الكوليرا وعدم صرف المرتبات يفسدان الفرحة بالشهر المبارك اليمنـيـون يستقـبلـون رمضــان بكـارثتين وحرب

الحدث الاثنين ١٥/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٤١ ص
الكوليرا وعدم صرف المرتبات يفسدان الفرحة بالشهر المبارك 

اليمنـيـون يستقـبلـون رمضــان بكـارثتين وحرب

عدن - إبراهيم مجاهد

يستقبل اليمنيون رمضان بكارثتي الكوليرا وعدم صرف المرتبات لموظفي الدولة والحرب أيضاً.

يوضح سليم الحبيلي- تاجر أدوات منزلية بصنعاء- أن الإقبال على الشراء هذا المواسم تراجع بنسبة 50 في المئة عن العام الفائت الذي كان الإقبال فيه متراجعاً أصلاً نتيجة الحرب المتواصلة.
ويشير عبدالسلام القاضي- تاجر مواد غذائية في سوق هجدة بتعز- إلى أن عملية الإقبال على الشراء هذا الموسم تراجعت بنسبة 70 في المئة عن موسم العام الفائت بخاصة في ظل عدم صرف رواتب الموظفين.
«فقر.. جوع.. حرمان.. قتل.. ورعب منتشر».. كل مقومات الحياة باتت صعبة، حتى الخدمات التي كانت متواضعة كالكهرباء والطرقات والمستشفيات باتت منعدمة بعد أن كان نظام الرئيس السابق علي صالح وفّرها بشكل خجول.. يوضح الموظف أنس هلال أن هذه الخدمات انعدمت بسبب النزاع وغياب التخطيط الصحيح منذ أن تم إنشاؤها مما جعل بنيتها التحتية هشة وقابلة للتدمير بسهولة، إلى جانب انعدام وعي المتنازعين الذين لم يعوا أهمية الحفاظ على ما توفر من بنية شبه تحتية للخدمات الأساسية أثّرت سلباً على جميع المواطنين دون استثناء بمن فيهم أطراف النزاع أنفسهم.

يستقبلون رمضان بالجنائز

يعزو الخبير الاقتصادي عبده زيد المقرمي تراجع استيراد المواد الغذائية إلى التعامل مع التجّار وفرض ضرائب ورسوم جمركية وغيرها، وإن استطاع التجّار توفير الشيء البسيط منها فهي بأسعار باهظة ولا يرقى وجودها واستهلاكها إلى القوة الشرائية التي وصلت مرحلتها الصفرية في ظل عدم صرف رواتب موظفي الدولة والتي تمثّل العجلة الأساسية للحركة الاقتصادية المتبقية بعد الانهيار الاقتصادي التام الذي وصل إلى انهيار العملة اليمنية مقابل العملات الصعبة لتوفي الكيل الثقيل على كاهل المواطن؛ فالبنك المركزي اليمني ما زال لم يصرف رواتب الموظفين للشهر الثامن على التوالي وإن افترضنا تم تسليم النصف أي تسلم أربعة على الأقل خلال شهر رمضان- وهذا ما زال تمنياً- فهي ديون متراكمة على الموظفين ولم تعالج أوضاعهم ولم توجه متطلباتهم.
يضيف المقرمي: في الحقيقة إن رمضان لهذا العام هو رمضان الأسود المعتم الذي يحلّ على البلد في سنواتها السوداء بكل ما تعنيه الكلمة، التي لا نعلم إلى متى ستستمر ولا شيء جميل به طيف أمل يستحق الذكر، فكله معاناة مؤلمة، وفقر، ومجاعة، وموت، وقتل، فمَن لم يصله الموت جراء النزاع المسلح، وصله موت المجاعة، والأوبئة والحصار الخانق من عدم قدرتهم على توفير الدواء وقيمة المعاينة، ومتطلبات الحياة المعيشية للأيام العادية ناهيك عن رمضان الأسود الذي يقول حال اليمنيين عنه: ليته لم يأتِ والذي ربما يُستقبل بجنائز الأمراض البيئية إلى جانب جنائز الاقتتال التي تحدث كل يوم منذ اندلاع النزاع المسلح.

