المرأة والاقتصاد الأخضر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٤٣ ص

إيزابيلا لوفين - نجوزي أوكونجو إيويلا

في غانا، تعمل مجموعة من النساء والشباب المغامرين على صُنع دراجات من مادة بعيدة الاحتمال: البامبو. يقوم عشرة من المزارعين بزراعة نبات البامبو، ويتولى خمسة وعشرون من الحرفيين تقطيع البامبو وتشكيله في هيئة دراجات رحيمة بالبيئة ويمكن استخدامها على الطرق الوعرة في غانا أو تصديرها إلى الخارج. وتخطط برنيس دباح، مؤسِّسة شركة غانا بامبو بايكس ورئيستها التنفيذية، لبناء مصنعين جديدين قريبا، وإضافة خمسين عاملا آخرين في مجتمعات تتسم بالبطالة المرتفعة.

تُعَد غانا بامبو بايكس مجرد مثال واحد للدور الرئيسي الذي تستطيع المرأة أن تلعبه في دفع التحول نحو النمو الاقتصادي المستدام والتنمية. ولكن هذه الأمثلة تحتاج على نحو متزايد إلى التوافق والانسجام بين بعضها بعضا لضمان مستقبل مزدهر على كوكب سليم الصحة. ويحتاج العالَم إلى المزيد من القيادات النسائية في مجال العمل المناخي، سواء حول الطاولة حيث تُصنَع السياسات أو على رأس الشركات، لتوجيه هذه السياسات نحو الاستدامة.

عندما تنزل أعداد أكبر من النساء إلى سوق العمل، تنمو الاقتصادات. وتشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن تعظيم المساواة بين الجنسين، وهو ما يعني زيادة استخدام رأس المال، يرتبط إيجابيا مع نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، والقدرة التنافسية، والتنمية البشرية. ويُفضي إهدار رأس المال على هذا النحو إلى تأثير سلبي معاكس: يشير تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن عدم المساواة بين الجنسين يكلف دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، على سبيل المثال، نحو 95 بليون دولار أمريكي (أو 6% من الناتج المحلي الإجمالي) سنويا في المتوسط.
ومع ذلك، لا تزال المرأة في مختلف أنحاء العالَم تواجه فجوة تمييز كبيرة بسبب الجنس في التشغيل والأجور. فكانت نسبة النساء المشاركات في قوة العمل العالمية تدور حول 50 % منذ العام 1990، مقارنة بأكثر من 75 % للرجال. وفي أغلب البلدان، تكسب المرأة العاملة في المتوسط 60 إلى 75 سنتا فقط في مقابل كل دولار يكسبه الرجل.

لدعم النمو الاقتصادي والتنمية، ينبغي لنا أن نستفيد من إمكانات كل العاملين، وإعطاء المرأة الفرص ليس للكسب فحسب، بل وأيضا للقيادة. ولابد من تمكين المرأة وتحويل دورهـــا في الاقتصاد. وهل هناك لحظة أفضل من الآن لتحقيق هـــذه الغاية، في وقت حيث يسعى العالَم إلى ملاحقة تحول اقتصادي آخر نحو اقتصاد أخضر؟

الواقع أن تحويــل دور النساء في الاقتصاد ربما يكون أكثر إلحاحا في سياق تغيــــر المنــــاخ. وتعني التقسيمات التقليدية للمسؤولية أن النساء يتأثرن بتغير المناخ على نحو يختلف عن تأثر الرجال به غالبا، وخاصة في الدول النامية.

ولأن الرجال أكثر ميلا إلى أداء العمل المأجور أو زراعة المحاصيل التي تدر أموالا نقدية، فإن الأحداث التي يحركها المناخ مثل الجفاف ربما تكلفهم أجورهم وترغمهم على الانتقال إلى المدن بحثا عن عمل. أما النساء، المسؤولات غالبا عن زراعة محاصيل الكفاف المحلية ورعاية الأسر، فلا يملكن هذا الخيار.

