5 معضلات تبرز المأزق الذي يواجه فرنسا ورئيسها الجديد

الحدث الخميس ١١/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣١ ص
5 معضلات تبرز المأزق الذي يواجه فرنسا ورئيسها الجديد

مسقط – محمد البيباني

رغم نجاحه في الوصول إلى سدة الحكم في فرنسا، إلا أن وجود المرشحة اليمينية مارين لوبان كمنافس له في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية وحصولها على أصوات تتجاوز ثلث أعداد المصوتين، يؤكد أنه ليس من المبالغة القول إن مستقبل اليمين المتطرف في فرنسا وأوروبا أصبح مرهوناً بنجاح الرئيس الفرنسي المنتخب ايمانويل ماكرون.

فالانتخابات رغم أنها أطاحت باليمين إلا أنها أكدت وجوده في الشارع الفرنسي، وهو ما يلقي بظلاله وتبعاته على الرئيس الجديد ويجعل لوبان البديل الجاهز في حال الفشل. أسباب كثيرة ستدفع بالرئيس الفرنسي المنتخب ايمانويل ماكرون إلى الانتقال السريع من مرحلة الاحتفال بالفوز برئاسة بلاده إلى الاضطلاع بمهام منصبه كرئيس جديد.
ماكرون يترأس فرنسا في ظل ظروف تفرض عليه اقتحام سريع لمهام منصبه وتجعله مضطراً للبحث عن إنجازات تفرض حضوره. أيام قليلة بين انتخابه وبين مراسم تسليمه الرئاسة الفرنسية الأحد المقبل حسبما أعلن الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرانسوا هولاند عقب الإعلان عن فوز سلفه بالمنصب.
إنجاز ماكرون هي طريقه الوحيد لتأمين رئاسته من ترصد اليمين المتطرف الذي أثبتت الانتخابات حضوره الشعبي
هل ينجح الرئيس الجديد في القضاء على خطر اليمين المتطرف في بلاده وفي أوروبا؟

فوز لا يعني نهاية الخاسر

قالت صحيفة «التليجراف» البريطانية، إن فوز مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون بانتخابات الرئاسة الفرنسية، لا يعني انتهاء خطر اليمين المتطرف في أوروبا.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 8 مايو، أن فوز ماكرون على منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بنسبة بلغت 66%، لا ينفي حقيقة استمرار تهديد الأخيرة للحياة السياسية الفرنسية.
وتابعت: «على الرغم من أن هامش انتصار ماكرون كان مقنعاً بما فيه الكفاية، إلا أن نحو ثلث الناخبين ما زالوا مستعدين للتصويت لصالح الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة التي تمثلها لوبان، وهذه النسبة في حد ذاتها نتيجة جيدة لحزب متطرف مناهض للاتحاد الأوروبي».
وحذرت الصحيفة من أن عدم نجاح ماكرون خلال فترة رئاسته، كما فعل سلفه فرانسوا هولاند، سيجعل لوبان في وضع جيد لتولي السلطة في انتخابات العام 2022.
واستطردت: «لوبان كانت تنظر إلى الانتخابات الرئاسية على أنها فرصة غير محتملة للجبهة الوطنية، وهذا كان مخططها منذ البداية، ولذا هناك مسؤولية هائلة على عاتق ماكرون، للحيلولة دون تحقيق هدفها في الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، أو بانتخابات 2022».
وكانت صحيفة «الجارديان» البريطانية، حذرت أيضا من أن هناك عقبة خطيرة تنتظر إيمانويل ماكرون بعد فوزه بالجولة الحاسمة من انتخابات الرئاسة الفرنسية، ألا وهي افتقاده لأغلبية برلمانية تساعده في تنفيذ وعوده للناخبين.
وأضافت الصحيفة في تعليق لها على فوز ماكرون، أن ماكرون لن يستطيع الحكم، لأنه ليس له سند برلماني، وأن عليه أن يسعى منذ الآن بكل قوة، لإيجاد هذا السند في الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل.
واستطردت الصحيفة: «ماكرون إذا لم يستطع الحصول على أغلبية برلمانية تصل إلى أكثر من 60 % في الانتخابات المقبلة، فإنه سيبدو كالمهزوم، ولذا لا يجب التعامل مع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية باعتبارها حاسمة».

