«طرابزون» التركية.. جنة سياحية وثقافية على شواطئ شرق البحر الأسود

مزاج الاثنين ١٥/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٦ ص
«طرابزون» التركية..

جنة سياحية وثقافية على شواطئ شرق البحر الأسود

طرابزون- خالد عرابي

كثيرون يعتقدون أنهم خبراء بتركيا، وخاصة من زاروها أكثر من مرة، يقولون بإنهم ليسوا بحاجة إلى زيارتها مرة ثانية لأنهم أَلَمُّوا بها سياحياً، ولكن حينما تسألهم أين ذهبتم في تركيا يقولون إلى أسطنبول بل ويؤكدون إننا زرناها أكثر من مرة وتجولنا في متحف أية صوفيا ومسجد سليماني أو المسجد الجديد وميدان تقسيم وشارع الاستقلال، وزرنا برج وجسر جلطة وبازار بارسيا «أي السوق الكبير»، والسوق المصري وغيرها وهذا جيد، ولكن حينما تسألهم هل زرتم مدناً أخرى خارج أسطنبول؟ فهنا نجد مجموعتين إما من يقول لا أو من يقول ذهبت إلى بورصة أو أنطاليا مثلا، غير أننا اليوم سنأخذكم إلى وجهة سياحية جديدة ومختلفة وساحرة في تركيا وصفها لي رئيس جمعية المنشآت السياحية بطرابزون علي بايرم أوجلو خلال لقائي به هناك بأنها جنة طبيعية وثقافية في منطقة شرق البحر الأسود، كما وصفها لي بأنها مدينة كل الفصول.. إنها «طرابزون» الساحرة التي يعود تأسيسها إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، وهي الملقبة بآسيا الصغرى، وهي وجهة سياحية يمكن أن يقضي السائح زيارته فيها في مدينتين من مدن شرق البحر الأسود، وهما مدينتان تتميزان بطبيعة ساحرة غناء، ومعالم تاريخية وتراثية فريدة من نوعها، بل وتنافس أشهر المدن السياحية العالمية وندر من زارهما إنهما مدينتا طرابزون وريزا التركيتان، واللتان زارتهما «الشبيبة» على هامش مشاركتها في قمة شرق المتوسط التركية، التي نظمتها وزارة السياحة التركية خلال الفترة من 10 إلى 14 مايو الجاري بمشاركة أكثر من 300 وكالة للسفر والسياحة من حول العالم ونحو 50 إعلامياً وناشطاً من نشطاء التواصل الاجتماعي، برعاية من الخطوط الجوية التركية، وذلك لتسليط الضوء على تلك الوجهة السياحية الخلابة، وشاهدت معالمهما السياحية وتجولت بها من الجبل إلى الهضاب والشلالات والبحيرات، ومن المتاحف إلى المساجد والأديرة والقلاع والأسواق وغيرها فهيا بنا إلى جولتنا السياحية إلى هناك.

تنوع فريد

في البداية نشير إلى أن السياحة في تلك المنطقة تتميز بأنها تضم تنوعاً فريداً من نوعه فهي تتنوع ما بين الطبيعة الخضراء الغناء المبهرة التي تجمع ما بين الخضرة والمياه والوجه الحسن «حقيقة» وما بين المعالم التاريخية والتراثية عميقة الجذور وما بين التسوق والأسواق الحضارية وما بين الهدوء والسكينة والخلوة وفِي فنادق ممن تصنف بأنها من فئة البوتيك والموتيل في قمم وأحضان الجبل مما يعطي للإنسان فترة من الراحة النفسية والبدنية في أجواء قل أن يجدها في مكان آخر، كما أن هذه المنطقة السياحية تتميز بترابطها مع مدينة أسطنبول التركية بعدد من الرحلات الجوية اليومية التي تنظمها الخطوط الجوية التركية وبعض شركات الطيران التركية الأخرى في رحلة تستغرق قرابة الساعتين فقط، وأما عن أبرز المناطق التي قمت بزيارتها والمعالم التي زرتها وأرشح زيارتها في تلك الجولة.
يمكن البدء بالذهاب إلى مدينة «ريزا» في أحضان الجبل والبقاء وتحديداً في منطقة هضبة «آيدير» وجبال «كاجكار» لمدة يومين للاستمتاع بالطبيعة الخضراء الخلابة والمناخ المعتدل معظم العام والأمطار المتساقطة مع التجول وزيارة مناطق شلالات المياه العديدة وأشهرها شلال طرحة العروس الذي سمي بهذا الاسم لأنه يشبه طرحة العروس في شكله وطوله الممتد بتموج يجمع بين المياه والجليد أحيانا من أعلى إلى أسفل الجبل، وهناك يمكن القيام ببعض المغامرات ومنها رحلات صعود الجبال وأخرى في شلالات المياه وجولات عبور تلك الشلالات، وانهار المياه المتدفقة في جولة أشبه بالتليفريك والعيش في تجربة الفنادق الخشبية المتميزة في احضان الطبيعة وسط منطقة تضم حوالي 300 نسمة فقط من الأسر التركية في تلك المنطقة الممتدة ومترامية الأطراف.