وبدلا من ذلك، يتعين على النساء أن يبحثن عن وسائل بديلة لتأمين الغذاء محليا وتوليد الدخل لدعم أسرهن، مثل بيع أصول صغيرة أو حتى إخراج أطفالهن من المدرسة لمساعدتهن. وتتفاقم التحديات التي تواجه النساء في المناطق حيث ينفقن بالفعل ساعات كل يوم لجلب مياه الشرب، وربما تضطرهن أنماط هطول الأمطار المتغيرة إلى السفر لمسافات أبعد للحصول على مياه الشرب.
على هذه الخلفية، من الأهمية بمكان أن نعمل على تمكين المرأة من اغتنام الفرصة التي يتيحها الانتقال إلى اقتصاد مستدام. وربما يكون التغيير في أربعة مجالات رئيسية مفيد بشكل خاص.
فأولا، تحتاج المرأة إلى المزيد من القدرة على الوصول إلى النظام المالي. ففي منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، سنجد أن احتمالات حصول الرجال على حساب مصرفي أعلى بنحو 30 % مقارنة بنظيراتها بين النساء. ويتطلب إغلاق هذه الفجوة تصميم القروض وأدوات الادخار بشروط أكثر مرونة ودعما للنساء. ويتضمن هذا على سبيل المثال التوسع في القروض البالغة الصِغَر ــ وهو النهج الذي عمل بالفعل على تمكين النساء في العديد من البلدان من العمل في تنظيم وإقامة المشاريع.
ويتطلب تحقيق هذه الغاية إقناع الدائنين الذين ما زالوا متشككين في إمكانية الاعتماد على النساء كعميلات يمكن الاعتماد عليهن، بما في ذلك من خلال الاستشهاد ببيانات حول القروض المتناهية الصِغَر، والتي تثبت أن المرأة لا تقل جدارة عن الرجل عندما يتعلق الأمر بسداد القروض، إن لم تكن أكثر منه جدارة. وبمجرد تمكن النساء من الوصول إلى النظام المالي، يصبح بوسعهن إنشاء مشاريع صغيرة والاستثمار فيها، في حين يشعرن بقدر أكبر من الأمان عندما يضطررن إلى السحب من المدخرات في مواجهة حالات الطوارئ.
ثانيا، تحتاج المرأة إلى حقوق متساوية في الأراضي. ذلك أن ملكية الأراضي ــ سواء كانت ملكية مشتركة لامرأة متزوجة، أو ملكية منفردة لربة أسرة منفردة ــ لا تعمل على تحسين الأمان الاقتصادي والإنتاجية فحسب، بل وتساعد أيضا في تعزيز القدرة على الوصول إلى التمويل التقليدي. ومع التقدم بمطالبة رسمية بأرض تقوم بزراعتها، تُصبِح المرأة أيضا أكثر ميلا إلى الاستثمار في خصوبة التربة، والمساهمة في زيادة الإنتاجية وأنماط استخدام الأراضي المستدامة.
ثالثا، تحتاج المرأة إلى سياسات تدعم مشاركتها النشطة في الاقتصاد الأخضر الناشئ، بما في ذلك التعليم الأفضل، والتدريب على المهارات، والحماية من التمييز في مكان العمل. ولأن صناعة الطاقة الخضراء جديدة للغاية، فمن الممكن أن تساعد في اجتذاب النساء إلى وظائف غير تقليدية وأعلى أجرا مثل الهندسة.
أخيرا، لابد من تمكين النساء سياسيا. فإذا لم يكن بوسع نصف السكان الإدلاء بالرأي في القرارات السياسية، تُصبِح شرعية صناع السياسات محل شك. ومن الممكن أن تلعب المرأة دورا مهما عندما تقدم الحكومات الحوافز وتفرض القواعد التنظيمية التي تدعم الانتقال إلى اقتصاد مستدام وشامل.
وحتى في غياب مثل هذا الدعم، تغتنم المرأة بالفعل الفرصة التي يتيحها هذا التحول. على سبيل المثال، أوجد سولار سيستر، وهو مشروع اجتماعي، نحو 2500 فرصة عمل لنساء يعملن في بيع الإضاءة الشمسية بأسعار ميسورة في نيجيريا، وتنزانيا، وأوغندا. وتساعد شركة لوموس، التي تعمل في مجال حلول الطاقة الشمسية، في تمكين سيدات الأعمال في نيجيريا.
غير أن النساء لا يمثلن حتى الآن حصة كبيرة بالقدر الكافي من العاملين في صناعة التكنولوجيا النظيفة، ومن يعمل منهن في هذه الصناعة يشغلن في عموم الأمر مناصب متدنية على سلم الوظائف. وتغيير هذا الواقع ــ تمكين كل المواطنين من تحقيق إمكاناتهم الاقتصادية ــ يتطلب جهودا نشطة لتشجيع الدمج الاجتماعي والسياسي للنساء.
من الواضح أن سد الفجوة بين الجنسين هو التصرف الصحيح الذي يتعين علينا أن نقوم به من أجل النساء وكوكب الأرض. وهو أيضا سلوك اقتصادي ذكي. ولا يجوز لنا أن نهدر هذه الفرصة.

إيزابيلا لوفين: نائبة رئيس وزراء السويد.

نجوزي أوكونجو وزيرة المالية السابقة في نيجيريا