التنويع الاقتصادي ودعوة للتفاؤل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٦/أبريل/٢٠١٧ ١٤:١٧ م
التنويع الاقتصادي ودعوة للتفاؤل

شهدت السلطنة خلال الأسبوعين الفائتين عدداً من الأحداث الاقتصادية المهمة والتي تدعو إلى التفاؤل حول تعزيز التنويع الاقتصادي، والذي يعد مطلباً أساسياً للمرحلة الحالية والمستقبلية، وذلك بهدف إيجاد البدائل التي تساهم في عدم الاعتماد على النفط كمدخل أساسي في الدخل القومي وأيضا لضمان الاستقرار المالي والاقتصادي للسلطنة، إذ تم الاحتفال مؤخراً بتوقيع اتفاقية تطوير مصفاة الدقم ومجمع الصناعات البتروكيماوية ووضع حجر الأساس لها بقيمة حوالي 7 بلايين دولار وذلك مع شركة البترول الكويتية إذ يهدف هذا المشروع إلى تنمية مختلف القطاعات الصناعية، ويعد هذا المشروع من المشاريع المهمة التي تبرز المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وتجعلها على خارطة المناطق الاقتصادية على مستوى المنطقة، وليس بعيداً عن الدقم فقد تم الاحتفال أيضا بوضع حجر الأساس لإنشاء المدينة الصناعية العمانية بشراكة عمانية صينية وباستثمارات تصل إلى 10 بلايين دولار، وذلك لتنفيذ عدد من المشاريع من بينها مشروع في الميثانول والسولار وصناعة أنابيب الحفر وإنشاء محطة كهرباء ومشروع مجمع سياحي حي ثمن المتوقع أن تضم المدينة الصناعية حوالي 35 مشروعاً تتوزع بين الصناعات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة ومشاريع بتروكيماوية، وفي نفس الوقت ولتعزيز دور هذه المنطقة الاقتصادية لتشكل رافداً مهماً للاقتصاد الوطني فقد أعلنت الحكومة وعلى لسان معالي رئيس المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أن حجم الاستثمارات الحكومية في البنية الأساسية بالمنطقة ستصل إلى 2,1 بليون ريال عماني ومن المتوقع أن تصل حجم الاستثمارات الجديدة نحو 13 بليون دولار مما يشير أن هذه المنطقة ستحلق بأحلام العمانيين إلى آفاق كبيرة ومتقدمة في مجال تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود، مع تأكيد معالي رئيس الهيئة أن المفاوضات والمشاورات مستمرة حاليا للإعلان عن مشاريع ومدن استثمارية اقتصادية بشراكة مع دول أخرى وهذا هو المطلوب أن تكون طموحاتنا وتطلعاتنا مستمرة لتحقيق المزيد من النجاحات والاستثمارات، وألا تقف عند حدود معينة خاصة إذا أردنا تحقيق إنجازات تستفيد منها السلطنة خلال المرحلة المقبلة.

وفي القطاع السياحي، الذي يعد من القطاعات الحيوية والمهمة تم التوقيع على مجموعة من المشاريع السياحية باستثمارات تقدر بملايين الريالات لتنفيذ مشاريع ومجمعات سياحية مختلفة في عدد من المواقع السياحية، إذ تهدف هذه المشاريع لتعزيز البنية الأساسية لهذا القطاع، والذي يمكن أن يحقق نتائج إيجابية على مستوى مساهمته في الدخل القومي خاصة إذا نجحنا في الاستمرار في تنفيذ المشاريع، واختيار المشاريع الناجحة وإعطاء القطاع الخاص الفرصة في تنفيذ مثل هذه المشاريع، فالمرحلة المقبلة يفترض أن تكون مرحلة القطاع الخاص وبدعم حكومي يتمثل في تقديم المزيد من التسهيلات والحوافز وتبسيط الإجراءات ومحاربة البيروقراطية والحد منها، فمن خلال جلسات ومناقشات البرنامج الوطني «تنفيذ» والذي تم من خلاله تخصيص مساحة كبيرة لمناقشة وبحث أهمية وكيفية الاستفادة من الفرص الموجودة بالقطاع السياحي تبين أن هناك عدم وجود رؤية واضحة من المؤسسات الحكومية في كيفية التعامل مع المستثمرين ومع المؤسسات الراغبة في الاستثمار بالسلطنة، لذلك نجد دائماً التذمر من قبل المستثمرين والشركات سواء في القطاع السياحي أو القطاعات الأخرى على الإجراءات الحكومية لدرجة أننا وصلنا خلال الفترة الفائتة إلى مرحلة الشك في تنفيذ بعض المشاريع التي يتم الإعلان عنها بسبب هذه الظروف، ولكن علينا دائما التفاؤل بالغد خاصة عندما نسمع ونتابع تنفيذ بعض المشاريع على أرض الواقع فهذه بداية ومرحلة جديدة علينا أن ندعمها إعلامياً وتسويقيا ومجتمعياً، بحيث نواصل التسويق والتعريف بالفرص الاستثمارية والتجارية الموجودة لدينا واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وبمشاركة محلية في تنفيذ المزيد من المشايع الاقتصادية وفي مختلف المجالات والقطاعات.

قطاعات أخرى واعدة كان لها نصيب من هذه الاتفاقيات من بينها قطاع النفط والغاز والقطاع العقاري والصناعي ومشاريع الأمن الغذائي ومشاريع في القطاع الزراعي والسمكي وتنفيذ مشاريع مختلفة تعزز من البنية الأساسية كل هذه المشاريع وغيرها من المشاريع المهمة تجعلنا متفائلين بمستقبل أفضل في مجال التنويع الاقتصادي، وإيجاد بدائل تساهم في الدخل القومي ودعم موازنات الدولة خلال الفترة المقبلة فالاستثمار دائما يأتي بنتائج إيجابية إذا تم التخطيط له بشكل جيد، ويبقى الرهان الأكبر أن تتحرك وتتجاوب وتتعاون بعض المؤسسات الحكومية المعنية بالاستثمار والتجارة ومن أهمها القوى العاملة ووزارة التجارة وأن تعزز من دورها في خدمة مؤسسات القطاع الخاص و المشاركة في إنجاح متطلبات واحتياجات الاستثمار بحيث تقف وتساند هذه النجاحات من خلال تبسيط الإجراءات ومعرفة احتياجات المستثمرين وتوفيرها أثناء تنفيذ المشاريع الاستثمارية العملاقة فالنجاح في تحقيق التنويع الاقتصادي يحتاج إلى مزيد من التعاون والشراكة الحقيقية بين مختلف المؤسسات الحكومية، حتى نشهد تنفيذ المزيد من المشاريع الاقتصادية في كافة المجالات وحتى يستمر فينا التفاؤل الإيجابي لتحقيق الإنجازات التي تدعم موقفنا ومكانتنا كدولة اقتصادية ووجهة استثمارية واعدة.