ما لن تعرف قيمته.. إلا لو فقدته..

7 أيام الأربعاء ٢٦/أبريل/٢٠١٧ ٢٢:٠٠ م
ما لن تعرف قيمته.. إلا لو فقدته..

(1)
نستهين بالصحة حتى نفقدها..
فإن أنت ما فقدتها، واستيقظت كل صباح من حضن الوهن.. تلاشى كل شيء من دونها:
ستشعر أن شبابك كماليات..
وعلاقاتك التي كانت تبدو مهمة تفاصيل لا محل لها من موقع الإعراب..
وأن كل ما تملكه لا يساوي شيئا في حضرة النشاط والحرية من عبودية الألم والضعف.
ستحسد كل من يملك القوة لمتابعة يومه دون دفع من الأدوية..
ستحسد -نفسك- في تلك الصباحات التي كنت تستيقظ فيها وتظن أنك بطول السقف وبقوة 20 حصانا.
لا تدرك معنى الصحة الحقيقي.. إلا بعد أن يمتد بك المرض حتى تنسى كل شيء سواه.
تدرك معناها فقط عندما تذهب.. وتطيل الغياب.

(2)
وجود الأم نعمة خفية لا يدركها إلا من وجد نفسه يوما ما يتيما..
وليس لليتم عمر أبدا..
فقد تغدو يتيما وقد انتصف بك العمر وشاب مفرقك..
ستشعر بالهزيمة ذاتها التي شعر بها طفل فقد أمه في سنواته الأولى.
فغياب الأم من الحياة استقالةٌ للدفء والأمان.
حالةٌ من انعدام الوزن..
مرحلة تشيخ فيها اليوم بأسبوع.. والأسبوع بشهر.
تكتشف بعد ضياع حسها من حولك أنك فقدت الحبل السري الذي كان ينتشلك -بدعائه- من كل أزمة.
وأنك صرت قابلا للكسر مع أقل وقعة.
وأن حب الآخرين لك باهت جدا.. ومنافق ومزيف مقارنة بما كنت تنهله من حب والدتك الصادق.

(3)
في حياتك دوما شخص «يتحملك»
أسوأ أمزجتك في عرفه مقبول.
وزلاتك عنده مغفورة..
شخص يضحك على نكاتك السمجة.
ويتحمل أخطاءك المتكررة.
قد يكون صديقا أو زوجةً أو أخا..
يحبك كما أنت بعيوبك التي لا تُحصى.
ويجد أن بعض عيوبك.. مزايا تُلبسك رداء من الطرافة.
شخص كهذا تستهين به أحيانا لأنك في زمن القوة.. تراه ضعيفا أمامك..
وترى نفسا عملاقا معه..
فإن ما خسرته لأي سبب غشيك الندم.
وتمنيت لو أنك كنت شخصاً آخر معه..
ولو أنك أعطيته حقه الذي بخسته لمجرد أنه كان شفيفا معك..

(4)
لا تدرك قيمة الوطن إلا عندما تغترب..
عندما تتساقط منك أيامك في بعد عن كل ما تحب..
فجأة؛ تتحول عيوب وطنك البعيد لمزايا.
تشتاق لكل ما فيه ومن فيه..
وتستغرب أن شوقك للحجر والطرقات قد يفوق شوقك للبشر!
يومها فعلا تعرف قيمة الوطن.. ومعنى قبور الغربة..
فتتمنى لو عاد بك الزمن وقلت:
نار الوطن ولا جنة الغربة.