رغم استمرار إطلاق بيونج يانج للصواريخ 5 متغيّرات تدفع ترامب وجونج أون نحو الحوار

الحدث الثلاثاء ١٦/مايو/٢٠١٧ ٠٥:٠٠ ص
رغم استمرار إطلاق بيونج يانج للصواريخ

5 متغيّرات تدفع ترامب وجونج أون نحو الحوار

مسقط – محمد البيباني

يوماً بعد يوم تتوالى المؤشرات التي تؤكد أن استمرار الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية على نمط السنوات الفائتة خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لم يعد ممكناً خلال رئاسة الرئيس الأمريكي الحالي، إذ يبدو أن دونالد ترامب يسعى لحل فاصل لتلك القضية... فهل يتمكن من ذلك؟

بين التصعيد وصولاً لحرب نووية وبين الجلوس لمائدة الحوار تتفاوت فرص وإمكانات التوصل لحل جذري لتلك الأزمة المستعصية..
هل من الممكن أن تطالعنا وكالات الأنباء يوماً بلقاء يجمع ترامب وكيم جونج أون؟
الواقع ورغم التصعيد الراهن من كلا الجانبين إلا أنه ثمة مؤشرات على قبول كلا الطرفين صراحة لهذه الآلية، وفي هذه الحالة يمكن فهم هذا التصعيد الراهن من الجانب الكوري بأنه تكتيكي تسعى بيونج يانج من خلاله لتعزيز المكاسب الممكن تحقيقها حال عقد اللقاء وبدء الحوار.. ما الذي تغيّر؟
التقرير التالي يبرز مؤشرات ومظاهر ترجح وتعلي من تلك الفرضية:

1 - «الظروف المواتية»

يوم السبت الفائت نقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء عن دبلوماسية كورية شمالية كبيرة مختصة بالشؤون الأمريكية، قولها إن بيونج يانج ستجري حواراً مع الإدارة الأمريكية، إذا كانت الظروف مواتية لذلك.
وقالت يونهاب إن مدير عام شؤون الولايات المتحدة بوزارة الخارجية الكورية الشمالية، تشوي سون هوي، أدلت بهذا التصريح للصحفيين في بكين لدى توجهها من النرويج عائدة إلى كوريا الشمالية.
وجاءت تصريحات تشوي وهي عضو مخضرم في فريق التفاوض النووي الكوري الشمالي وسط جهود دولية لتخفيف التوتر بشأن سعي كوريا الشمالية لحيازة أسلحة نووية.
جاء هذا بعد أيام من تأكيد الرئيس الأمريكي لنفس المعنى تقريباً حين قال في بداية الشهر الجاري إنه «سيتشرّف» بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج-أون في الظروف المناسبة.
وقال لمؤسسة بلومبرج الإخبارية: «إذا كان مناسباً لي أن التقيه، سأفعل بالتأكيد، وسيشرّفني فعل ذلك».
وقد أصدر البيت الأبيض بياناً في أعقاب تصريحات ترامب، قال فيه إن على كوريا الشمالية أن تفي بعدد من الشروط قبل إجراء أي لقاء بين الزعيمين.

2 - لماذا تسعى بيونج

يانج للسلاح النووي؟

تسعى كوريا الشمالية بكل ما أوتيت من قوة إلى الحصول على السلاح النووي حتى تتمكن من التصرّف باستفزاز أكبر في المنطقة بدون خوف من العواقب.

الخبير في شؤون كوريا الشمالية في مركز ويلسون، جيمس بيرسون، يرى بحسب موقع ساسة بوست الإلكتروني، أنّ كوريا الشمالية تضع نصب عينيها ما حلّ بأنظمة دكتاتورية أخرى فشلت في الحفاظ على السلاح النووي، وقد ذكر تحديداً صدام حسين في العراق، والعقيد معمر القذافي في ليبيا، فالأول أُعدم بعد غزو أمريكا لبلاده، والثاني أطاحت به ثورة دعمها الناتو.
صرّح جوناثان بولاك- زميل بارز في معهد بروكنجز متخصص في استراتيجية الولايات المتحدة في آسيا والمحيط الهادي- بالقول إنّ بيونج يانج تنظر إلى الأسلحة النووية على أنّها الضامن لعدم حدوث أمور مشابهة، فالزعيم الكوري الشمالي يراها «سيف العدالة الثمين»، وفقاً لتعبير بولاك.

ويرى بيرسون أنّ تهديد ترامب بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران يزيد من الحافز لدى بيونج يانج بسرعة اقتناء السلاح النووي.

