة.

هذه الملاحظات تطرح العديد من الأسئلة تتمحور حول أسباب الاندفاع المحموم إلى هذه النوعية من السلوكيات الضارة بالمجتمع ومن ثم على الوطن، رغم إن ديننا الإسلامي الحنيف قد قلم أظافر هذه السلوكيات عندما أمرنا بغض البصر وكف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يؤكد انعدام الوعي في المجتمع عندما لم نستطع وضع الأمور في نصابها الصحيح، فاستمر أولئك في نهجهم، وظلت آلتنا الإعلامية رغم بلوغها الرشد عاجزة عن أن تقدم ما يقنعهم بأنهم في طغيان الجهالة يعمهون.

لاشك أن النجاحات التي حققتها وتحققها بلادنا والتي يتغنى لها وبها العالم من أقصاه إلى أدناه تقف كل المؤسسات والمنظمات العالمية والإقليمية احتراما وتقديرا لها، وفي المقابل نجد بعض أبناء الوطن يستحي من الإشارة إليها للأسف، كأنه إذا ما ذكرت كلمة الحق يخشى أن يقال إنه مع الحكومة أو ما شابه ذلك من المبررات الواهية التي تفتقر لأبسط أبجديات المنطق السديد، وقد يكونون موجهين من البعض بوحي فكر مردود ليحضهم على كيل الطعنات لظهر المجتمع بعد أن وأدوا ضميرهم الذي كان حيا، هم يمضون بعد موت الضمير في محاولة إيذاء الوطن بقدر ما يستطيعون، هم بذلك يمضون في غيهم لتطال نعوتهم القبيحة كل أصدقائهم ومعارفهم وأهليهم وكبيرهم وصغيرهم ليس في عرفهم شيء اسمه حلال أو حرام، وليس في قواميسهم حياء أو خشية، وليس في ديدنهم عيب أو معاب، لقد ابتعدوا عن الجادة فانغرست أقدامهم في أوحال الخطيئة، ونسأل الله لهم ولنا الهداية، فالعودة قبل فوات الأوان هي المغنم باعتبار أنه إذا جاء الأجل فلا سبيل لسانحة جديدة أو فرصة جديدة لتصحيح الخطأ ولطي صفحة الموبقات.

فعبر التغريدات ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى نجد هذا المريب واضحا إزاء أي تطور يتحقق في هذه الأرض الطيبة، ولعل من الأدلة الدامغة على صدق ما نقول هو أصداء توقيع أربعة مشاريع سياحية كبيرة في البلاد، ومشروعين صناعيين في الدقم، إلا أن هذه المشروعات ورغم أهميتهما الاقتصادية الكبرى لم تحظ بتلك التغطية التي حظيت بها قضية المبيدات العالقة في الخضروات والفواكه ومنعت من الدول المجاورة في إجراءات طبيعية روتينية لا غضاضة فيها ، فالتعاطي مع هذه القضية فاق كل التصورات.

كذلك لم يحظ نبأ حصول السلطنة على المركز السادس عالميا في الأمن السيبراني بذلك الانتشار الذي يستحقه في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام كافة مثلما تحظى به بعض الأخبار سيئة الصيت، لدرجة أن الشخص العاقل يجد نفسه أمام مفارقات لا إجابة لها يقينا حول لماذا هذا كله ولمصلحة من؟.. ليصدق فيهم قول الإمام الشافعي حين قال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة...
و لكن عين السخط تبدي المساويا.

إن استغلال مساحات الحرية المتاحة بشكل سيء للغاية في البلاد أمر لا يتوافق مع القيم والأخلاقيات التي تربينا عليها وترعرعنا تحت ظلالها الوارفة ولا يتماشى مع الأطر والقوانين التي تفرق على نحو جلي ما بين الحرية والمسؤولية وبين القذف والتجريح وما بين أبجديات النقد البناء، إذ لا يعقل أن نجد كل هذا في سلة واحدة.بالطبع لا نطالب أن لا يكون هناك نقد بناء وهادف نرمي من وراءه لتقويم خطأ وليس لأي هدف آخر خفي وغير معلن، فالسلبيات والأخطاء والعثرات موجودة في كل المجتمعات البشرية على مستوى كوكب الأرض، والأخطاء لابد من أن تقع لأنه وببساطة لو لم تكن هناك أخطاء فلا يمكننا تحقيق إنسانيتنا هكذا ببساطة، بل من يعمل من الطبيعي أن يخطئ، وبالتالي لا بد من أن نحاول علاج تلك الأخطاء وتلك العثرات بما تستحقه من نقد بناء وهادف ورصين ومسؤول، بذلك فقط يمكننا القول إننا كمجتمع وكدولة نسير في الطريق والاتجاه الصحيح.نأمل أن يفيق أولئك من حالة الانفصام التي تعتريهم، ومن ثم خلع نظاراتهم ذات العدسات المعتمة والسوداء واستبدالها بأخرى ناصعة الصفاء كالماء ليتسنى لهم رؤية الأشياء كما هي، ثم ليسهبوا في وصفها وكما يرونها تماما فلا ضرر ولا ضرار في تلكم الحالة.