القاهرة وواشنطن.. توتر يلوح في الأفق

الحدث الأحد ٣٠/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٢١ ص
القاهرة وواشنطن.. توتر يلوح في الأفق

القاهرة - خالد البحيري

ثلاثة مشاهد لا يمكن عزلها عن بعضها البعض، جرت وقائعها خلال شهر، القاسم المشترك فيها العلاقات المصرية الأمريكية، ومسرح الأحداث المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وقاعة الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي.. المشهد الأول للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى جوار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحفاوة ترحيب تخللتها عبارات الثناء والمديح، وإظهار الدعم المتبادل من كل طرف للآخر.

أما المشهد الثاني فهو للأمريكية من أصول مصرية آية حجازي على نفس المقعد الذي كان يجلس عليه الرئيس السيسي وإلى جوارها الرئيس ترامب، وحوار باسم تخللته عبارات النصر بعد استنقاذ آية من السجون المصرية التي قضت فيها نحو 3 سنوات متواصلة بقائمة اتهامات عريضة، تهاوت مع أول جلسة نطق فيها القضاء المصري بالبراءة.
ويتلخص المشهد الثالث في جلسة استماع دعا لها مجلس الشيوخ الأمريكي ثلاثة من خبراء الشأن المصري هم: ميشيل دن، خبيرة الشرق الأوسط السابقة بالخارجية الأمريكية والباحثة الحالية بمعهد كارنيجي للسلام الدولي، وإليوت أبرامز الذي خدم في إدارة جورج بوش، والباحث الحالي بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وتوم مالينوسكي، مساعد الخارجية السابق في إدارة أوباما لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال.
المشاهد الثلاثة ترسم صورة واضحة لملامح العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب، الذي اعتبر الكثير من المصريين فوزه بمثابة فتح جديد من شأنه دعم النظام المصري على عكس القلاقل التي كان يثيرها الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي الوقت الذي اكتسبت زيارة السيسي لأمريكا زخماً هائلاً وحظيت بتغطية إعلامية مميّزة من قِبل الإعلام المصري، ومساحات واسعة على صفحات الصحف والمجلات وتغطية بث مباشر على الفضائيات الحكومية والخاصة نسجت قصائد المديح للرئيس ترامب، كانت التغطية سلبية للغاية فيما يخص استقبال آية حجازي، واتهامها بالتنازل عن وطنيتها واحتمائها بأمريكا، واستغلال قضيتها لكسب نقاط على حساب سمعة مصر وحقوق الإنسان بها.

أما المشهد الثالث فقد التزم الإعلام المصري ومعه المحللون والنخب السياسية الصمت تجاه الجلسة العاصفة التي كال فيها الشهود ورئيس اللجنة ليندسي جراهام التهم لمصر وتفننوا في النيل من قيادتها بسبب وضع حقوق الإنسان والتعامل مع المعارضين والإخفاق في مكافحة الإرهاب وتحويل تعاطف المصريين إلى المتشددين سبب العصا الأمنية الغليظة التي يتم بها التعاطي مع الأزمة.

وبعد يومين من الصمت أصدرت الخارجية المصرية بياناً جاء في ثناياه أن المنهجية والأسلوب الذي تم به تنظيم تلك الجلسة حاد بشكل فج عن النمط المعتاد لتنظيم مثل تلك الجلسات على مدار سنوات طويلة، الأمر الذي أدى إلى خروجها بمثل هذا القدر من عدم الحيادية وتعمد القراءة السلبية للأوضاع في مصر.

الخبراء في مصر ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب قالوا إن استقبال ترامب لمواطنة أمريكية في البيت الأبيض يأتي ضمن المكايدة السياسية للرئيس السابق أوباما، والدليل وضع عملية الإفراج عن آية ضمن إنجازات ترامب في 100 يوم والترويج لهذا الإنجاز على أن أوباما فشل في ذلك.
وهو أمر يدخل ضمن الاستثمار السياسي للمواقف ولا يعني مصر من قريب أو بعيد، فقد تم الإفراج وفقاً لحكم قضائي، وكونها سافرت إلى واشنطن على متن طائرة عسكرية فهذا أيضاً شأن يرجع للولايات المتحدة وتعاملها مع رعاياها.
أما جلسة الاستماع فقد عزا خبراء خروجها بهذه السلبية إلى «الدور الذي لعبه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في أمريكا إذ تواصلوا مع نحو 700 من أعضاء الكونجرس وزودهم بتقارير مغلوطة عن الشأن المصري، بل حضر 4 من قياداتهم داخل الجلسة»، مشيرين إلى ان ذلك «لن يؤثر في العلاقات المصرية الأمريكية التي لا تقف عند فكرة المعونة المقدرة بـ1.3 بليون دولار، بل تمتد لتعاون عسكري واقتصادي، ودعم سياسي متبادل بين الدولتين، كما أن توصيات الكونجرس لا يتم إقرارها بشكل فوري وإنما تعرض على الرئيس الأمريكي، ويكون للخارجية أيضاً دور في مسألة المعونة فضلاً عن الاستخبارات الأمريكية، أي أن الكونجرس ليس هو الجهة الوحيدة صاحبة القرار».