3 - هل فهم ترامب هذا؟

منذ أيام عدة نشرت صحيفة التايمز مقالاً عن التوتر في شبه الجزيرة الكورية، والتهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
وقال روجر بويز إن المقامرة التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجاه كوريا الشمالية «بدأت تؤتي أُكلها». وتتلخص منهجية ترامب- بحسب الكاتب- في الفصل بين مسألة تغيير النظام في بيونج يانج ونزع السلاح النووي.
ويرى بويز أن هذه المنهجية ستحافظ على السلم في شبه الجزيرة إذا انخرطت فيها الصين.
وأشار الكاتب إلى شهادة عسكري هارب من كوريا الشمالية يقول فيها إن استراتيجية كيم هي نشر الفوضى واحتلال المواقع الرئيسية في كوريا الجنوبية قبل أن تنجح الولايات المتحدة في تعزيز قواتها التي قوامها 28 ألف جندي، وهو ما يفسّر حرص الرئيس الجديد في كوريا الجنوبية على فتح قناة للحوار مع زعيم كوريا الشمالية، ويفسّر أيضاً إطراء ترامب على كيم.
ويقول إن ترامب يسعى إلى خلاف ما عمله أوباما، وهو الفصل بين قضيتين، أولاهما تغيير النظام والثانية نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، فأشد ما يخشاه كيم- بحسب الكاتب- هو إزاحته من الحكم، أكثر من التراجع عن التجارب الصاروخية التي يجريها تحدياً للولايات المتحدة. ويضيف أن الصين شرعت في تنفيذ العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية منذ انعقاد القمة بين ترامب ونظيره شي جينبينج، بخفض وارداتها من فحم كوريا الشمالية، وتعزيز الرقابة على الحدود. فالرئيس الأمريكي يسعى أيضاً إلى تحويل الصين إلى حليف ليس في كوريا الشمالية فحسب، وإنما في التجارة العالمية أيضاً، بشرط أن تتوقف الصين على تصوّر نفسها قوة صاعدة تنافس القوة العالمية الأولى وهي الولايات المتحدة.

4 - كيف يؤثر رئيس

كوريا الجنوبية الجديد؟

منذ انتهاء حالة الحرب بين الكوريتين العام 1953 لم يتم إبرام معاهدة سلام واحدة، لذلك يمكن أن نعتبر أنهما ما زالا في حالة حرب، وبعد أن ورث «كيم جونج أون» الحكم من والده العام 2011، أشرف على أكثر من 50 تجربة صاروخية وتجارب نووية عديدة منذ تسلمه السلطة وحتى الآن، وأثارت تجاربه للصواريخ النووية والبالستية الأخيرة ذعر الولايات المتحدة، مما دفعها لتحريك أسطولها البحري بالقرب من ساحل شبه الجزيرة الكورية، بالإضافة إلى إقامة منصات صواريخ في كوريا الجنوبية.

وفي خطاب تنصيبه أعلن الرئيس الجديد «موون جاي إن» رؤيته حول فتح مجال للحوار مع كوريا الشمالية وتخفيف حدة التحركات العسكرية والاحتقان السياسي الذي حلّ بالمنطقة بين كوريا الشمالية والصين من ناحية وبين الولايات المتحدة من ناحية أخرى، وقال «موون جاي إن» نصاً في خطابه يوم الخميس: «سأذهب لأي مكان في العالم لتحقيق السلام لشبه الجزيرة الكورية، سأطير في الحال إلى واشنطن، وبعدها سأذهب إلى بكين، ومنها إلى طوكيو، ولو الظروف مستقرة سأذهب إلى بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية لكي أقابل الرئيس!».
فهل من الممكن في عهد الرئيس الجديد أن نسمع بأن سلاماً قد حلّ لأول مرة في شبه الجزيرة الكورية؟

5 - تدارك فقدان السيطرة

على الصعيد الكوري الداخلي أفادت تقارير إعلامية أن هناك مظاهر تشير إلى تدهور ممارسة تمجيد الزعيم كيم جونج أون في كوريا الشمالية على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وغيرها من المشاكل.
يُذكر أن الكوريين الشماليين مطالبون بتمجيد «الزعيم الأعلى» كيم جونج أون وقبل ذلك والده وجده، إلا أنه في هذه الأيام يسخر بعض الكوريين أكثر فأكثر ممن يمتدحون زعيمهم بشكل علني، بحسب ما قالت مصادر كورية شمالية لإذاعة آسيا الحرة. وقال مصدر إن كلمات التبجيل للزعيم اختفت تدريجياً مع تخلي الدولة عن رقابتها على أسعار السلع والحد من المعونات الحكومية، مؤكداً «مع تنامي الأسواق والأنشطة التجارية بدأ كيم جونج أون يفقد مصداقيته».