كيف يراه الفرنسيون؟

لا شك أن النسبة التي فاز بها المرشح الرئاسي ايمانون ماكرون في الجولة الثانية من الاستحقاق الفرنسي لا تعكس واقع تأييده شعبياً بقدر ما تعكس واقع موقف القطاع الأكبر الفرنسيين من منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان خاصة في ظل موقفها من الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي يعكس حالة الانقسام حول شخص الرئيس الجديد.
صحيفة «لوموند» رأت أن «هناك أسباباً للتقليل من قوة فوز إيمانويل ماكرون»، موضحة أن «العديد من الفرنسيين لم يصوتوا لصالح مرشح، بل ضد اليمين المتطرف» فضلاً عن وجود نسبة قياسية من الامتناع عن التصويت والأوراق البيض والأوراق اللاغية.
أما صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية فقد كتبت أن الأمر بـ»انتصار تحت الضغط» لأنّ «النسبة الكبيرة للامتناع عن التصويت، رغم التهديد الذي يمثله اليمين المتطرف، هي إشارة إلى عدم ارتياح حيال الرئيس الجديد». أما صحيفة «لوفيغارو» اليمينية فقد شددت على أكبر نسبة امتناع عن التصويت منذ العام 1969 فضلاً عن تشتت الناخبين في 4 تكتلات. وتوقعت الصحيفة انتخابات تشريعية صعبة للرئيس الجديد.

مهمة صعبة للغاية

حول صعوبة المهمة التي تنتظره، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لندن، د.فواز جرجس، إن فوز إيمانويل ماكرون، كان بنسبة كبيرة ومهمة، إذ حصل على 65.1 % من أصوات المشاركين، مؤكدا، أن الرئيس الجديد سيواجه تحديات صعبة، خاصة أن هناك 24 مليون فرنسي لم يصوتوا له، وهو ما يدل على صعوبة مهمته.
وأضاف جرجس خلال لقاء له ببرنامج «وراء الحدث» على فضائية «الغد» الإخبارية، أن أمام الرئيس الفرنسي الجديد مهمة صعبة لإعادة هيكلة الحياة السياسية، وخاصة هيكلة المشروع الاقتصادي، مشدداً، على أن الدولة الفرنسية تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة، وأن تلك الانتخابات تدل على الفجوة العميقة داخل المجتمع الفرنسي.

أولى العقبات أمامه

في السياق نفسه، أفرد موقع «دويتشه فيله» الألماني، تقريرًا عن فوز ماكرون، لافتًا إلى أن لديه الكثير من العقبات ليتخطاها، فمن ناحية يحتاج إلى إعادة وحدة الشعب الفرنسي على قلب رجل واحد، ومن ناحية أخرى يسعى للحصول على ظهير سياسي في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
واستهل الموقع تقريره ذاكراً، أنه سرعان ما تكدست المهام الرئاسية الملقاة على عاتق الرئيس الفرنسي الجديد؛ إذ وعد الأخير في ليلة الانتخابات، بالعمل على وحدة الشعب الفرنسي مرة أخرى، لاسيما أن الكثير يرون أن الانتخابات قسمت فرنسا إلى حزبين، كما أنه تعهد أيضاً بحماية الحريات.
وفي سياق متصل قالت الخبيرة السياسية من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فيفيان بيرتوسوت، إن أهم المهام التي تواجه الرئيس الفرنسي الجديد، هو انقسام الشعب الفرنسي، إلى معسكرين مختلفين؛ فقد صوّت الفرنسيون في المدن الكبرى لمرشحين معتدلين كـ»ماكرون» وفيون، بينما صوّت آخرون لمرشحين يغلب عليهم التطرف مثل «لوبان»، والشيوعي «ميلانشون» في المناطق الريفية والمدن الصغيرة؛ إذ من الصعب الحصول على وظيفة براتب جيد هناك.

هل يحقق ما وعد به؟

أشارت صحيفة الجارديان البريطانية إلى نوعين مختلفين من الوعود التي قطعها أصغر رؤساء فرنسا فيما يتعلق بأسلوب قيادته، فقد تعهد بأن يحدث ثورة شابة في السياسة الفرنسية مع العودة أيضا للتقليد القديم المتمثل في الزعيم القوي الذي يستطيع أن يجسد الأمة.

وتتابع «الجارديان» قائلة إن كل رئيس فرنسي يسعى لتقديم نقيض من كان قبله، لكن ماكرون الذي سيتولى منصبه في غضون أيام لن يكون لديه تلك الفرصة، إذ سيتولى مسؤولية بلد أرهقته عقود من البطالة الضخمة والاقتصاد الجامد، والذي لا يزال في حالة طوارئ، ويواجه تهديداً إرهابياً مستمراً، ويخوض حربا في الخارج مع وجود قواته في منطقة الساحل الأفريقي لمحاربة الجماعات الإرهابية.