معالم تاريخية

ومن بعدها يمكن الانتقال لقضاء يوم آخر في منطقة «أوزنجول» المبهرة حيث الطبيعة الغناء الخضراء وزيارة بحيرة أوزنجول نفسها والتمتع بالمناظر الطبيعية وبالعديد من الأنشطة السياحية المجهزة تماما في تلك المنطقة، وحول البحيرة ويمكن الصعود إلى أعلى الجبل ومشاهدة البحيرة عن بعد ومسجدها الشهير والتقاط بعض الصور من أعلى لتشكل ذكريات لن تنسى.
من بعدها يمكن الانتقال لقضاء نحو أربع أيام أخرى في منطقة أو مقاطعة طرابزون نفسها وهنا تبدأ زيارة المعالم التاريخية والأثرية ومنها: زيارة «آيا صوفيا» بطرابزون، ويعد من أهم معالم المدينة إذ يعود بناؤه إلى سنة 1238-1263 ومر بنفس قصة آيا صوفيا في أسطنبول إذ كان كنيسة بيزنطية مع دير ثم بعد فتح طرابزون تم تحويله بأمر السلطان محمد الفاتح في العام 1512 إلى مسجد ثم إلى متحف وهو الآن مسجد، وقد خضع على مر تاريخه لعدة ترميمات.. كما يمكن أيضا زيارة دير «سوملا» والشهير بدير مريم العذراء ويقع على مشارف الجبل الأسود في منطقة «ماجكا» على حدود وادي «ألتن» وبحسب ما قيل لنا فإن الدير بني في عهد الإمبراطور البيزنطي ثيودسيوس الثاني (573-593) وقد تم ترميمه عدة مرات على مر التاريخ. ويضم كنيسة الصخرة وعدة كنائس أخرى.
ومن المعالم التي يجب زيارتها هناك قصر أتاتورك، وقد تم بناؤه في العام 1923 من قبل صاحبه قسطنطين قابايانيديس وهو من الكنوز التاريخية هناك، أقام فيه اتاتورك خلال زياراته لتلك المدينة في أعوام 1924 و 1930 و 1937 وفِي سنة 1942 تم تحويله إلى متحف باسمه وما زال بهيئته وبجميع الأشياء والأغراض التي استخدمها داخله في عهده وهو يعد تحفة معمارية فريدة من نوعه علاوة علا وقوعه وسط منطقة طبيعية خلابة ويحيط به حديقة غناء محاطة بأشجار الصنوبر.
كما يمكن زيارة مستوطنة «أورت حسار» وهي عبارة عن منطقة ومباني تاريخية يعود تاريخها إلى ما قبل 4000 سنة وبنيت عن طريق القوقاز الذين جاؤوا إلى طرابزون من آسيا الوسطى من أقوام من الترك، وهي مدينة تضم عدة أصول بشرية من أقدم العصور كالمجتمعات القوقازية الأصلية والفرس والرومان والعرب والبيزنطيين والسلاجقة والكومننس، وقد ضمها السلطان محمد الفاتح للأراضي التركية في العام 1641.

متحف طرابزون

ويمكن زيارة منازل «أورتا محلة» وهي منطقة ومنازل بديعة تمتد كسلسلة من الحبال بشكل موازي للبحر في منطقة البحر الأسود ، ومكن زيارة متحف طرابزون وهو أحد أهم الآثار المعمارية التي تم إنشاؤها بإتقان من حيث البناء والموقع والطراز المعماري الذي يعكس حضارة طرابزون في القرن التاسع عشر، وهناك أيضا متحف طرابزون التاريخي ويمثل الخلفية الثقافية للمدينة والتي تعود لأكثر من 4000 سنة من الروايات والأساطير، وزيارة خان الآغا الذي يقع على طريق التجارة القديم طريق الحرير، وكذلك كهف ومغارة تشال، وهي واحدة من أطول المغارات في العالم وكذلك بحيرة سيرا. ويوجد العديد والعديد من المعالم الأخرى ما بين مساجد وأديرة وأسواق وغيرها.