المدير شمشون الـجــــبـــار

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٩/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٣٦ ص
المدير شمشون الـجــــبـــار

لميس ضيف

غير ذي مرة، سمعت شكاوى من موظفات يعانين من تسلط مديريهن في العمل. وسمعت مثلها من رجال، بيد أن شكاوى الموظفات أكثر- غالباً- بسبب طبيعتهن التي تميل للتعبير عن الحنق عوضاً عن كبت المشاعر. أو لأن حياة النساء- إجمالاً- تحمل تحديات تجعلهن بحاجة لمساحة تفهّم أكبر من مرؤوسيهن من تلك التي يحتاجها الرجال: فالمسؤول قد لا يفهم معنى أن يتوعك طفل فتحتاج والدته للتأخر عن «الدوام».

ولا يفهم معنى أن تتصل المدرسة في منتصف اليوم طالبةً من ولية الأمر أخذ ابنها لأنه وقع أو تشاجر، كما ولا يتفهّمون عظم الأعباء الجسدية والنفســـية التي تُثقل كاهل المرأة في الحمل وتؤثر على كفاءتها وسرعتها.

وقد يظن البعض أن حياة من ترأســـها «امرأة» أســهل ولكن الواقع يكذّب ذلك؛ فالمديرة قد تشخصن خلافات عابرة مع موظفة وتحوِّل حياتهــا جحيــمــاً بسبب نقاش أو موقف.

روت لي إحداهن مرة أنها عدَّلت اقتراح مسؤولتها في اجتماع واستاءت الأخيرة من ذلك فسخرت منها وشتمتها أمام زملائها ما كسر من كرامتها وآلمها فرفعت الموظفة شكواها للمسؤولين ولكنها لم تجنِ شيئاً من التحقيق الذي فُتح؛ لأن زملاءها «الذين شهدوا الواقعة» لم يقبلوا بالشهادة لصالحها خوفاً من سياط المديرة المتجبرة وعدائها.

وهكذا خسرت الموظفة شكواها التي استمطرت مزيداً من العداء لها وانتهى الأمر بالموظفة بخسارة موقعها ونقلها لموقع آخر لا تتمناه.

ليس ذلك إلا نموذج مما يمكن لمسؤول/‏‏مسؤولة متعسفة فعله إن هو ما غضب وكوّم الأحقاد على موظف/‏‏موظفة تحت إمرته. ينسى هؤلاء الحكمة التي تقول «إن دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك»، فعندما يمكّنك الله في الأرض فتصبح مسؤولاً عن العشرات أو أكثر من ذلك ولا أقل، فعليك أن تحرص على أن تسهّل حياتهم ما أمكن لا أن تصعّبها. يظن البعض أن الضغط على الموظف وتضخيم سلبياته سيحولانه لشخص أفضل، والواقع يقدّم شهادات بالعكس. فالتشجيع يعطي نتائج أكثر من الانتقاد، والدعم يُثمر في حين أن هدم المعنويات يسحب قدرات الموظف للوراء.

إن كنت مسؤولاً فرويدك على مَن هم تحت إمرتك. فإن كانوا غير قادرين على الاقتصاص منك فإن الحياة- التي لا تترك ديونها دون إيفاء- ستفعل.

وإن كنت مأموراً تحت مدير جبار فتصبر.. فقد يكون الفكاك منه أقرب مما تتوقع.