الخروج من حالة التيه

يحذّر الناشط عبدالناصر المودع من أن المسؤولين في صنعاء يستغلون الوضع المعيشي المتدهور وعملية النزوح كنتائج سلبية ستؤلب الرأي العام العالمي ضد دول التحالف وسيتم استثمارها، بحسب تعبيره.
يردف المودع: لهذا وجب التنبيه لهذا الجانب وعلى التحالف العمل على تجنب الوقوع في الفخ. ويشير إلى أنه ينبغي صرف النظر والبحث عن أفكار جديدة للخروج من حالة التيه التي يعيشها الجميع، وأن على السعودية والتحالف عمل مراجعة جذرية لما جرى به في اليمن ويشمل ذلك الأساليب والأشخاص والأهداف والخطط، حتى لا يستمر الوضع في التدهور.

مجاعة فتاكة

خدمات المياه منعدمة ولا توجد عليها رقابة صحية، ومَن يعانون من الأمراض المزمنة كزارعي الكلى والسكر والهيموا فيليا وغيرهم يعانون من انعدام تام الأدوية التي يستخدمونها، وكذا المستشفيات خالية من الأدوية.
الفقر وسوء التغذية شمل جميع الشرائح المجتمعية ما عدا حولي 8 % من نسبة عدد السكان منهم 3 % رجال المال والأعمال ومن كسبوا ثروات أثناء حكم النظام السابق ويمتلكون موفوراً نقدياً سابقاً.
يأتي رمضان وكثير من القضايا عالقة وأخرى تتراكم وفي الطريق نوائب مرتقبة، جرحى الحرب والنزاع لم تتم معالجتهم.
النازحون المتضررون ما زالوا مشرّدين بسبب تهدم منازلهم، كما أنه لم تعالج أوضاعهم ولم تُبْنَ مساكنهم ولم تؤمّن مناطقهم إلى هذه اللحظات بعد إعلان تحريرها، ناهيك عمّن فقدوا أهاليهم وعائلهم الوحيد.
المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة لم تستطِع أداء مهماتها بسبب انتقام الأطراف من بعضهم البعض، فكل طرف يحاصر الطرف الآخر، وقد لوحظ هذا بمنع دخول المساعدات الإنسانية ومنع المنسق الإنساني للأمم المتحدة لزيارة تعز قبل أشهر فاضطر إلى العودة إلى عدن، ناهيك عن غياب النسق الضامن لتسهيل توصيل الإغاثة إلى مستحقيها في الحضر والريف، ابتداءً بالقرية ثم العزلة ثم المديرية ثم المحافظة وهذا يتطلب إحلال مستقلين مقبولين لدى المجتمع بديلاً عن المجالس المحلية في المناطق المحررة.

الوضع في صنعاء

الوضع في صنعاء حدِّث ولا حرج وهي في وضع آخر يُضاف إلى معاناة المجتمع، فقد حلّت كارثة بيئية بسبب امتلاء أرصفة الشوارع بالقمامة هذه الأيام والناتج عن عدم تسليمهم عمّال وموظفي البلدية أجورهم ورواتبهم، فيما تقول تقارير إن شركة كمران فقط تدفع 2 بليون ريال رسوم النظافة، ناهيك عن بقية الشركات الأخرى وغيرها من الأعمال التجارية، وفقاً للخبير المقرمي.

استقبال الكارثة

ما أن توقّف عمّال النظافة عن العمل للمطالبة بصرف حقوقهم، حتى امتلأت الشوارع بالمخلّفات والقمامة وانتشرت الروائح الكريهة المنبعثة من التلوث البيئي بالتزامن مع قدوم رمضان، فقد انتشر وباء الكوليرا المشكوك في أمره، والذي بحسب تقارير طبية، استقبلت المستشفيات مئات الحالات من مرضى الكوليرا وحالات الوفاة بالعشرات، وهذا الوباء قد ينتشر في جميع أنحاء الجمهورية إنْ لم يتم مواجهة الخطر، وفي ظل موسم هطول الأمطار. وهنا يحذّر الطبيب سامي العسلي في حال عدم مواجهة الكارثة من انتشار الأمراض المميتة والأوبئة الفتاكة، بخاصة مع الصيام لقلة المناعة إذ سيزداد معدل الوفيات.